صراحة نيوز – بقلم : الأستاذ عبدالكريــم فضلو عقاب العــزام
بـدأ المُفسدون المأجورون يَنشطُـون، و أخذوا يُطِلُّــون برؤوسهم في الآونــة الأخيــــرة، فلربَّما جـاء وقتهـم، و جاء الزَّمـن الذي هُيِّئــوا له. ليُؤدُّوا الخدمــة المطلوبة منهم وقت الطَّلب.
كتبتُ كثيراً عن الوطن و عن شعبه الطيِّب، و كم كتبتُ عن واقع الحال من اللّحمة التي تجمع شعبنا بمختلف أطيافه.
فهذا الوطن كان و ما زال على مدى التاريخ جزءاً من بلاد الشام، و بلاد الشام هي جزءٌ من الوطن العربي الكبير الذي تتجذَّر فيه هذه الأمَّــة العربيـــة؛ مُسلمُوها و مسيحيُّوها على مدى قرون. ولم يكن يوماً مقسوماً بحدود أو يُعيق ساكنيه أي عائق من التنقل بين أركانه من حدود فارس حتى طنجه. وكان الجميع لا يعرف النسب الاقليمي لأي فرد إلَّا إذا أراد التعرف إلى مكان ولادته.
و رغم تبدُّل الدول و تداول الحكم بين جهات و توجهات سياسية مختلفة استمر هذا الواقع على حاله، فكان تجار اليمن والجزيرة يأتون إلى الشام و يقيمون فيها و يأتي حجاج المغرب و يظلون في مكة و المدينة، لا يعودون إلى بلادهم، و كذلك الحال بين كُل الدول العربية المعروفة اليوم.
وعندما جاء الاستعمار الغربي الحديث بعد الحرب العالمية الأولى و قسَّم الوطن العربي إلى دول و دويلات وفق هدف استراتيجي طويل المدى ليبقوا في هذه البلاد قروناً لا سنوات، حاول العرب وضع الحد الأدنى من جمع الشمل، فكانت الثورة العربية الكبرى التي حاولت أن تضع نواة لدولة عربية تجمع شمل الأمة من المحيط إلى الخليج، ثم جاءت بعدها جامعة الدول العربية والتي رغم ترسيخها للحدود بين الدول تُحاول أن تُبقي التواصل إيجابياً بين دولها على الأقل.
ونتيجةً لأهداف المُستعمِر، تعمَّقت الاقليمية والقُطرية، وما زال المستعمرون يدفعوننا لِنَصل إلى المناطقيَّة، و بعدها المدينة والقرية، علَّهم يُعيدوننا إلى حرب داحس والغبراء. عندها ينحصر دورهم بإثارة الفتن و تأليب الأخ على أخيه، والابن على أبيه، وقد صرنا اليوم نشهد من هذا الكثير. كُل هذا لينفردوا بالخيرات ويُنفِّذوا كلَّ مآربهم و أطماعهم.
المستعمرُ عدوٌ للأمم منذُ فجر التاريخ، لأنَّ دوافعه الهيمنة والسيطرة ونهب الثروات، لكن الأمم كلها كانت تقف في وجهه فتكون نهايته غالباً الهزيمة.
إننا اليوم أمام واقع جديد وأمام أساليب استعمارية جديدة غاية في الخطورة. هذا الواقع بدأ يظهر جليَّاً و هو أنَّ المستعمرين باتوا يُجنِّدون أتباعاً لهم من الأمم نفسها؛ فمن العرب نجد عرباً انسلخوا من عروبتهم و لبسوا ثوب المأجورين، و من كُلِّ الأمم كذلك. وليس لهؤلاء المأجورين هدف، إلَّا جني مكاسب هزيلة لأنفسهم أو لزوجاتهم أو لأولادهم يُعطيهم إيَّاها الأجنبي، ليس من ماله و إنما من مال و نتاجات دولتهم، و يظل هذا المأجور مطيَّة للغرباء أعمى البصيرة عن هموم وطنه و شعبه.
لقد جنَّدوا مثل هؤلاء في أمتنا منذ بدأ الاستعمار الحديث و ظلُّوا يجنِّدون جيلاً بعد جيل ويتركونهم خلايا نائمة يوقظونها عند الطَّلَـــب.
وهنا لا بد من السؤال:
لماذا في الفترة الأخيرة بدأ ينشط هؤلاء أو جزء منهم؟ ولماذا بدأوا ينفثون سمومهم المغمَّسة بالعسل؟
لماذا صاروا يبحثون عن مصادر الفتن؟ و عن كل ما يمكن أن يُفسد علاقات المجتمع. ويبحثون عن كل ما يُفسد النشء ويقطع النسيج الاجتماعي.
بعضهم صار يدعو لإقليميات مقيتة بقصد الفرقة و نسي أنَّنا في هذا الوطن، عربٌ تاريخنا واحد منذ كُوِّرت الأرض وقضايانا واحدة نُطالب بحقِّنا ولا يمكن أن نضيِّعه مهما طال الزمن.
ولعل هدف المأجورين و هنا أجزم وأقول أن هدف المأجورين من هذه الفتنة هو بيع قضايانا بسوق النِّخاسة وعلى رأسها قضية فلسطين التي يوظِّفونها لمصالحهم و يُتاجرون بها مُخادعين بدموع التماسيح، وهنا أُخاطب أمتنا العربية في الأردن وفي كل الوطن العربي ” لا تنظروا لدموع عيونهم ولكن انظروا لفعل أيديهم”.
هؤلاء فئة مُستعجِلة تُتاجر بالفتن و هي تعرف نتائجها، لا خوفٌ من الله ولا وازعٌ من ضمير، المهم أن يرضى العلج و يرد عليه المأجور، جاهز سيدي.
وهناك فئات أخرى تعمل على المدى الطويل لها أهدافها التي تتقاطع و تلتقي مع أهداف الفئة السابقة، وجميعهم يتماشون مع مثل الفلاحين القائل ” بِقاقي هنا في الأردن و يبيض هناك خارج الوطن “.
أيُّها الشعب العربي الأردني بمختلف أطيافه، احذروا هؤلاء المأجورين الذين لا يرجون فيكم إلَّاً ولا ذِمَّــــــــة، يلهثون وراءَ سراب المنافع الشَّخصية و حفنة من المال تخطف أبصارهم. يُريدون أن يُلحِقوننا بالحريق العربي ولكن خاب ظنُّهم، خاب ظنُّهم، خاب ظنُّهم.
إننا بمعرفتنا لأحابيلهم، وبوقوفنا في وجههم، و بمواجهتهم بنواياهم الشريرة؛ لِيَعرفوا أنَّنا نعرفها ولا تغيب علينا، وبتكاتُفِنا و لُحمتنا نحمي أنفسنا و نحمي وطننا و نُساعد و إنْ طال الزمن، على جمع شمل أُمَّتنا و تحقيق أهدافها.
احذروا دسائِس المأجورين،
احذروا دسائِس المأجورين،
احذروا دسائِس المأجورين.