صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
أطلت علينا صحيفة الرأي ، في الصفحة الاولى ، يوم السبت ٢٠٢٠/٣/١٤ بخبر يُثلج الصدر ، لو صدق ، ولو انه لا يجانب الحقيقة والواقع ، ومصدره مختصر ب (WJP ) . وهذا ذكرني بما يُشاع بين الفينة والأخرى عن حصول الفنانة فلانه او الفنان فلان على جائزة النجمة كذا وال…. الخ ، ويتبين فيما بعد ، بان الجائزة وهمية تصدر من جهة شكلية وان الفنانة تحصلت عليها بمجرد ان دفعت مبلغاً معيناً لإتمام عملية الفبركة .
وهنا أوجز الخبر بما يلي : حَلّ الأردن بالمرتبة الثانية (٢) عربياً والخمسين (٥٠ ) عالمياً من أصل (١٢٨ ) دولة على مؤشر سيادة القانون ٢٠٢٠ ، الصادر عن مشروع العدالة العالمية ( WJP ) ، (( واجتهد واترجمها : World Justice Project ، وأستغرب انها مشروع ، يعني ليست هيئة ، ولا منظمة ، والمشروع عادة لا يحمل صفة الإستدامة ، ويكون له مدة يُنجز خلالها مهمة معينة وينتهي . )) وأعود لاستكمال الخبر : ويقيس مؤشر WJP أداء سيادة القانون في ١٢٨ دولة وسلطة قضائية عبر ثمانية عوامل أساسية : القيود على السلطات الحكومية ، وغياب الفساد ، والحكومة المفتوحة ، والحقوق الأساسية ، والنظام والأمن ، والإنفاذ التنظيمي ، والعدالة المدنية ، والعدالة الجنائية .))
يا سادة يا كرام ، أهل مكة أدرى بشعابها ، والمواطن الذي يكتوي بنار غياب العدالة هو وقودها وهو من يدفع ثمنها . هل يتصور أحد عاقل بأن يلتفت القاريء الاردني الى تقييمات الجهات الخارجية ، حتى لو صحت وصدقت ، وهو يعيش الواقع ، هل يصدق هذه الجهات الغريبة البعيدة عن الواقع ويكذب نفسه !!!؟؟
بداية ، سيادة القانون ما ذا تعني بعيداً عن العبارات والتوصيفات القانونية الفجة ، والجافة ، والجامدة ، ببساطة سيادة القانون تعني : تحقق العدالة . والعدالة بلغة بسيطة تعني : ان يتم تطبيق القانون على الجميع دون محاباة وتمييز ، وان تتساوى الفرص بين المواطنين . فليدلني أحد أين يُطبق هذا في بلدنا !!؟؟
وغياب الفساد ، الذي تمت مكافأة الأردن عليه ليحتل المرتبة الثانية عربياً ، أين ذلك !!؟؟ والفساد قد تمأسس ، وأكل الأخضر واليابس ، ونهب كل مقدرات البلد ، ولم يكتفِ بذلك ، بل حمّلنا مديونية زادت عن (٤٢ ) مليار دولار ، وكل المساعدات الدولية تُنهب قبل ان تصل الى الخزينة ، ولم تتم محاسبة أي فاسد من الفاسدين الكبار الذين أحدثوا الدمار للوطن . وما زال الفساد مُستشرياً ، وقد تمأسس .
أما إنفتاح الحكومة ، فأين هذا الانفتاح !؟ الحكومات الاردنية المتعاقبة لم تكن منفتحة تجاه الوطن ولا المواطن ، ومنذ عقود من الزمن المواطن مُغيب ، ولا يعلم بما يُحاك في الليل البهيم الا بعد ان تقع الكارثة . لان الحكومات الاردنية تتبع سياسية التكتم والتجهيل وعدم الإفصاح لا بل وتلجأ كثيراً للكذب وخداع المواطن مع كل الأسف . ولا يُنكر المتابع الجيد ، ان هناك محاولات جادة ومُضنية لوزير الإعلام الحالي أمجد العضايله ، لإعادة الأمور الى الصواب ولو جزئياً ، حيث يحاول ان يتفنن بمهنيته المعهودة ، وطيب محتده الذي يرده عن الانجراف والانحراف كما غيره ، وأكاد أجزم بانه يعاني ويعمل في ضنك .
يقال : انه حتى الظلم اذا ساد وتم تطبيقه على الجميع فانه عدل ، والعبرة هنا هو التطبيق على الجميع دون إستثناء او تمييز ، لانه في العموم فان الناس يميلون وينشدون العدالة في التطبيق على التدقيق في النصوص . وللعلم فان هناك فرق بين العدل والعدالة ، فالعدل : مرتبط بالدور الاجتماعي للقانون ، أي المساواة عند تطبيق القانون بين الأشخاص والحالات . أما العدالة فانها تعني : الإنصاف الذي توفره القاعدة القانونية .
كما تطرق التقييم الى الحقوق الأساسية ، والنظام والأمن ، والإنفاذ التنظيمي ، والعدالة المدنية ، والعدالة الجنائية . ولتعذر تفنيد كل الأسس التي ارتكز عليها التصنيف لتتبوأ الأردن المرتبة الثانية عربياً والخمسين عالمياً ، ارتكز الى حصافة وذكاء القاريء المحترم فلدى كل واحد عشرات ان لم يكن مئات الأدلة التي تنفي ذلك ، وذلك لتعذر اشتمال الكل بمقال .
وأختم ، بانه من العيب على أي دولة مهما صغُرت جغرافيتها وديموغرافيتها ان تلجأ لأسلوب الفن والفنانين ( مع كل الاحترام للفن والفنانين ) لِتقنع مواطنيها والعالم بصحة نهجها ، وعدالتها ، وإنصافها ، وشفافيتها ولانها تسير وفق المعايير الدولية الراقية التي تطبقها دول العالم المتحضر المحترم . كفاكم زيفاً وكذباً واستهجاناً بالوطن والمواطن ، لكن لا تنشروا غسيلكم القذر عالمياً ، لان العالم يعي ويعرف ولا ينخدع ولا ينطلي عليه زيفكم وسخفكم . ( خلّوا ) عارنا ومثالبنا بيننا .