الإعتداء .. على الأطباء

21 مايو 2019
الإعتداء .. على الأطباء

صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه

الطبُ مهنة إنسانية ، نبيلة ، راقية ، ومهامها وواجباتها ، والمطلوب منها ، ومحورها ،يتعلق بحياة الانسان ، ومعالجته وتخفيف آلامه ، وشفائه من الأمراض ، لذلك لهذه المهنة الانسانية الراقية قُدسية خاصة ومتميزة ، وعليه يحظى الأطباء باحترام ، وتقدير ، وتميز ، وتمييز ، يرتقي على كافة المهن رغم أهمية كل المهن لاستمرار وتطور الحياة البشرية .

الملاحظ في بلدي الحبيب ، خلال البضع سنوات الماضية انتشار ظاهرة الاعتداء على الأطباء خاصة في المستشفيات الحكومية ، وما لفت نظري ، السطحية في التعامل مع هذه القضية ، على المستوى الرسمي الحكومي وخاصة وزارة الصحة ، وكذلك السطحية في تعامل نقابة الأطباء مع هذه المشكلة التي انتشرت وتكررت كثيراً لدرجة انها تكاد تصبح ظاهرة . حيث تنحصر ردة الفعل من كل الجهات بالشجب والاستنكار ( كعادتنا البالية للتخلص من البَليّة ) ، ثم الوقفات الاحتجاجية ، وتتوج بزيارة المسؤولين ذوي العلاقة للطبيب ، وعمل لقاء صحفي معه ووجهه مشوه كدليل على الاعتداء وعدم احترامه على المستوى المهني والشخصي .

ارى انه من الضروري دراسة الأسباب التي أدت الى تكرار حدوث هذه الظاهرة ، ومعرفة انعكاسات الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتردي الخدمات الصحية ، فأصبح المجتمع بشكل عام موتوراً ، ويميل الى العصبية والعدوانية والانتقام من اي إنسان ، كردة فعل على معاناته الحياتية . إضافة لذلك علينا ان نعترف بان البيئة الوظيفية للأطباء ليست صحية ، ولا تبعث على التميز في العطاء ، لأسباب أهمها : كثرة المرضى والمراجعين ، حيث يمثل عدد المرضى لكل طبيب أضعافاً مضاعفة للمقاييس العالمية ، ولقدرات الطبيب ، مع محدودية او نقص عدد موظفي القطاع الطبي المساند .. الخ فيصبح الطبيب متوتراً ، ومشوشاً ، وغير قادر على التركيز ليرتقي بعطائه ، وليعطي مريضه الوقت والاهتمام الكافي .

أما من ناحية المرضى ومرافقيهم فيصعب حصر الصعوبات والمعاناة التي يعانونها والتي أهمها : الانتظار الطويل ، في حين ربما تكون حالة المريض صعبة او حرجة فعلياً ، او حسبما يعتقد أهله ومرافقيه ، هذا إضافة الى عدم توفر الكادر الطبي المساند المساعد للطبيب ، ليقوم بدور تهيئة المريض للفحص والمعالجة وخلافه ، كما ان كثرة المرضى ، والفوضى تؤثر على عطاء وتركيز الطبيب ، فربما تصدر منه تصرفات يراها او يفسرها المريض ومرافقيه بعدم إعطاء الاهتمام اللازم لمريضهم ، عندها ماذا نتوقع من الطرفين غير الصدام ، غير الحضاري ، الذي يعكس عدم تحضر مجتمعنا !!؟؟

وهنا أقترح بعض الحلول ، كلها ممكنة التنفيذ ، وقابلة للتطبيق ، لو لم تُنهب ، وتُسرق مقدرات الوطن المبتلى بالفاسدين ، عديمي الذمة والضمير ، بداية لابد من ان تقوم وزارة الصحة بدراسة شاملة لاحتياجات المستشفيات والمراكز الصحية ، وتوفير كل ما يلزم من الكوادر الطبية والمعدات الطبية والأدوية اللازمة ، واعلم ان ذلك غير قابل للتطبيق في وطن منهوب ، لكن ارى ضرورة عقد دورات للأطباء لتأهيلهم للتعامل مع هذه البيئة غير الصحية في وزارة الصحة ، والأهم ضرورة إعطاء الأطباء دورات في كيفية التعامل مع المرضى ، وكسب ثقتهم ، وودهم ، واحترامهم ، وإمتصاص غضبهم ، وإنفعالاتهم ، والتهدئة من روعهم وخوفهم من الحالة الصحية التي يعانون منها . 
الطبيب يكون تحت ضغط العمل ، والمريض تحت ضغط الالم والمرافقين تحت ضغط الخوف على مريضهم ، وهذا يحول الموقف الى بؤرة إشتعال تتوافر فيها كل عناصر الشجار .

كلي ثقة بان إخضاع الأطباء الى الدورات المشار اليها اعلاه ، سيخفف من هذه الظاهرة بشكل ملحوظ ، بعدها يتم التحدث عن العقوبات الرادعة ضد كل مستهتر ، يحاول ان يمتهن ويتعدى ويجرح كرامة وكبرياء الأطباء والكادر الطبي .

الاخبار العاجلة