بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
قبل اكثر من قرنٍ من الزمان ، قال المتنبي : مَنْ يَهُنْ يَسْهُلُ الهَوانُ عليه / ما لِجُرْحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ ، وكذلك قال : لا إفْتِخَار إلا لِمنْ لا يُضَامُ / مُدْرِكٍ أو مُحاربٍ لا يَنامُ . المشكلة أننا نحن المشكلة ، المشكلة فينا ، المشكلة نحن أوجدناها ، الكارثة تكمن فينا ، النقص فينا ، الضعف فينا ، الهوان توطن فينا ، الخلل ، لا بل الإختلالات المتعددة ، المتشعبة ، المتداخلة ، المتراكمة ، المعقدة ، المستعصية على الحلّ ، كلها تكمن ، وتسكن ، فينا حتى هُنّا وإستكنا ، وإستسلمنا .
إنبرى رئيس وزراء العدو ، وتجرأ وقال في مهرجان انتخابي لحملته الانتخابية ، بانه سيعمل على ضَمّْ منطقة الأغوار الفلسطينية الى الكيان ، فيما لو فاز في الانتخابات القادمة ، وقامت الدنيا ولَم تقعد ، وكلٌ هلل وكبّر ، وتوعد ، وأرعد ، وأزبد . هَوِّنْ عليك عزيزي القاريء ، على رِسْلِك ، لا تنتفض ، لا تبتئس ، لا ترتجف ، ليس هناك خطر مُحدق ، ولا مُصاب مُمحق ، ولا حاجة لأية إستعدادات ، ولا تحضيرات ، ولا حاجة حتى للهروب ، لان كل ما في الأمر ، إنفعال سطحي ، إفتعال الجبناء للانفعال ، ستنتهي هذه السيوف المُشرعة ، بكلمات ممجوجة ، مكررة ، حفظها الأطفال عن ظهر قلب ، لدرجة ان أي طفل في الشارع اصبح مؤهلاً وقادراً على إطلاق تصريحات الشجب والإستنكار ، والرفض ، عن أعتى ، وأقسى ، وأخطر المواقف حتى التي يمكن ان تهدد الوطن في وجوده وكينونته .
أشفق على عزيزي القاريء ، من ان أكرر بضع من العبارات المعتادة ، حتى لا أُشعره بالقرف ، والاشمئزاز واللعيان ، لانه يكفي القاريء ما يكابد ، ويعاني يومياً من جور ، وقهر ، وفقر .
الكيان الاسرائيلي قام على إغتصاب الأرض ، منذ عام ٤٨ ، وبعدها قضم الضفة الغربية عام ٦٧ ، وبعدها ، ضمَّ القدس ووحدها كعاصمة أبدية ، وأصل القرار اتخذه الكونجرس الامريكي عام ٩٤ ، وكان يتم تأجليه لستة شهور عند إنقضائها ، ماذا فعلنا خلال ربع قرن ، وقبل ان يتم تطبيقه !؟ وبعدها ضم الجولان السورية ، وها هو ينوي ضم الأغوار الفلسطينية .
هذا الكيان لديه مشروع وضعه عباقرة وعلماء وخبراء ، وجهابذة ، ودُهاة السياسة الصهيونية منذ مؤتمر بال في سويسرا عام ١٨٩٧ وضمّنه بروتوكول حكماء صهيون ، والمخطط يسير حسبما رسموا ، وهم ينفذون الخطة تلو الاخرى حسب توفر المتطلبات الضرورية للنجاح ، واهم متطلب يتمثل في الكثافة السكانية ، وعامل كَسب الوقت ، لانه ليس من المنطق ، لا بل سيقود الى الفشل اذا إحتلوا أراضٍ وتُركت فارغة ، هم يتمددون ، ويتوسعون ، وينتشرون ، بصمت مثل السرطان ، ونحن لا نجني الا الخُذلان ، والهوان ، والخسران .
أطل المحللون علينا وقالوا بان ما قاله ليس اكثر من تصريح في حملة انتخابات ، ولَم يتنبهوا ، بان ممثلي عدد من الأحزاب الصهيونية طالبوه فوراً بانه مطالب باتخاذ الإجراءات التنفيذية ، وما عدا ذلك لا يُعتد به . لو انهم يحسبون لنا ادنى حساب ، او لو أنهم يعبأون بنا ، هل يتجرأ على مثل هذا القول !!؟؟
العدو يعتبر نفسه مازال في بداية مشروعه الصهيوني التوسعي ، يعتبر نفسه في مرحلة التأسيس ، ويتوسع ، ويتمدد ، ويقضم ، حسبما هو مخطط له ، وبعد تصفية القضية الفلسطينية ، سيقضم الأردن ، ويصفي قضيته ، وسيستمر في التوسع حسب مقتضياته ، ويعرف انه لا رادع له ، ولا عائق أمامه لتنفيذ مخططاته ، وسنكون نحن سكاناً من الدرجة العاشرة المُحتقرة نعيش في ظل ، ورعاية ، وعناية ، وكنف الكيان . وها نحن غارقون في همومنا ، ولقمة عيشنا ، ومكابدتنا لفساد ، وضيق عيش ، وهدر كرامة ، وهل تبقى كرامة اذا أُهين المعلم الذي يفترض انه من يُعلم الأجيال الآنفة ، والكبرياء ، ويزرع فيهم الكرامة !!؟؟فاقد الشيء لا يُعطيه ، وهنّا على أنفسنا ، فأصبحنا في هوان ، والوطن غرقان .
أشكي من أوصلونا الى هذا الهوان للواحد الديان .
للعلم هذا ليس استسلام ، هذا تجسيد للواقع حتى لا نُلام وونؤخذ على غفلة ونحن نيام وغارقون في الأحلام .