صراحة نيوز – بقلم خالد الاسمر الازايدة
عندما القى الرئيس الامريكي بيل كلينتون خطابا امام ناخبية في حملته الرئاسية الثانية ووصف الركود الاقتصادي الذي كانت تمر به الولايات المتحدة الامريكية في ذلك الوقت ( بالركود الاقتصادي العظيم) ، لم يكن يمدح او يمجد هذا الركود الاقتصادي ، ولم يحاسبه الناخب الامريكي بعدم التجديد له لفترة رئاسية ثانية بموجب الفهم الحرفي للكلمه ، ولكنهم استشعروا ان هذه السقطة قد افصحت عن ما يختلج في نفس الرئيس من شعور بعدم قدرته على وضع خطط تكبح جماح هذا الركود الاقتصادي ، فهو عظيم وقدرته لا تصل الى درجة مواجهة الرئيس له ، وكان ان الناخب الامريكي لم يصوت لكلنتون لفترة رئاسية ثانيه.
اما في حالتك انت امام تدحرج الرؤوس فان المواطنين الاردنيين يعلمون من جماليات اللغة العربية ما لا يعلمه معاليكم ويجيدون استعمالها ويعلمون مجازها ومرسلها ، ولكن لما كانت الكلمات و المفردات هي تجسيد لواقع الانعكاس المعرفي ، ووسيلة الافصاح عن المكنون الثقافي لدى المتحدث ، فاننا وفي هذه الحالة امام موقف يبنبئ عن واقع المعرفة والثقافة المتأصلة في زوايا نفس المتحدث ، فلو استعملت مفردات الورود والشفق والطبيعة لكنت حالما رومانسيا ، ولو استعملت مفردات القانون و الاجراءات الادارية والمحاسبة الشفافة لكنت واقعيا ديمقراطيا في النهج و الاسلوب ، غير انك يا معالي الوزير ذهبت الى النهج الحجاجي الثقفي فكشفت عما يدور في ثناياك الذهنية من حالة عرفية استبدادية ، واتضحت معالم العرفية والاستبدادية في مفردات لغتك وانت تخاطب من هم دونك في المرتبة الوظيفية عندما استخدمت مفردات تدحرج الرؤوس لتخبر عن حجم الويل والثبور وما ينتظر هؤلاء المخالفين من عقاب ووعيد ، حتى بتنا نرى كل عقاب حتى وان تجاوز في حدة الجرم مباح طالما لم تتدحرج الرؤوس .
ان هذه الردود والتعليقات التي تقرأها وتسمعها يا معالي الوزير ليست كما حاولت ان تبرر في ردك عليها بانها ثقافة مجتمعية سطحية تأخذ المفردات على معناه الحرفي ولا تكترث بمدلولات مجازها ، وانما هي تعليقات وردود تخبر بان ورقة التوت قد سقطت عن عورة الا صلاح السياسي الزائف ما دام الوزراء ينتقون وفق مدى تغلغل الثقافة العرفية في رواسبهم الذهنية ، ومدى قدرتهم العالية في ممارسة فن التقية السياسية ، ان ما يحدث اليوم هي محاكمة فكرية كالتي سبق وان اشرت اليها في مستهل هذا المقال فيما حدث مع الرئيس الامريكي كلينتون ، وعلية فانني اتمنى عليك في قادم الايام ان تحترم عقول الاردنيين وان تتجنب مزالق اللسان كي لاتغضب الشعب الاردني الذي يمتلك من مهارات الكلام والفكر ما لا يخطر لك ببال.