الصين: نموذج التنوّع القومي ومساهمته في نهضة الأمة

15 سبتمبر 2022
الصين: نموذج التنوّع القومي ومساهمته في نهضة الأمة

صراحة نيوز – يذكر كتاب الصين الصادر عن دار النشر باللغات الأجنبية في بكين العام 2019، أنه في العام 2014، منح اتحاد النساء الوطني في جمهورية الصين الشعبية، أسرة هو قوانغشو المتكونة من 11 فردًا في قرية ليباي لقومية تشوانغ ببلدة سيشيوي التابعة لمحافظة لونغشنغ الذاتية الحكم في مقاطعة قوانغشي، لقب “الأسرة المتحضرة ذات الصفات الحميدة الخمس في البلاد”؛ باعتبارها نموذجا للأسرة الواحدة المتماسكة والسعيدة التي ينتمي أفرادها، من خلال رابطة الزواج، إلى الأقليات القومية الخمسة التي تعيش في محافظة لونغشنغ ذاتية الحكم.
وتروي قصة هذه الأسرة المتكونة من 3 أجيال (الأجداد والأبناء والأحفاد)، قصة الصين الموحدة والمتعددة القوميات منذ الزمن القديم، والتي تعيش قومياتها وأقلياتها العرقية والدينية في تضامن ووئام وانسجام.
ويذكر الكتاب، أنه بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، أقرّت الحكومة المركزية 56 قومية رسميا بعد التحقيق والإحصاء، وتشكّل قومية هان القوام الرئيسي للصين بنسبة تبلغ أكثر من 90 بالمئة من عدد السكان في البلاد، وتشكل القوميات أل 55 الأخرى النسبة المتبقية من عدد السكان، وتسمّى الأقليات القومية.
ومن هذه الأقليات القوميات، بحسب الكتاب، هناك قومية تشوانغ، منغوليا، هوي، التبت، مان، واليغور وغيرها من القوميات الأخرى، التي تختلف عن بعضها البعض في الأزياء والأطعمة والعادات والتقاليد وحتى اللغات المنطوقة والمكتوبة، ويبلغ عدد الأقليات القومية التي تعتنق الديانة الإسلامية 10 قوميات.
ويتميز التوزيع السكاني الصيني بانتشار أبناء مختلف القوميات في أرجاء البلاد؛ حيث تعيش الأقليات القومية في المناطق المأهولة لقومية هان، بينما تعيش قومية هان في المناطق المأهولة بالأقليات أيضا، ورغم أن تعداد سكان الأقليات القومية قليل، إلا أنه ينتشر بشكل واسع في البلاد إلى جانب انتشاره كذلك في المناطق ذاتية الحكم، حيث يوجد في التقسيم الإدراي للصين اليوم 23 مقاطعة و4 بلديات مركزية ( بكين، وشنغهاي، وتيانجين وتشونغ تشينغ)، ومنطقتان إداريتان خاصتان هما هونغ كونغ وماكاو، و5 مناطق ذاتية للحكم، وهي: منغوليا الداخلية، وشينجيانغ الويغورية، وقوانتشي لقومية تشوانغ، ونينغشيا لقومية هوي، والتبت، وتمثل مساحة المناطق ذاتية الحكم 46 بالمئة من إجمالي مساحة جمهورية الصين الشعبية، علما أن مساحة الصين تبلغ 9.6 مليون متر مربع.
وتتمتع المنطقة الذاتية الحكم بنفس المكانة الإدارية للمقاطعة، والعلاقة بينها وبين الدولة هي علاقة الإقليم بالمركز، فلا تنفرد المنطقة ذاتية الحكم بطبيعة السيادة المستقلة، بل هي جزء لا يتجزأ من الدولة، ولكن تعتمد هذه المناطق على وجود أبناء الأقليات القومية فيها كأساس لها، وتقيم أجهزة الحكم الذاتي المعنية لتمارس سلطة الحكم الذاتي وليكون أبناء الأقليات القومية سادة أنفسهم ويديرون شؤونهم المحلية القومية، وفقا للدستور وقانون الحكم الذاتي الإقليمي القومي وغيره من القوانين.
وتقدّم جمهورية الصين الشعبية، اليوم، للعالم وبعد مضي 73 عاما على تأسيسها، مثالا يُحتذى في كيفية توظيف التنوّع القومي الثقافي في نهضة الأمة وازدهارها وتنميتها، وتحقيق روح الوئام والتضامن والاحترام بين مختلف مكونات أبناء الشعب الذين ينتمون إلى 56 قومية.
ويرى السفير الصيني السابق لدى قطر جاو يوزين، في محاضرة له حول السياسية العرقية والدينية في الصين، لمجموعة من الصحفيين العرب المشاركين في الدورة التدريبية للمركز الصيني العربي للتواصل الإعلامي في بكين، أن الحكومة المركزية في الصين ومنذ التأسيس عام 1949 تضع سياسة صحيحة وسديدة تجاه الأقليات القومية، قائمة على أساس المساواة بين الجميع في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واحترام التنوع الثقافي والمحافظة على الهوية الثقافية والعادات والتقاليد واللغات للأقليات القومية، واحترام إقامة الشعائر الدينية لمختلف الديانات الموجودة في الصين.
واستعرض يوزين خلال المحاضرة مختلف السياسات التي تنتهجها الحكومة المركزية تجاه المناطق التي تتمتع بالحكم الذاتي، موضحا أن هذه المناطق تتمتع بسلطة ذاتية في مجال التشريع والقضاء والتعليم والتوظيف، وإلى جانب ذلك تحرص الحكومة المركزية بالتعاون مع الحكومات المحلية للمناطق ذاتية الحكم تقديم الدعم المالي لها بهدف تنميتها اقتصاديا واجتماعيا وتحقيق الازدهار، كما وترسل العديد من الكوادر والكفاءات للعمل على تنمية هذه المناطق وازدهارها، فضلا عن تخفيض الفوائد على القروض المقدمة فيها.
وتابع، أن هذه المناطق تستفيد من الخطط التنموية الخمسية التي تضعها الحكومة كل 5 سنوات، حيث يتم التركيز عليها في هذه الخطط بهدف تنمية المناطق البعيدة والنائية منها، ويضيف أنه كلما كانت الأقلية القومية صغيرة الحجم يكون الدعم لها من قبل الحكومة المركزية أكبر.
وعلى صعيد التمثيل السياسي في مؤسسات الدولة والحزب الشيوعي الصيني، تحرص الحكومة المركزية على أن يكون هناك تمثيلا للأقليات القومية في المجلس الوطني لنواب الشعب ومختلف المؤسسات السياسية الأخرى، كما تحرص على إعداد القيادات والكوادر وتدريبها ورفع مستواها الإداري والسياسي كما ونوعا في المناطق ذاتية الحكم.
وأشار السفير يوزين إلى أن الحكومة المركزية حريصة على تقديم مزايا تفضيلية لأبناء المناطق ذاتية الحكم انطلاقا من مبدأ توزيع ثمار التنمية بشكل عادل بين مختلف المناطق والمقاطعات في البلاد، فضلا عن حرص الحكومة المركزية في المحافظة على لغات الأقليات القومية من خلال استخدامها في التعليم بالمدارس إلى جانب تعليم اللغة الصينية الرسمية.
وفيما يتعلق بحرية العبادة والمعتقد وإقامة الشعائر الدينية في دور العبادة، أشار السفير السابق إلى وجود الديانات والمعتقدات التالية في الصين، وهي: البوذية، والطاوية، والإسلام، والمسيحية الكاثوليكية، والمسيحية من الطوائف الأخرى، كما يوجد 5500 جميعة دينية وتنظيم ديني من بينها المعهد الصيني الإسلامي الذي يتم فه تعليم القرآن والأحاديث وكل ما يخص الدين الإسلامي.
وأكّد يوزين، أن المساواة وروح التضامن القومي يعتبران حجر الأساس في سياسية الحكومة المركزية لجمهورية الصين الشعبية تجاه الأقليات القومية، وهذه السياسية أثبتت نجاعتها في مسيرة نهضة وتطور وسعادة الأمة الصينية.
يُذكر أن الحكم الذاتي في التقسيم الإداري في الصين موجود على مستوى المناطق، والولايات والمحافظات.

الاخبار العاجلة