الأردنيون يحتفلون بعيد الجلوس الملكي الـ 19

8 يونيو 2018
الأردنيون يحتفلون بعيد الجلوس الملكي الـ 19

صراحة نيوز – في الوقت الذي يواصل فيه أبناء وبنات الأسرة الأردنية الواحدة مسيرة الآباء والأجداد في البناء والإبداع والريادة بقيادة هاشمية حكيمة ومعاصرة، يبرز التاسع من حزيران كمحطة تاريخية مضيئة في تاريخ الأردن الحديث، حيث اعتلى جلالة الملك عبدالله الثاني ، في مثل هذا اليوم من عام 1999، عرش المملكة الأردنية الهاشمية، لتستمر في عهده مسيرة بناء الدولة المدنية الحديثة وترسيخها، وتعزيز سيادة القانون، وتحقيق التقدم والنهضة والإنجاز بشتى المجالات.

وإذ تؤكد هذه المناسبة على دلالات الانسجام والتوافق الوطني وتلاحم القيادة مع الشعب نحو تعزيز المنجزات والبناء عليها، يتطلع الأردنيون إلى عيد الجلوس الملكي التاسع عشر بهمة وعزيمة واقتدار نحو إعلاء صروح الوطن، وصون وحماية مقدراته ومؤسساته، وجعله أنموذجاً في الريادة والإبداع والإنجاز، إلى جانب المضي قدماً مع جلالة الملك جنباً إلى جنب على مواجهة مختلف التحديات والعمل بجد لتحويلها إلى فرص، تمكنهم من الحفاظ على مؤسسات الوطن وإرساء دعائم استقراره، ليبقى الأردن أنموذجا للدولة القوية الراسخة، عبر نموذج متميز من الوحدة الوطنية والعيش المشترك واحترام الآخر، متجاوزين كل التحديات الإقليمية المحيطة، التي لم تزيدهم إلا صلابة وقوة، وصموداً منقطع النظير.

ويأتي يوم جلوس جلالة الملك على العرش، ليجدد الأردنيون شحذ الهمم وتعزيز الإرادة في مسيرة الوطن، التي تحتاج الى سواعد الجميع، باعتبار المستقبل المنشود نحو “الأردن الحديث” تصنعه الإرادة والحرية والمواطن المنتمي لقيادته ووطنه وأمته، لتستمر المسيرة بخطى ثابتة وواثقة نحو المستقبل الأفضل، والحفاظ على تميز الأردن في انفتاحه السياسي والاقتصادي والأمن والاستقرار والديمقراطية وتبني مفهوم التنمية الشاملة بأبعادها المختلفة.

ومنذ اعتلاء جلالته العرش، عمل على ترسيخ مؤسسات الدولة، وتحقيق التنمية بمفهومها الشامل والمستدام، وإرساء أسس العلاقات المتينة مع الدول العربية والإسلامية والصديقة، ودعم مسيرة السلام العالمي وتعزيزها، كما نهض جلالته بمسؤولياته تجاه أمته العربية والإسلامية وخدمة قضاياها العادلة، من أجل تحقيق الأفضل لشعوبها في حياة حرة وكريمة، مستندا إلى إرث هاشمي نبيل ومحبة شعب أبيّ كريم، وتقدير عربيّ وعالميّ لدور الأردن الرياديّ في مختلف الميادين بوجه عام.

وفي الوقت الذي تصاعدت فيه وتيرة العنف والتطرف والحروب في المنطقة، شكل الأردن بقيادة جلالة الملك، نموذجاً للدولة القوية الراسخة، والتي تسير وفق خطط علمية وعملية في مواصلة عملية الإصلاح الشامل، وتقوية النسيج الاجتماعي، وتعزيز المواطنة الفاعلة، وترسيخ مبادئ الديمقراطية والحرية وصون حقوق الإنسان وتعزيز الحوار وقبول الآخر وإرساء مبادئ سيادة القانون.

كما تصدر الهم الوطني والعربي وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، والاستقرار السياسي في المنطقة، ومكافحة الإرهاب والتطرف، ونشر السِلم والأمن الدوليين، وإيجاد حلول شاملة لمختلف قضايا المنطقة ولا سيما القضية الفلسطينية باعتبارها “قضية الأردن الأولى”، والدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ومواجهة القرار الأميركي الأحادي الجانب المتمثل بنقل سفارتهم إلى القدس، باعتباره قرارا يخالف القانون والشرعية، أولويات جلالة الملك عبد الله الثاني خلال الآونة الأخيرة.

وعمل جلالته من خلال جهود مكثفة ودؤوبة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى مختلف المستويات المحلية والإقليمية والدولية، لتحقيق الأفضل للمواطن الأردني ولمستوى دخله ومعيشته، وتحسين نوعية الخدمات المقدمة له، والتخفيف من معاناته في مختلف الظروف، وتوضيح المفاهيم السمحة التي ينطلق منها الدين الإسلامي الحنيف، وتحقيق استقرار المنطقة برمتها، وتعزيز آفاق التعاون بين مختلف الثقافات والشعوب بوجه عام.

كما شكلت قضايا الوطن الداخلية والخارجية سلم أولويات واهتمامات جلالته، والتي طرحت ضمن رؤية ملكية شمولية تهدف إلى تكريس نهج البناء في مؤسسات الوطن والحفاظ على هيبتها، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وتعزيز سيادة القانون وتأكيد العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، في إطار قواعد ومبادئ دستورية مرنة وقابلة للتحديث والإصلاح.

ويواصل الأردن بقيادة جلالته، دوره التاريخي في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، والحفاظ على عروبة القدس وهويتها بدعم وتثبيت أهلها وتعزيز وجودهم، حيث ما زالت القضية الفلسطينية وتأكيد حق الأشقاء الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، في طليعة القضايا التي يحرص جلالة الملك على دعمها وصولا إلى سلام عادل وشامل، يجنب المنطقة والعالم المزيد من الصراعات والحروب.

وحظي الدور الكبير الذي يقوم به جلالة الملك عبدالله الثاني، منذ أن تبوأ سدة الحكم، بتقدير الأوساط السياسية العربية والدولية، لما لجلالته من إسهامات بارزة في دعم التعاون العربي وإزالة الخلافات بين الدول الشقيقة، للوصول إلى استراتيجية تكفل للأمة العربية تعاونها وتضامنها وبلوغ أهدافها القومية، حيث تتسم سياسة جلالته الخارجية بالصراحة والوضوح والدبلوماسية التي تعمل على تعزيز البناء مع جميع الدول، على أسس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النـزاعات بالطرق السلمية.

ويواصل جلالته، ومنذ توليه عرش المملكة الرابعة، نهج والده الملك الحسين، طيب الله ثراه، الذي نذره في خطاب وجهه إلى الشعب في الرابع من شباط العام 1962، عقب ولادته، لأسرته الأردنية الواحدة وأمته العربية الكبيرة قائلا: “مثلما أنني نذرت نفسي، منذ البداية، لعزة هذه الأسرة ومجد تلك الأمة كذلك، فإني قد نذرت عبدالله لأسرته الكبيرة، ووهبت حياته لأمته المجيدة ، ولسوف يكبر عبدالله ويترعرع، في صفوفكم وبين إخوته وأخواته، من أبنائكم وبناتكم، وحين يشتد به العود ويقوى له الساعد، سيذكر ذلك اللقاء الخالد الذي لقي به كل واحد منكم بشرى مولده، وسيذكر تلك البهجة العميقة، التي شاءت محبتكم ووفاؤكم إلا أن تفجر أنهارها، في كل قلب من قلوبكم، وعندها سيعرف عبدالله كيف يكون كأبيه، الخادم المخلص لهذه الأسرة، والجندي الأمين، في جيش العروبة والإسلام”.

وعاما بعد عام، عبر الأردن محطات مهمة في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، حملت في طياتها الكثير من التحديات التي واجهها الأردنيون بعزيمة وتصميم وإرادة، وحمل كل عام في عهد جلالته الميمون هدفاً وطنياً مستنداً إلى مطالب الشعب والقائد في تعزيز الأمن والاستقرار والحرية والازدهار في وطن لم يتخل يوماً عن ثوابت عقيدته وقناعاته ومبادئه، ولم يتوان ساعة عن تقديم يد العون والمساندة لقضايا الأمة وتحقيق الرخاء وإرساء قواعد السلام العادل والشامل.

وشكّل المواطن الأردني، والارتقاء بمستوى معيشته، وتحسين نوعية الخدمات المقدمة له، والتخفيف من معاناته في مختلف الظروف، جوهر الأنشطة واللقاءات والمباحثات الملكية، فضلاً عن توجيهاته المستمرة لتوفير حياة كريمة ومستقبل أفضل للأردنيين.

واستحدث الأردن خلال السنوات الأخيرة، مؤسسات ديمقراطية جديدة لتعزيز سيادة القانون وتطبيق العدالة، أهمها المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، واللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون، كما شهد القضاء في عهد جلالته تطورات إصلاحية مهمة أسهمت في تعزيز دوره النزيه والعادل، فضلاً عن تأكيد جلالته على أهمية دور القضاء في ترسيخ العدالة وسيادة القانون ومكافحة جميع أشكال الفساد وحماية المجتمع، وتعزيز النهج الإصلاحي وحرصه المستمر على دعم الجهاز القضائي واستقلاليته وتعزيز إمكاناته ورفده بالكفاءات المؤهلة والمتميزة.

ووفق التوجيهات الملكية، تم إعداد رؤية الأردن 2025 لترسم طريقاً للمستقبل وتحدد الإطار العام المتكامل الذي سيحكم السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على إتاحة الفرص للجميع وتعزيز سيادة القانون، وزيادة التشاركية في صياغة السياسات، وتحقيق الاستدامة المالية وتقوية المؤسسات.

وتحظى جهود تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية التي تم إطلاقها تحت الرعاية الملكية في أيلول 2016، بمتابعة مستمرة من قبل جلالته ودعمه لتحقيق نتائج تنعكس إيجابا على رؤية ومسيرة التنمية والتطوير التي يصبو لها الجميع، حيث يحرص جلالته على حماية الفئات الأقل دخلا والطبقة الوسطى.

وعلى صعيد مسيرة الإصلاح التي تنتهجها المملكة، شهد العام الماضي خطوات هدفت لتعزيز الإصلاح وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية وإشراك المواطنين في عملية صنع القرار، عبر إقرار حزمة من القوانين والتشريعات الإصلاحية، إضافة إلى إجراء الانتخابات البلدية واللامركزية التي انتجت تمثيلاً شعبياً يعد الأكبر في تاريخ الأردن.

ولتحفيز الحوار الوطني حول مسيرة الإصلاح الشاملة وعملية التحول الديمقراطي التي يمر بها الأردن، نشر جلالته سبع أوراق نقاشية، حيث كانت الورقة النقاشية السابعة، التي نشرها جلالة الملك بعنوان “بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة”، خارطة طريق لتعزيز مختلف الجهود الوطنية لتطوير العملية التعليمية وإصلاحها، انطلاقاً من أهمية التعليم في نهضة الأمم، وبناء قدرات مواردها البشرية لمواجهة مختلف التحديات المستقبلية.

وفي زيارات جلالته المتكررة لجميع محافظات وألوية وقرى المملكة، كان اللقاء بين القائد والشعب أنموذجاً نبيلاً في علاقة متميزة يؤطرها الحرص على تحقيق الأهداف الوطنية والمحافظة على مصالح الوطن العليا، ويحكمها الاتفاق على كل ما من شأنه أن يزيد من منعة الأردن ورفعته، ويعزز ويزيد الانجاز الذي تحقق بجهد الأردنيين والتفافهم حول قيادتهم الهاشمية الحكيمة.

وإذ يقود جلالة الملك مسيرة الإصلاح الشامل بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يحرص على تعزيز المسيرة الديمقراطية وبناء الأردن الجديد، وصولا إلى مرحلة متميزة من الأداء السياسي لحماية الإنجاز الوطني، والدفاع عن قيم الحرية والعدل والمساواة والتسامح واحترام حقوق الإنسان، كما يؤمن جلالة الملك بأن الإصلاح الناجح ليس حدثاً، إنما هو عملية مستدامة تبنى على ما تحقق من نجاحات، وأنه دائرة مفصلية من التغيير، وهذا يعني برامج تربوية تزود اليافعين بوسائل النجاح في الاقتصاد الحديث، ومبادرات في مجال حقوق الإنسان تمكن المرأة والشباب من المشاركة بصورة تامة في الحياة العامة.

ومن منطلق اهتمامه بالشباب، أكد جلالته أن صوت الشباب يشكل قضية أساسية، فهم يمثلون أكثر من ثلاثة أرباع السكان في الأردن، وهم من يتوقعون ويستحقون فرصة لبناء مستقبل إيجابي ومزدهر للوطن والمواطن، فضلاً عن حرص جلالته على استمرار استقباله للشباب واصطحابهم معه في جولاته الخارجية، لتنصهر ثقافاتهم ومنابتهم وأصولهم في بوتقة واحدة وهوية أردنية جامعة قائمة على المواطنة الصالحة، إلى جانب اهتمام جلالته بالشباب كأساس للتميز والإبداع، حيث خصصت العديد من جوائز التميز لهم، والتي تهدف إلى تمكين ودعم الشباب الأردني والعربي من الرياديين الذين ابتكروا حلولاً إبداعية لمواجهة مختلف التحديات الملحّة التي تعيشها مجتمعاتهم على الصعيد البيئي والاقتصادي والاجتماعي.

وبدأ في عهد جلالته الاستثمار الفعلي في التعليم، حيث وسّع الأردن إمكانية الوصول إلى التعليم النوعي، ورفع معايير المناهج المدرسية، وأحدث زيادة في تدريب المعلمين ورفع كفاءتهم أثناء الخدمة، وتوزعت أجهزة الكمبيوتر في غرف الصفوف في أرجاء البلاد، وبدأ تعليم اللغة الإنجليزية في مرحلة مبكرة، إضافة إلى تطوير المناهج وتعميم تقنيات المعلومات والاتصال في النظام التعليمي والتوسع في التعليم قبل المدرسة، وزيادة العناية بالطفولة المبكرة، وتطوير معايير الاعتماد والجودة في مؤسسات التعليم العالي، وتبني خطط تطويرية مهمة للنهوض بالجوانب والأبعاد المختلفة في التربية والتعليم، والتعليم العالي والتدريب المهني والتقني بصفة عامة.

وكانت رؤية جلالة الملك لجعل الأردن بوابة للمنطقة في مجالي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتجارة الإلكترونية، الدافع والمحرك لإطلاق جلالته لمشروع تطوير التعليم نحو الاقتصاد المعرفي للارتقاء بمستوى النظام التعليمي في الأردن لمواكبة المتطلبات والاحتياجات المحلية والإقليمية والدولية، وإيجاد تنمية اقتصادية مستدامة من خلال طاقات أبنائه المتعلمين، والقادرين على المشاركة الفعالة في الاقتصاد المعرفي محلياً وإقليمياً وعالمياً بوجه عام.

وكان التطور الكبير في مجال التنمية الاقتصادية الذي تمثل في انتقال الأردن لمرحلة تحرير التجارة واقتصاد السوق، وزيادة حجم الاستثمار والتطوير الصناعي والتكنولوجي وتوقيع العديد من اتفاقيات التجارة الحرة مع عدد من البلدان.

ونظرا لأثر الأزمات الإقليمية على أداء الاقتصاد الأردني، أطلق جلالته خطة تحفيز النمو الاقتصادي للسنوات 2018- 2022 بهدف استعادة زخم النمو الاقتصادي والاستفادة من الإمكانات الواعدة والمتوفرة للتنمية في الأردن، من خلال وضع برامج اقتصادية ومالية موزعة قطاعياً تعمل على تأطير ملامح الرؤية والسياسات المتعلقة بكل قطاع لمجالات النمو وتضع الأردن على مسار التنمية المستدامة، والوصول إلى اقتصاد قوي ومنيع أمام التحديات الإقليمية والدولية والتقليص التدريجي للاعتماد على المساعدات من خلال الاعتماد على توسعة الفرص الاقتصادية والاستثمارية، وبناء اقتصاد قادر على توفير فرص عمل كافية للشباب والاستثمار في الموارد البشرية، وتطوير المؤسسات الحكومية لتكون أكثر قدرة على توفير الخدمات العامة للمواطنين بكفاءة عالية.

وفي ملف اللاجئين، فقد تحمل الأردن جراء الأزمة السورية تبعات اقتصادية واجتماعية وديمغرافية هائلة انطلاقاً من انتمائه العروبي ونظرته إلى اللاجئين الذين يدخلون إلى المملكة، وإضافة إلى البعد المادي فقد قامت قواتنا المسلحة الباسلة وشعبنا الأبي بجهود جبارة وكبيرة لتوفير الحماية والمأوى لمئات الآلاف من اشقائنا في واحدة من أرقى صور التعامل الإنساني.

ونالت القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، نصيباً وافراً من رعاية واهتمام جلالة الملك، وشهدت قفزات نوعية بالتجهيز ومواكبة أحدث الأساليب العسكرية، إضافة إلى دقة التدريب والانضباط، كما تنوعت الوظائف والأدوار التي أصبحت تؤديها المؤسسة العسكرية الأردنية باعتبارها مؤسسة وطنية تنموية على المستويات المحلية والعربية والدولية من خلال اشتراكها في إسناد جهود المحافظة على الأمن والسلم في مناطق النزاعات في العالم.

عربياً، وضع جلالة الملك خلال استضافة الأردن للقمة العربية في دورتها 28، في 29 آذار للعام الماضي، أمام ملوك ورؤساء الدول العربية مجمل التحديات والقضايا التي تواجهها المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والأزمة السورية وتداعيات اللجوء السوري، ومكافحة الإرهاب والتطرف، والقضايا العربية الساخنة الأخرى كاليمن وليبيا وغيرها، حيث أكد جلالته أهمية تعزيز ومأسسة العمل العربي المشترك، على النحو الذي يمكّن من تجاوز مختلف التحديات التي تواجه المنطقة بما يخدم قضايا الأمة العربية برمتها.

أما دولياً، فقد رسمت لقاءات ومباحثات جلالة الملك في مختلف المحافل الدولية نهجاً واضحاً في التعاطي مع مختلف قضايا وأزمات المنطقة والعالم، حيث كان لمشاركات جلالته الصدى البارز والأثر الواضح، في توضيح صورة الإسلام السمحة، والعمل بتنسيق مستمر مع مختلف الأطراف الفاعلة لمكافحة الإرهاب والتصدي لعصاباته المتطرفة، حفظاً للأمن والسلم العالميين، إضافة إلى الجهود والمساعي التي بذلها جلالته مؤخراً على مختلف الصعد والمستويات لوضع المجتمع الدولي بصورة مخاطر قرار الإدارة الأميركية اعتبار القدس عاصمة لـ “إسرائيل”، والتداعيات السلبية لهذا القرار على حالة الأمن والاستقرار في المنطقة، واستفزاز مشاعر المسلمين والمسيحيين في العالم، وتعارض القرار مع قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية ومدينة القدس بشكل خاص، ومع إطار الحل النهائي للقضية الفلسطينية.

وفي اتفاق تاريخي وقعه الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان في آذار 2013، أعيد فيه التأكيد على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، وأن جلالته هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس الشريف، وله الحق في بذل جميع الجهود القانونية للحفاظ عليها، خصوصا المسجد الأقصى، المعرف في الاتفاقية على أنه كامل الحرم القدسي الشريف.

وشملت مشاريع الإعمار للمقدسات في عهد جلالة الملك، إعادة بناء منبر “الأقصى”، “منبر صلاح الدين”، وتركيبه في مكانه الطبيعي في المسجد في العام 2006، وترميم الحائط الجنوبي والشرقي للمسجد الأقصى، و11 مشروع ترميم وصيانة لمختلف مرافق وأقسام “الأقصى” وقبة الصخرة، كما يواصل الأردن بقيادة جلالته، دوره التاريخي في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، والحفاظ على عروبة القدس وهويتها بدعم وتثبيت أهلها وتعزيز وجودهم، حيث شكل الاهتمام الكبير بالمقدسات الإسلامية في القدس من قبل جلالته، استمرارية للنهج الهاشمي في رعاية المقدسات، وأخذت تلك الرعاية إطارا مؤسسياً تمثل في إنشاء الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة.

واتخذ جلالته مبادئ الإسلام في العدالة والسلام والتناغم والانسجام الاجتماعي والتسامح، مرتكزات أساسية في الأجندة التي تحمل رؤيته لواقع الأردن ومستقبله، والتزم جلالته في كل المحافل الدولية بالدفاع عن الإسلام بصورته السمحة كأحد واجباته كعربي هاشمي واعٍ لخطورة ما ينال حقيقة الإسلام من تشويه، بسبب موجات الطائفية والتطرف والانغلاق التي باتت تشكل خطرا على العالم بأسره.

وعالمياً، هناك إيمان عميق بالدور المحوري والمهم للأردن بقيادة جلالة الملك، في ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وتعزيز الروابط والقيم المشتركة بين الشعوب وتعزيزها، وصولاً إلى عالم أكثر أمناً وقوة، يسوده التعايش والسلام عبر إشراك الجميع في عملية والبناء والازدهار والتطور بمجالاته المختلفة.

وإلى جانب جلالة الملك عبدالله الثاني، تركز جلالة الملكة رانيا العبدالله في جهودها على ضرورة توفير التعليم النوعي وتشجيع التميز والإبداع من أجل تمكين الأفراد والمجتمعات.

وتهتم جلالتها بتنفيذ توصيات الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية التي جرى إطلاقها تحت رعاية جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله وبحضورهما قبل عام ونصف، وتشكل التوصيات بداية لتنمية شاملة للموارد البشرية وتؤطر لعمل القطاعات المعنية بالتعليم، حيث تم إطلاق الدبلوم المهني لتدريب المعلمين قبل الخدمة وتخريج الفوج الأول، ويدرس حاليا في الدبلوم الفوج الثاني من المعلمين والبالغ عددهم 480 معلما، كما يتم حاليا إنشاء كلية مستقلة لإعداد المعلمين وتأهيلهم وتوكل إدارتها وتنفيذ برامجها إلى “أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين”، ومقرها في الجامعة الأردنية، وترتبط بالشراكة مع جامعة دولية متميزة في برامجها الأكاديمية والتدريبية.

وتستهدف الأكاديمية تخريج بين 5000-7000 معلم ومعلمة خلال السنوات الخمس القادمة، إضافة إلى التوسع في التخصصات التي سيشملها الدبلوم المهني بصورة عامة، بهدف تطوير التعليم في الأردن والشرق الأوسط عن طريق توفير البرامج التدريبية وبرامج التنمية المهنية.

وتعمل جلالتها ضمن المبادرات والمؤسسات التي أطلقتها في مجالات التعليم والتنمية، على إحداث التغيير الإيجابي المتوافق مع الأولويات الوطنية والاحتياجات التعليمية، حيث تعتبر مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية حاضنة للبرامج التعليمية الجديدة ولبناء الأفكار التعليمية، حيث أن إحدى أهم هذه البرامج وأكثرها قدرة على إحداث التغيير هي مبادرة “إدراك” التي أطلقتها جلالتها في أيار عام 2014، كأول منصة غير ربحية باللغة العربية للمساقات الجماعية الإلكترونية مفتوحة المصادر، بالشراكة مع “إدكس”، حيث وصل عدد المتعلمين المسجلين حالياً في منصة “إدراك” للتعليم الإلكتروني إلى مليون متعلم من مختلف أنحاء العالم العربي.

وللبناء على الخبرات التي حققتها “إدراك” تم الإعلان عن تعاون بين مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية ومؤسسة جوجل دوت أورغ؛ الذراع المانح الخيري لشركة جوجل، لإنشاء منصة إلكترونية تعليمية باللغة العربية لموارد التعليم المفتوحة والمخصصة لطلبة المدارس والمعلمين في المنطقة العربية، حيث تهدف هذه المنصة إلى توفير تعليم نوعي لملايين الطلبة في الدول العربية، ولا سيما الأطفال المحرومين من التعليم بسبب النزاعات والنزوح.

ويقام تحت رعاية جلالة الملكة رانيا العبدالله وبحضورها، فعاليات ملتقى مهارات المعلمين الذي تنظمه أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين سنوياً منذ عام 2014، ويشارك فيه تربويون من الأردن والدول العربية، ويهدف إلى تبادل الخبرة والمعرفة وإتاحتها للجميع من أجل تمكين المعلمين من تحقيق أعلى درجات المعرفة داخل الغرفة الصفية وخارجها.

ولوضع معايير وطنية للتميز في التعليم والاحتفال بالمتميزين وتشجيعهم، أطلق جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم في عام 2005، جائزة سنوية للمعلم تحت اسم “جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي”، والتي انبثق عنها جائزة المدير المتميز، وجائزة المرشد التربويّ المتميز.

وفي عام 2006 تم إنشاء صندوق الأمان لمستقبل الأيتام بمبادرة من جلالة الملكة رانيا العبدالله، وترأس جلالتها مجلس أمناء الصندوق الذي يهدف إلى توجيه الأيتام فوق سن 18 عاماً، ومد يد العون لهم بعد مغادرتهم دور رعاية الأيتام حتى يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم والمساهمة في المجتمع.

كما تترأس جلالتها المجلس الوطني لشؤون الأسرة الذي أسس بإرادة ملكية سامية في أيلول 2001 بهدف المساهمة في تحسين نوعية الحياة لجميع العائلات الأردنية.

كما ترأس جلالتها مؤسسة نهر الأردن، وهي مؤسسة غير حكومية تساعد الأفراد والمجتمعات الأقل حظاً في الأردن، وتقوم المؤسسة بتوفير التدريب والمهارات اللازمة لعائلات بأكملها لتحسين ظروفها المعيشية.

وفي العام 2005 أسست جلالتها الجمعية الملكية للتوعية الصحية لزيادة الوعي الصحي وتمكين المجتمع المحلي من اتباع سلوكيات صحية، وانشأت جلالتها أول متحف تفاعلي للأطفال في الأردن بهدف إيجاد بيئة تعليمية لخبرات تفاعلية تشجع وتعزز التعلم مدى الحياة لدى الأطفال حتى عمر 14 عاماً.

وأبرزت جلالتها الحاجة الإنسانية الملحة لاستجابة أكثر استدامة لأزمة اللاجئين في الدول المستضيفة، عبر لقاءات صحفية لجلالتها نشرت في أوروبا وأمريكا وفي كلمات شاركت بها في مؤتمرات دولية وعربية.

وبحضور جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، افتتحت جلالة الملكة رانيا العبدالله جلسة “مستقبل العمل: مهارات الغد وتحديات التوظيف” التي جاءت ضمن الاجتماع السنوي للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في مركز الملك حسين للمؤتمرات في أيار الماضي، بكلمة تحدثت فيها عن الدمج بين التكنولوجيا والمبادىء الانسانية في سبيل بناء مستقبل أفضل، حيث قالت جلالتها خلال الجلسة “أن المستقبل الآلي بكل ما سيحمل من تحديات سيأتي محملاً بالفرص، ودور الآلات والروبوت سيكون مسانداً للبشر ولن تحل مكانهم”، كما سلطت جلالتها الضوء على مواضيع رئيسية مثل سرعة وتيرة التغيير.

بترا

الاخبار العاجلة