اقتصاديون : الأردن يعاني من غياب سياسة صناعية قادرة على تنويع وتوسيع القاعدة الانتاجية

14 مارس 2020
اقتصاديون : الأردن يعاني من غياب سياسة صناعية قادرة على تنويع وتوسيع القاعدة الانتاجية

 

صراحة نيوز – أكد اقتصاديون ان الصناعة والزراعة والتعليم والابتكار وتمكين الشباب، روافع مهمة لدولة الإنتاج التي تناولها خطاب العرش السامي خلال افتتاح الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة الثامن عشر، وجاءت ضمن أولويات عمل الحكومة للعامين المقبلين.

وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن الأردن وبما يملكه من استقرار سياسي وأمن راسخ والكثير من الموارد الطبيعية وقدرات بشرية، قادر على استقطاب استثمارات نوعية جديدة يمكن من خلالها التغلب على التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المملكة والوصول الى الاهداف وتحقيق دولة الانتاج.

وبينوا أن الأردن ما زال يعاني من غياب سياسة صناعية قادرة على تنويع وتوسيع القاعدة الانتاجية، فضلا عن ضعف العمليات التسويقية والترويجية للمنتجات داخل السوق المحلية وفي الأسواق التصديرية العربية والاجنبية.

وطالبوا بضرورة هندسة الاجراءات والتعجيل بالحكومة الالكترونية وتسهيل آليات استقطاب الاستثمارات والوصول للتمويل وخفض الفوائد وكلف التشغيل وتنويع المنتجات جغرافياً وسلعيا واستغلال الاتفاقيات التجارية وتعزيز أدوات الترويج بالأسواق غير التقليدية.

وتعرف “دولة الإنتاج” بأنها الدولة القادرة على توفير المدخلات بأقل التكاليف واستغلال ما لديها من موارد بصورة كفؤة تضمن لها الوصول إلى مخرجات إنتاجية متنوعة بما يدعم الاقتصاد الوطني ويحقق المنفعة للمجتمع.

نائب رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية الدكتور اياد أبو حلتم، قال إن دولة الانتاج تعني بان نمتلك زيادة بالإنتاج الصناعي والزراعي والخدماتي بما يصب في رفع معدلات الناتج المحلي الاجمالي، مؤكدا ضرورة توضيح تعريف دولة الانتاج وما هي مقوماتها، وكيفية تحويلها لخطة عمل وقياس التقدم فيها.

واضاف ان الوصول الى دولة الانتاج يتطلب بالدرجة الأولى التركيز على الانتاج الصناعي الذي يعاني اليوم من تحديات ومشاكل كثيرة، من ابرزها ارتفاع كلف التشغيل ما يتطلب وضع خطة حكومية واضحة لتخفيض كلفة الصناعة لتصبح تنافسية، “منافسة عادلة بعيدا عن الدعم المادي”.

واوضح ان عناصر الكلف الاساسية بالصناعة الاردنية مرتفعة كأثمان الطاقة وتأهيل العمالة والحصول على التمويل والنقل، مطالبا الحكومات بخطة عمل على المدى القصير لمعالجة هذه التحديات وتجاوزها.

واشار الى ان الاردن يعاني من البطالة الهيكلية، خاصة ان القادمين الى سوق العمل حاصلين على مؤهلات علمية او فنية وتقنية لا تتلاءم مع احتياجات سوق العمل، ما يدفع بالقطاعات الانتاجية وبخاصة الصناعة للتوجه للعمالة الوافدة، داعيا لتأهيل هؤلاء من خلال مشروع خدمة وطن، واعادة النظر بالتخصصات الجامعية والتوجه نحو التعليم التقني والتطبيقي.

ودعا لإيجاد خطة على المدى القصير لازالة التشوهات الحاصلة بالطاقة التصميمية واستغلال الطاقة غير المولدة لخفض كلف التوليد، ودعم القطاع الصناعي بكلف منخفضة كونه من القطاعات الانتاجية.

ولفت الى ان الوصول الى دولة الانتاج يتطلب خفض كلف التمويل المالي المقدم للقطاعات الاقتصادية لغايات تنشيط الاقتصاد الوطني، من خلال خفض الفوائد العالية لتشجيع الاستثمار والتوسع فيه، مبينا ان ذلك يحرك عجلة الانتاج الصناعي والسياحي والزراعي والخدمي من خلال تبسيط الاجراءات وأتمتة العمليات.

وشدد ابو حلتم على ضرورة التقدم اكثر بمجال الحكومة الالكترونية لتسهيل الاجراءات على المستثمرين وتيسير الاعمال، مؤكدا ان دولة الانتاج تشمل كل عناصر الانتاج والموارد الطبيعية والبشرية وتوطين التكنولوجيا وتأهيل الايدي العاملة وسهولة الحصول على التمويل المخفض.

من جهته، دعا الخبير الاقتصادي المهندس موسى الساكت، الى ضرورة استحداث أدوات تمويلية خصوصا ان التمويل يعد أهم عائق أمام المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وآن الأوان لتأسيس بنك متخصص يُعنى بالمشاريع الانتاجية الصغيرة والمتوسطة وتخفيض جميع مدخلات الإنتاج والارتقاء بمنظومة التدريب المهني.

وبين ضرورة الاستثمار الجيد لقطاعات التعدين والزراعة والسياحة باعتبارها من مقومات دولة الانتاج، خصوصا أن الأردن يمتلك الكثير من الخامات اضافة الى المواقع السياحية المميزة.

ودعا الى تحسين القوة الشرائية بتخفيض الضرائب خصوصا ضريبة المبيعات، موضحا انه من دون استهلاك لا يوجد طلب على الإنتاج، وان الصناعة ركيزة الاقتصاد والعمود الفقري لدولة الإنتاج.

وتسهم الصناعة الأردنية بنحو 24 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، و90 بالمئة من صادرات المملكة وترفد احتياطي المملكة من العملات الاجنبية بنحو 9 مليارات دولار سنويا، وتشغل 20 بالمئة من اجمالي القوى العاملة، يعملون في 18 ألف منشأة صناعية منتشرة بعموم البلاد.

وينتج الأردن اليوم منتجات صناعية يصل عددها إلى 1200 سلعة من أصل نحو 5200 سلعة منتجة ومتداولة حول العالم أي ما يعادل نحو 30 بالمئة من إجمالي السلع المتداولة في العالم، ما جعل المملكة تحتل المرتبة 93 بين الدول المنتجة والمصدَرة للسلع.

وتعتبر أثمان الطاقة ،التي تشكل 20 إلى 60 بالمئة من كلف انتاج القطاع الصناعي،في مقدمة المعيقات التي تؤثر على تنافسية الصناعية الأردنية داخليا وخارجيا.

وحددت الحكومة مفهومها لدولة الانتاج بأنها تلك الهادفة لإطلاق طاقات الإنسان الأردني لتحقيق العيش الكريم والوصول لمبدأ الاعتماد على الذات والاستقلال الاقتصادي.

واشار ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الاردن المهندس ايهاب قادري، الى ان عناصر دولة الإنتاج ما زالت تراوح مكانها، فعلى صعيد المدخلات الانتاجية، يجب ان لا تبقى تكاليف النقل داخل مناطق المملكة أعلى من الدول الاخرى، بالاضافة لأسعار الطاقة الباهظة بأشكالها المختلفة، والرسوم والضرائب العالية، وكلها عوامل تؤثر على تنافسية المخرجات الإنتاجية.

وقال المهندس قادري، اننا نمتلك موارد بشرية اثبتت قدراتها الابداعية بشتى المجالات، وبمختلف أنحاء العالم، لكننا ما زلنا لا نستفيد منها بشكل كبير، سواء من خلال ريادة الأعمال، أو حتى بتوفير قوى عاملة كفؤة قادرة على سد احتياجات القطاعات الانتاجية.

واضاف ان الوصول الى دولة الانتاج يتطلب العمل على رفع كفاءة عناصرها الرئيسية الثلاث: المدخلات الإنتاجية والموارد والمخرجات الإنتاجية، مع التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة والقادرة على استحداث فرص العمل واستدامتها، وبمقدمتها القطاع الصناعي المرتكز الأساسي للإنتاج.

ودعا الحكومة الى ان تضع خفض تكاليف المدخلات الانتاجية على رأس أولوياتها من خلال الغاء بند فرق سعر الوقود من فاتورة الكهرباء، وتعرفة الحمل الأقصى خلال فترة الذروة، فضلاً عن تطوير منظومة النقل والإسراع في إقامة الموانئ الجافة، ومراجعة الضرائب والرسوم المختلفة على رأسها ضريبتي الدخل والمبيعات.

واضاف ان مواردنا البشرية تحتاج لتطوير قدراتها، من خلال تأسيس مراكز احتضان الريادة والرياديين، وتطوير مراكز التدريب المهني لتصبح مراكز يتنافس الشباب للتسجيل لديها، فضلاً عن تطوير المنظومة التعليمية.

واوضح ان القطاع الصناعي، يعتبر أساس دول الانتاج وهو الأقدر من بين القطاعات الاقتصادية الأخرى على تحقيق أهداف مشروع النهضة، حيث يسهم بما يزيد قليلا على 40 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي بفضل تشابكه وتحريكه لنشاط عدد من القطاعات الاقتصادية.

ولفت الى ان القطاع الصناعي استطاع قيادة النمو الاقتصادي في البلاد رغم كل الظروف الصعبة والعراقيل التي تواجهه سواء داخليا او خارجيا، بالاضافة لتمكنه من استقطاب ما يزيد على 70 بالمئة من الاستثمارات الجديدة المقامة بالمملكة خلال العقد الماضي، بالاضافة الى كونه الأقدر على التشغيل.

وقال إن التوجه نحو التصدير والدخول الى أسواق جديدة غير تقليدية، واستغلال الفرص غير المستغلة للمنتجات الأردنية ،والتي تقدر بما يزيد على 2ر4 مليار دولار بمختلف المنتجات وللعديد من الدول، هو مفتاح النجاح للقطاع الصناعي.

وبين ان الصادرات هي المحرك الرئيسي لنمو القطاع الصناعي، واذا ما حقق الأردن الاستغلال الأمثل للفرص التصديرية فإنها تستطيع توفير نحو 120 الف فرصة عمل.

من جانبه، اكد المستثمر بالقطاع الزراعي المهندس نضال السماعين، ان كل منتج زراعي اردني يدخل في الدورة الاقتصادية ويسهم بالناتج المحلي الاجمالي هو من اقتصاد دولة الانتاج.

واوضح ان اي صادرات زراعية أردنية الى الاسواق الخارجية، خصوصا اذا كانت مصنعة، تعطي قيمة مضافة عالية تنعكس على الاقتصاد الوطني، مشيرا الى ان قطاع الزيتون والزيت على سبيل المثال يسهم بنحو 130 مليون دينار سنويا باقتصادنا.

ولفت الى أهمية القطاع الزراعي في الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية كمعالجة قضايا الفقر والبطالة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المحاصيل، واستقطاب المرأة للعمل في الإنتاج الزراعي وبالمهن الأخرى المرتبطة به، مؤكدا ان ظهور فيروس كورونا كوباء عالمي يتطلب المزيد من الاهتمام بالزراعة ودعم المزارعين، للمساهمة في توفير الأمن الغذائي الوطني لمواجهة اي اغلاق للأسواق الخارجية وتعطل حركة التجارة.

واكد المهندس السماعين، ان جعل القطاع الزراعي من دعائم دولة الانتاج، يتطلب اعادة النظر بالسياسات الزراعية والتشريعات وإجراء الإصلاحات الجوهرية بالقطاع كأولوية وطنية، لمعالجة جوانب الخلل وفق رؤية شاملة بمشاركة أطراف العمل والإنتاج والجهات والمؤسسات المعنية.

(بترا)

الاخبار العاجلة