الاعتذارُ الديمقراطيّ

17 نوفمبر 2020
الاعتذارُ الديمقراطيّ

صراحة نيوز – بقلم أمين القضاة

كثيرةٌ هي الاعتذارات التي ندين بها لأنفسنا ولمجتمعنا لأنّنا لم نفعل الصواب، فالاعتذار واجبٌ عند الخطأ المقصود وعند الزَّلل في التصرف لفظاً وعملاً، ولكنّ الاعتذار يكون أوجب عندما نحجم ونتردد ولا نفعل الصواب سّيما إذا كان الضرر المترتب عن الاحجام أكبرَ من فعل الأشياء الخطأ ذاتها.

ولأن السّذاجة أيضا في أبسط تعريفاتها هي أن تفعل الأشياء أكثر من مرة بنفس الطريقة وفي كل مرة تتوقع نتائج مختلفة، وهو ما يعارض النواميس الطبيعيّة والكونيّة، فليس ثمة نتائج مختلفة مترتبة على التكرار، بل سنبقى نقطف ثمار أشتالٍ زرعناها بأصواتنا في صناديق الاقتراع، ولم يكن بعضها إلا نباتاتٍ طفيلية عشبية لا فائدة منها.

اليوم نحن على أعتاب انتخابات شاملة؛ برلمانيّة وبلديّة ومجالس محافظات، ولأنّنا أخطأنا سابقاً بحق أنفسنا، وبحق وطننا الكبير، وبحق مدننا العريقة، علينا أن نعتذر لأنفسنا ولمجتمعنا أولاً، وعلينا ألّا نكرر التجربة المُرة مرةً أخرى كيلا نوصم بالسّذاجة، وكيلا نقطف ثمار احجامنا المُرة فقد أوصلنا في أيامٍ خلت مَنْ كان ثوب المسؤوليّة كبيراً عليه.

الشّبابُ اليومَ واثقٌ ومتعلم ومتحمسٌ وصاحب رؤيةٍ وله قصص نجاح، وتجربتنا السّابقة مع النطيحة والمترديّة والموقوذة وما أكل السّبع بشعة وقبيحة، وقد آن الأوان لجردة حساب عامة ومراجعة وتقييم شاملة نصنف فيها السّمين الذي برز ليخدم النّاس، من الغث الذي “تشعبط” على أكتاف المواطنين وبرز ليشيخ عليهم.

الفرصة القادمة حاسمةٌ في تغيير النّهج الانتخابيّ المجتمعيّ، والأسئلة لازالت تدور في الأذهان، فماذا حصدنا من فكرة مرشّحنا ومرشّحكم؟ وما جدوى مرشّح إجماع العشيرة إذا كان الوطن برمته والمدينة بأسرها تعاني تخلفا منتخباً ديمقراطيّاً هو أسوأ من ذاك المفروض علينا بالقوّة مدة أربع سنين عجاف تمرُّ ثقيلةً ثقل الجبال؟!

لقد شّبعنا من مجالس ديكوريّة، وضربنا الكف بالكف من نوّاب مدافعين عن قوانين حكوميّة، وجرحت مسامعنا عبارات مش شغلك يامواطن الاستفزازيّة، وفاض الكأس مرارةً من صفاقة نواب في سلوكاتٍ غير اخلاقيّة، ومللنا رئيس بلديّة يتخذ المثل الشّعبي” الرايب للحبايب، والسّمن للنسايب، والجميد للمتاعيس” أساساً لإدارة مؤسستنا الأهليّة.

ولعل أكبر الخطايا القادمة أن يحجم النّاس عن الانتخاب وأن يتردّدوا في دعم الشّباب الواثق المتميز، فتكون المأساة بحجم الوطن الكبير فهو تخلٍ عن المسؤوليّة الوطنيّة وتقديم الوطن على طبق من ذهب لأولئك الجاثمين على صدورنا والمتحدثين بأصواتنا قانونيّاً وبمصالحهم الشخصيّة فعليّاً وعندها سنعضّ الأيادي ندماً، ونضرب الكف بالكف حسرةً، وسنقطف ثمار تلك الأشّتال الطفيليّة.

التغييرُ سمةُ الحياة والثّبات سمة الموت، ولأننا شعبٌ حيٌّ يستحق الحياة فقد بات التغيير ضرورةً ملحّة، وأصبح انتزاع الشّغلة من بعض أولئك المُحنّطين وإعطائها للشّباب أولويّةً لضمان تقدم المسيرة وتصويب الأخطاء السّابقة، كيلا نضطر إلى الاعتذار، فما تزال بارقة الأمل تلوح في الأفق، واللّي يجرب المجَّرب عقله مخرب.

 

الاخبار العاجلة