صراحة نيوز – بقلم جميل النمري
الوزيران يعرب القضاة (الصناعة والتجارة) ومهند شحادة (هيئة الاستثمار) نثرا أمامنا ورود الأمل بنهوض جديد من بوابة إعادة الإعمار في سورية والعراق. وهذا حلمنا السري منذ بعض الوقت لتحريك الاقتصاد والخروج من الركود الخانق الذي نمر به، لكن الظروف السياسية وتعقيدات النزاع كانت تحجب الأفق، وشخصيا لم أكن ألمح إلا الحذر والتحفظ وغياب التحفز في كل محاولة لاستكشاف الآفاق، لكن زيارة رئيس هيئة الاستثمار إلى منطقة المفرق التنموية قبل شهر ونصف وحديثه عنها كقاعدة ذات حصة مهمة في مشاريع إعادة الإعمار، ثم تصريحات الوزير القضاة عن مشروع المطار والمركز اللوجستي في المفرق، وحديثه أول من أمس في مؤتمر طرق الحرير 3 عن خطة العمل مع البنك الدولي لجعل الأردن منصة رئيسة لإعادة الإعمار في سورية والعراق بعثا الأمل والتفاؤل، رغم أن كثيرين مايزال لديهم شكوك قوية ومبررات لا يمكن تجاهلها.
حسب التصريحات فقد تم توقيع اتفاقية مع شركة “الميناء الآمن” الأميركية لتأهيل مطار المفرق الحالي (قاعدة الحسين الجوية) وهو مطار عسكري، ليصبح مطار شحن إلى جانب مركز لوجستي ضخم في منطقة المفرق التنموية التي تقع على مفرق الطرق الدولية الأقرب إلى سورية والعراق، وسيتم قبل نهاية الشهر الحالي الإعلان رسميا عن المشروع.
يرى المتشائمون أن إعادة الإعمار لا يمكن أن تبدأ قبل الوصول إلى حل سياسي، وهو مايزال بعيد المنال؛ فخريطة الصراع والتداخلات الإقليمية والدولية وعمق الشروخ الطائفية الداخلية تشير الى نزاع مديد لا يمكن توقع نهاياته، لكن وجهة نظر أخرى تسود في الأروقة الدولية ترى أن إعادة الإعمار نفسها ستكون هي نفسها أداة لإسناد السلم وخلق مصلحة ميدانية لتسوية الانقسامات الاجتماعية، وانحسار الميليشيات المحلية التي يلجأ لها السكان بسبب البطالة وانغلاق أفق الحياة المدنية، ويمكن لإعادة الإعمار أن تبدأ بالتزامن، وأن تكون جزءا من نفس العملية السياسية التي ستكون بالضرورة بطيئة ومعقدة، ويمكن تحصيل توافق محلي ودولي على التزام وحماية مشتركة ضمن تفاهمات محددة على إعادة الإعمار، مع انحسار الطرف الوحيد غير المعترف به والذي لم يكن ممكنا عمل أي تفاهمات معه وهو تنظيم داعش الإرهابي. وعلى كل حال فإن التهيؤ لدور رئيس في إعادة الإعمار الآن ليس مبكرا أبدا حتى لو ان عجلة التسوية السياسية ستدور بعد عام.
في أروقة الأمم المتحدة يتم الآن بحث موضوع إعادة الإعمار والوكالات الدولية؛ مثل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN- habitat) وصندوق الأمم المتحدة للسكان (UN –FPA) تبحث وتعد أوراق عمل حول الموضوع، ونحن يجب أن نكون على صلة وثيقة معها، كما هو الحال مع البنك الدولي وتشجيع جعل الأردن قاعدة لعملها، قاعدة تقدم التيسير والتسهيل وكل الخدمات الضرورية.
يتوجب ان نتمتع بديناميكية سياسية كبيرة لنكون شريكين في العملية السياسية، وقد لاحظت بأسف الأداء شديد التحفظ أردنيا على فتح المعابر مع سورية بسبب الحساسيات السياسية لتفسير معنى الخطوة مع أي من الأطراف السورية. أما ترتيب البيت الداخلي فنأمل مرة وإلى الأبد أن لا نهدر الفرصة المتاحة بسبب البيروقراطيات القاتلة، وقد سمعت من مستثمر أردني
عاد من الخارج عن يأسه من إنجاز مشروع في منطقة المفرق التنموية بالذات بعد 3 سنوات من المطاردة العقيمة وراء المتطلبات البيروقراطية الكثيرة. هذه المرة الأمر لا يحتمل هدر الفرصة.