قد تتسبّب تلك الإشاعات الكاذبة في شيوع الفوضى في المجتمع، ولا يكاد يخلو مجتمعٌ من المجتمعات من هذه الآفة وإن كان هناك عوامل تساعد وتشجّع عليها، فما هي الإشاعة ؟ وكيف عالجتها الشّريعة الإسلاميّة ؟.
تطلق الإشاعة على كلّ كلامٍ يشاع بين النّاس من دون التثبّت من مصدره أو معرفة مدى صحّته من كذبه، فيكفي ناشر الإشاعة أن يتلقّاه الناس بالسّمع ليقوم بنشرها بين النّاس وكأنّها خبر به مصداقيّة أو حقيقة، وقد تستهدف الإشاعة الفرد من خلال تشويه سمعته كالإشاعات التي تستهدف أعراض النّاس وحرماتهم، وقد تكون الإشاعة على مستوى الدّولة والمجتمع من خلال الإشاعات التي تستهدف نشر الفوضى والبلبلة في المجتمع وإحداث مشاعر الخوف والرّعب فيه لتحقيق مآرب دنيئة ومثال على ذلك الإخباريّات التي تصدر بين الحين والآخر من أناسٍ بادعاء وجود قنبلة في مكان ما ولا يكون لهذا الخبر أي دليلٍ أو حقيقة على أرض الواقع.
علاج الإشاعات في الإسلام
حارب الإسلام مشكلة الإشاعات والأخبار الكاذبة من خلال وسائل عديدة نذكر منها: حثّ المسلمين على حفظ اللّسان وقلّة الكلام، فقد ذكر النّبي عليه الصّلاة والسّلام فضائل قلّة الكلام في أكثر من مناسبة، ففي الحديث الشّريف (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)، وفي الحديث الآخر قوله عليه الصّلاة والسّلام : (المسلم من سلم المسلمون لسانه ويده)، فالمسلم مأمورٌ إذن بأن يحفظ لسانه عن الخوض في أعراض النّاس ومنهيّ عن كثرة الكلام؛ لأنّ كثرة الكلام هو مظنّة الزّلل والخطأ، وفي الأثر (من كثر كلامه كثر خطؤه، ومن كثر خطؤه كانت النّار أولى به). التأكيد على أنّ سلامة الإيمان وحسن الإسلام تكون من خلال الصّمت أو الكلام بالخير، وفي الحديث (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت). حثّ المسلمين على التّثبّت من الأخبار التي يسمعونها وتبيّن حقيقتها وصدقها من كذبها، قال تعالى: (يا أيّها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، فالتّثبت مطلوبٌ؛ لأنّه يدرأ الفتنة عن المسلمين ويحمي أعراضهم. حث المسلمين على الظن ببعضهم البعض خيراً، وقد اشتملت سورة النور على كثير من الآداب الإسلامية في ذلك. وضعت الشريعة الإسلامية حدوداً وعقوبات لحفظ الأعراض ومن ذلك حد قذف المحصنات الغافلات واعتبار ذلك الفعل من الكبائر المقترنة بوعيد الله تعالى.