عشرون عاما على وفاة قائد معركة الكرامة مشهور حديثة الجازي

5 نوفمبر 2021
عشرون عاما على وفاة قائد معركة الكرامة مشهور حديثة الجازي

صراحة نيوز – تصادف يوم غد السبت ، السادس من تشرين الثاني 2020، الذكرى العشرون  لوفاة قائد معركة الكرامة، مشهور حديثة الجازي.

ولد المرحوم الجازي في مضارب قبيلة الحويطات جنوب المملكة عام 1928 والتحق بقوة البادية عام 1943، وفي عام 1946 التحق بجناح الثقافة بمركز العبدلي وشارك في دورة تأهيل مرشحين عام 1947.

وبعد تخرجه التحق بكتيبة المشاة الثانية وتولى قيادة كتيبة المدرعات الملكية الثانية ليصبح اول قائد عربي لها في آذار عام 1956، وعين عضوا في محكمة امن الدولة في العاشر من كانون الثاني عام 1958.

واصبح الجازي، أول قائد للواء المدرع 40 الذي شكّله عام 1962.

وتولى المرحوم الجازي قيادة ما عرف بالجبهة الشرقية عام 1965، وبعيد حرب حزيران 1967 كلف بقيادة الفرقة الاولى التي كان لها شرف مواجهة العدوان الاسرائيلي على الأردن ورده على اعقابه حيث كتب لها النصر في معركة الكرامة الخالدة في الحادي والعشرين من آذار 1968.

 

وعين المرحوم الجازي نائبا لرئيس الاركان عام 1968 وتولى مهام السكرتير العسكري الخاص للملك في الديوان الملكي عام 1969، وفي العام 1970 تولى مهام رئاسة اركان الجيش العربي الاردني برتبة فريق ركن.  

ويذكر المؤرخ سليمان الموسى: “أنه في يوم 12 نيسان، ذهب الملازم حمدان صبيح البلوي إلى غزة ومعه ثلاث مدرعات لحراسة قافلة كان اليهود قد اعترضوها في الطريق، وعند وصول القافلة عصراً إلى موازاة دير الشعار بادرها اليهود بإطلاق النار، فردت المدرعات الثلاث على إطلاق النار بالمثل، ألقى جنود العدو عدداً من القنابل اليدوية على القافلة، فانفجرت إحداها بالقرب من السيارة الخفيفة التي كان يستقلها الملازم الثاني عيسى الزعمط، أصيب المرشح مشهور حديثة الجازي أحد ضباط المدرعات الثانية بكدمات في كتفه.

أما الحديث عن معركة الكرامة فقد جاء الهجوم الإسرائيلي مفاجئاً في الساعة الخامسة والنصف من صبيحة يوم 21 آذار 1968م على الأراضي الأردنية بقوة عسكرية كبيرة مدعومة بسلاح الجو والمدفعية، وذلك على ثلاث محاور رئيسة، بغية تحقيق أهداف استراتيجية، تتمثل في احتلال المرتفعات الغربية من الأردن (مرتفعات البلقاء) للوصول إلى عمان العاصمة، لكي يفرضوا على الأردن القبول بتسوية معهم. على عكس ما أعلنه الإسرائيليون أن هدفهم من الهجوم هو القضاء على قواعد الفدائيين في قرية الكرامة.

تصدت قوات الجيش الأردني للعدو، ومنذ الدقائق الأولى أخذت تطلق النار على قواته، وأوقعت بهم خسائر فادحة وقدم الجيش العربي الأردني بطولات رائعة في الدفاع عن حمى الأردن الغالي، مما اضطر إسرائيل لأول مرة في تاريخها العسكري أن تطلب وقف إطلاق النار. إلا أن الملك الحسين رحمه الله رفض ذلك ما دام هناك جندي إسرائيلي واحد شرقي النهر، وقد أجبرت القوات الإسرائيلية على الانسحاب. وقد وصف المرحوم مشهور حديثة الجازي أجواء المعركة ومعنويات جنوده والمقاومة قائلاً: أما عن الناحية المعنوية للمقاتلين، فقد جعلت عودة الروح القتالية للجنود وتشوقهم للانتقام من مغتصب أرضنا المقدسة، ثم تدافع الفدائيين لملاقاة عدوهم الشخصي، إن جاز لي التعبير، جعل الأمر يبدو في غاية الكمال.

ويقول المرحوم مشهور حديثة الجازي في تذكره لنتائج تلك المعركة؛ لم يكن هناك تكافؤ لا في العدد ولا في العدة، ولكن الإيمان والصمود وقرار الدفاع عن الوطن مهما تكن التضحيات، مكننا من تحقيق النصر المؤزر، وقدرنا خسائرهم بحوالي 1200 جندي بين قتيل وجريح، وحوالي 400 إلى 500 آلية و 7 طائرات، في حين كانت خسائر الجيش الأردني في حدود 120 جنديا بين شهيد وجريح، وسقط من الفدائيين الفلسطينيين الذين قاتلوا ببسالة نادرة حوالي مائة شهيد.

ويضيف المرحوم مشهور حديثة قائلاً: أسقطنا مقولة العدو، أن الضابط العربي دائما خلف جنوده..أصبح أمامهم بكل بسالة وشجاعة وقد فرضت على الضباط أن يتواجدوا قدر الإمكان في الإمام، وفي القيادات المتقدمة، حتى يرفعوا الروح المعنوية لجنودهم، وحتى يأخذوا القرار السليم، أيضا هذا الأمر لم يكن متوفراً في أساليبنا وتكتيكاتنا السابقة، إذ يكون القائد في الخلف حوالي 20 كيلومترا في بعض الأحيان، ويتصرف من خلال التقارير والأخبار، نحن خلقنا هذا التكتيك، لأن الأمر بالنسبة لنا حياة أو موت، وأسقطنا استراتيجيات الانسحابات الخلفية، لأن انسحاباتنا تجعلنا أشبه بالمهزومين.

ويضيف: “أن قناعة المقاتل في الإيمان بالله وبالشهادة ساعدت على الصمود وساعدت في تحقيق النتائج الإيجابية الباهرة وانطلقت صيحات (الله أكبر)، وكان عملاً روحانياً ممتازاً بحيث أعطى الثقة في النفس وفي القدرة على النصر… وتحقق النصر كما هو معلوم”.

وفي رسالة وجهها المغفور له الملك الحسين بن طلال إلى مشهور حديثة الجازي يقول فيها: “لقد كنت لي دائماً وستبقى أخاً حميماً وعزيزاً، إن ما قمنا به خلال السنين ليس سوى استمرار للمسيرة التي بدأها آباؤنا وأجدادنا، كنا دائماً صديقين، وقريبين، وعضوين في مجتمع واحد في سيرنا نحو تحقيق أهداف أجيالنا الخالدة”.

ويقول فيه الراحل ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية: “عرفناه أخاً باراً بوطنه وشعبه وأمته، ورجلاً صلب العزيمة والإرادة، يتمتع بحس وطني وقومي رفيع، وتشهد له ميادين القتال بالرجولة والإباء والشمم، في الدفاع عن قضايا أمته العربية المجيدة، وفي الطليعة منها قضية فلسطين العادلة، حيث أبلى هو ورفاقه وجنده بلاء حسنا في معركة الكرامة”.

وقال فيه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة: “كان مشهور حديثه فارساً بطلاً رفع قبل اليوم راية العروبة وشعلة النضال”.

رحم الله الفريق الركن مشهور حديثة الجازي، فقد كان بطلاً في زمن عزت فيه البطولات، وممن سجلوا بعزمهم ودمائهم الطهورة أول ملحمة صمود وبطولة، وأول انتصار عسكري على العدو الذي لا يقهر.

الاخبار العاجلة