صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
عندما تنتهي أزمة معينة في دول العالم المتحضر، تقوم بعقد اجتماعات لدراسة حيثيات تلك الأزمة، لمعرفة ما شابها من أخطاء، والاستفادة منها في تجنب الوقوع بمثلها مستقبلا. وقد واجه الأردن في السنوات الماضية العديد من الأزمات، منها ما هو سياسي، أو اقتصادي، أو اجتماعي، أو أمني. بعضها كان يحتاج لإجراء طويل الأمد، وبعضها الآخر كان يحتاج لإجراء فوري. ومع الأسف أننا في الأردن لا نتّبع أسلوب الدول المتحضرة في دراسة ما يقع من أحداث، واستخلاص الدروس والعبر للاستفادة منها مستقبلا. بل ما زلنا نمارس أسلوب الفزعة التي تحكم ردات الفعل عند كل حادث.
لقد أنشأ الأردن في أواخر العقد الماضي مركزا أطلق عليه اسم : ” المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات ” كلف مئات الملايين من الدولارات، وشُرّع له قانون خاص يحدد واجباته وينظّم أعماله والتي من أهمها : معالجة الكوارث الطبيعية، التعامل مع الأحداث التي تهدد الأمن الوطني، معالجة القضايا التي تُحدث الخسائر بالأرواح والمرافق العامة والممتلكات، وتؤثر على الاقتصاد والرفاه الاجتماعي، وسلامة البيئة والصحة العامة. ولا شك بأنها واجبات هامة وعظيمة إذا ما تم تطبيقها بصورة فعلية.
ولكن مع الأسف أننا لم نلمس من هذا المركز أية ممارسة تتعلق بتطبيق تلك الواجبات عند وقوع الأزمات في الأردن كما يدل عليه اسمه. ولهذا ننسى وجود المركز في الأحوال العادية، ولا نتذكره إلاّ عند وقوع أزمة معينة ما فنتساءل : ما ذا فعل المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات تجاه هذا الحادث ؟ إلاّ أننا لا نجد إجابة للسؤال سوى الصمت المطبق. فنصل حينها إلى قناعة بأن المركز إضافة عددية للمؤسسات الخاصة، التي تشكل عبئا ثقيلا على موازنة الدولة بلا مردود نافع، وأنه ليس إلاّ ديكورا للاستعراض، والتغني بأن لدينا مركزا لا مثيل له في منطقة الشرق الأوسط.
وقعت لدينا في الماضي القريب حوادث عديدة، منها ما هو اقتصادي مثل قضية مصنع الدخان، وما سببه من خسائر على الاقتصاد الوطني. ومنها ما هو سوء استغلال للوظيفة كما حصل في مستشفى البشير، حيث جرى التوظيف الوهمي لِ 700 شخص دون ممارستهم العمل فعليا. أما على الصعيد الأمني فهناك حادث خلية السلط الإرهابية، التي ذهب ضحيتها خمسة من رجال الأمن العام. وفي جميع هذه الحوادث وما سبقها من حوادث، لم يكن للمركز الوطني أي دور بارز فيها.
وقبل أيام وقعت كارثة البحر الميت المؤسفة، التي أودت بحياة 21 طفلا بريئا. وكانت محطات التلفزة قد أذاعت بأن رئيس الوزراء ومدراء الأجهزة الأمنية، كانوا متواجدين في موقع الحادث. ولم نعرف من الذي كان يدير عملية الإنقاذ، هل هو رئيس الوزراء ومدراء الأجهزة الأمنية بصورة مشتركة، أم جرت الإدارة بصورة فردية ؟ ثم لم نسمع للمركز العتيد أي فعل أو ردة فعل خلالها، ولم يجرِ تشكيل خلية أزمة للسيطرة على العملية وإدارتها، بل كان الغموض والارتباك سيد الموقف