صراحة نيوز – بقلم: اطراد المجالي
الصورة الاولى، لحقيبة مدرسية يشطب صاحبها اسم مؤسسة الدعم حرجا من اقرانه في الصف، اما الثانية فتاتي من ابن الشهيد الحويطات يشوح بوجه عن الكاميرا التي تم تجهيزها لتسويق دعمه كابن شهيد من قبل احدى المدارس، اما الصور الاخرى المقيتة المشابهة فقد اصبحت كثيرة جدا لدرجة انك تكاد ان لا تسب صانعيها فحسب بل ان تتقياهم وافعالهم. فالجمعيات التي اكثرها بالاصل تتذلل هنا وهناك للحصول على الدعم تجد صور منتسبيها ببذلاتهم الفاخرة وبصحبتهم بعض الشقراوات لاجل اكمال صور الاستعراض يبتسمون مرات ويتباكون مرات اخرى وهم يسلمون بعض المحتاجين احتياجاتهم ويتبعون تلك الصدقة بالمن تشهيرا بالناس واشباعا لغرائزهم الاستعراضية.
ماذا حل بنا؟ لماذا اصبحنا هكذا؟ اتذكر وانا منسقا مسؤولا لاحدى مشاريع التنمية بمؤسسة الملكة نور الحسين بالتسعينات وعندما كنا نقوم بزيارة للمناطق النائية نتفقد انفسنا من حيث اللباس والشكل حتى لا يحس الناس باننا نحتلف عنهم وحتى لا تجرح مشاعرهم ويشعرون اننا متكبرون عليهم، والشيء بالشيء يذكر فقد قامت احدى الزميلات سامحها الله بسكب” كاسة” من الشاي تم تقديمها لها في احدى القرى لانها لم تستسيغ شرب الشاي بكاسة مكسورة نسبيا، فقامت عليها الدنيا ولم تقعد منا نحن زملائها اولا قبل الناس، ولا اتحدث عن نفسي وزملائي فكل المجتمع انذاك لا يرحم عندما تتعلق الامور بكرامة الناس. فماذا حل بنا؟.
قال تعالى ” ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى”، انها تبطل، فهل انتم قاصدون؟، كان الناس يعترفون بالمتصدقين، واذا جاهر الناس باسمائهم يكاد اولئك المتصدقون ان ينكرون انهم تصدقوا خوف الاذى وضياع الاجر، فما بال الناس اصبحوا لا يبالون بالم الاخرين، ايعلم المؤذي المتصدق الالم الذي يكتنف طفلا بريئا اوامراة مكسورة او رجلا مقهورا من العازة. هل اصبحت كل اعمالنا تسويقا ونفاقا، ماذا حل بنا؟
االله الرزاق، كفو ببذلاتكم واموالكم وعاهراتكم عن المحتاجين، فالذي ابتلاهم بهذا لانهم قادرن على تحمله قادر على ان يضعكم مكانهم. قال الشاعر: واذكر فضيلة الله ان جعلت اليك لا الى الناس حاجات، فقد كان السلف الطيب الصالح يعطرون دراهم الصدقة لانها على حسب ايمانهم تنزل بيد الله قبل المحتاج. فاتقوا الله. ولو اني اعلم تمام العلم بان من يفعل ذلك من المستعرضين هم الرذائل وقليلي الخبرة والساقطين علينا بمظلة ليس لهم منها ولا من اجرها خير. فالخير في اردننا شخوصا ومؤسسات يحتاج الامر عندك بحثا وتحريا لمعرفة فاعل الخير هنا او مؤسسة الدعم هناك فهم يعلمون معنى الصدقات ومساعدة الاخرين ويقدرون ذلك جيدا فلا تعرفهم الا من افعالهم الطيبة وليس كالمستعرضين بصورهم وعهرهم.