صراحة نيوز – بقلم المهندس مدحت الخطيب
(15) أيلول ما اقساك وما اقل وصالك ماتت أمي ومات معها كل شيء ، ثلاثة اعوام مرت على رحيلك يمه ، وما زال الحزن يراوح مكانه، وداعٌ مكتوبٌ بالدموع وصيحات قلب. ما زالت تصرخ الى يومنا هذا يرددها كبيرنا قبل صغيرنا الكل يصرخ وفي داخله لوعة اين امي ؟؟!! اين جدتي !! اين ام حيدر!! اين هذا العطر الرباني الصادق.
اين مهذبتي ومعلمتي وحناني وكياني، اين الجده الحجية ام حيدر صاحبة القلب الابيض ،ام الايتام والارامل ، اين طبيبة القلوب والانفاس، اين صانعة الكلمات بمفرداتها الخاصة ، اين سيّدة المكــان والزمــان، والتفاصيل وما بينهما
وينك يمه يا قبلتنا التي كنا نتقرب الى الله بالنظر اليها، ياروضة الحنان والأمان، ياسيدَة الحب، ياكلَّ الحب، ياسيدةَ القلب كلَّ القلب
عاد ايلول يمه ، بكل ما فيه من حزن ، عاد واعاد معه صورة جسدكِ المسجى بين كفن وتراب وقلبي المقبوض ،عاد ايلول ليشعل ما تبقى من رماد القلب ،عاد ليقتنص دمعة بقيتُ ادخرها بكتابي المؤجل حتى ألقاكي في جنات النعيم فيعود الفرح كما كان بعون الله ،
يمه مازلت أتدفأ ببقايا شيبكِ العالق في مشطك الاسود، وما زلت اردد كلماتك واصف للناس مكارمك، يا ظامئةٌ عروقي وحروفي بعد الله، كثيراً ما اكتب عن هموم الناس عن أوجاعِهم وخَيباتِهم..عن افراحهم واحزانهم، ولكن عندما يتعلقُ الأمرُ بوجَعي تموت الكلمات وتتقاطع الحروف ، ويعجَزُ القلمُ عن المسيرِ نحو الورق !! فصوتَ الألمِ اعمق من ان تخطه الكلِماتِ..
كلما اكتب عنك ينهمر الدمع ويرتجف القلم، وتتسرب الكلمات من ذاكرتي رغم غزارتها فهل بعد فقدان الام معنى للكلمات ..
يمه حالي كحال الاطفال في صفوفهم الاولى يهربون من الواقع الى الخيال ،عندما يشتد بي الحنين اهرب الى وسادتي واغلق كل شي حولي أُمسِكُ بيدِك كما كنت امسكها واقبل تجاعيدها واتنهد فيعود القلب الى دورتة التي فطر عليها سليما كما كان ..كم اشتاق الى قهوتكي ، الى جلساتك، وكلماتك واشاراتك ، لم اعد (التبه) انتبه كثيرا في قيادتي للسيارة ، ولم تعد الطريق بين اربد وعمان كما كانت ،لم يعد لرنة الهاتف نغمة خاصة،ولم يعد للمجالس ما يميزها ..
يمه صدقيني في الموتِ كما في الحياةِ نحتاجُ لكِذبَةٍ برئية كي نَقْوى على البقاء،لا اثم فيها ولا ضرر ، يمه ما أوجعَ الذاكرةَ حين تختاركي انت فقط كل يوم فسبحان من جعل للام مرتبه لا يقترب منها احد..
عهداً علينا يا “صاحبة الشرش والشنبر سنبقى على ما تربينا عليه من صدق وطيبة قلب وحسن خلق، ليبقى ذكرك عطرا الى يوم القيامة على كل لسان ،عهدا علينا يا صاحبة الشرش والشنبر ان لا ننكرَا ودّاً قديمًا ولا ذمةً لمن احببتهم، عهداً علينا يا “صاحبة الشرش والشنبر أن نصون مكانتنا ونذودَ عنها كالرياح المرسله .. عهداً علينا يا “صاحبة الشرش والشنبر سنبقى ندعو لك ولابي ما دامت الدعُوة دائمة
اللهمّ اجعلها في بطن القبر مطمئنّة ً، وعند قيام الأشهاد آمنة ، وبجود رضوانك واثقة ، وإلى أعلى درجاتك سابقة . اللهم اجعل عن يمينها نوراً ، حتّى تبعثها آمنة مطمئنّة في نورٍ من نورك
اللهمّ انظر إليها نظرة رضا ، فإنّ من تنظر إليه نظرة رضاً لا تعذّبه أبداً
اللهمّ أسكنها فسيح الجنان ، واغفر له يا رحمن ، وارحمها يا رحيم، وتجاوز عمّا تعلم يا عليم
اللهمّ اعف عنها، فإنّك القائل “ويعفو عن كثير”
اللهمّ إنّها جاءت ببابك، وأناخت بجنابك ، فَجد عليها بعفوك ، وإكرامك ، وجود إحسانك