صراحة نيوز – ألقى الباحث اليمني والمستشار الدبلوماسي د. باسل عبد الله باوزير محاضرة في منتدى الفكر العربي مساء يوم الأحد 17/3/2019 بعنوان “أضواء تاريخية على العلاقات اليمنية – الأردنية في مئة عام”من خلال سجلات المحاكم الشرعية، وكذلك من خلال الوثائق المنشورة ضمن مجلدات “الوثائق الهاشمية” التي تعود للفترة ما بين أواخر الأربعينات وبداية الخمسينات من القرن الماضي، مستكملاً دراسة مسار هذه العلاقات التاريخية من خلال تتبع وجود اليمنيين في الأردن قبل تأسيس الإمارة الأردنية سنة 1921 وبعدها، والعلاقات الأردنية مع جنوب اليمن قبل الاستقلال عن بريطانيا، ومع شمال اليمن قبل قيام الجمهورية، والعلاقات الأردنية مع شطري اليمن، ودور الأردن في المصالحة بين الشطرين نحو تحقيق الوحدة اليمنية، والعلاقات بعد هذه المرحلة.
أدار اللقاء الأمين العام للمنتدى والوزير الأسبق د. محمد أبوحمور، الذي أشار إلى أهمية الوثائق التاريخية والأرشيفات الوطنية للدراسات في حقول متعددة وليس فقط التاريخية، ومنها الدراسات الاجتماعية، والعلاقات السياسية والدبلوماسية، والتطور الاقتصادي، واللغات والثقافات وغيرها، وضرورة اعتماد أساليب التوثيق العلمي والتعامل مع الوثائق بوعي ومنهجية على مستوى الأفراد والمؤسسات.
وقال د. أبوحمور: إن الوثائق الخاصة بالعلاقات بين دولتين أو أكثر تعتبر مصادر مهمة لتاريخ مشترك سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي أو الدولي؛ مشيراً إلى أهمية وثائق المحاكم الشرعية في رصد التطور والأحوال الاجتماعية والاقتصادية، فيما تعتبر “الوثائق الهاشمية” من أثمن المصادر التاريخية العربية الحديثة ليس بما يتعلق بالأردن فقط كدولة، ولكن أيضاً بما يتعلق بالمشرق العربي تحديداً والتاريخ الحديث منذ مطلع القرن العشرين.
وأضاف د. أبوحمور أنه يتمثل في هذه الوثائق الهاشمية النهج الهاشمي الوحدوي، والفكر العروبي الذي قامت عليه الثورة العربية الكبرى والأردن الحديث في جمع الكلمة بين العرب وتوحيد الصف العربي، وإشاعة الوئام بين الأشقاء، تأكيداً لوحدة الهدف والمصير في مختلف القضايا العربية.
وقال الباحث د. باسل باوزير في محاضرته: إن التاريخ الرسمي الوثائقي يكتسب أهمية بالغة لجهة تغذيته الذاكرة الجمعية للشعوب بالمعلومات والحقائق عن فترة زمنية سابقة، ” فالتاريخ الجديد لا يمكن كتابته من دون الوثيقة التاريخية” حسب جاك لوغوف
وأوضح الباحث د. باوزير أن الوثائق الهاشمية تضم مجموعة واسعة من المراسلات والوثائق الخاصة بعلاقات الدولة الأردنية بالدول العربية الشقيقة الصديقة والأجنبية، ومنها التي تتعلق بالعلاقات الأردنية اليمنية للفترة ما بين 1948 – 1950، وهي فترة مهمة في تاريخ المملكة المتوكلية اليمنية آنذاك، وتوجد هناك 140 وثيقة تغطي أحداثاً مهمة من تاريخ اليمن عبر تقديم صورة شاملة ومتنوعة عن تلك الفترة.
وأضاف د. باوزير أن الدولة الأردنية عملت على إعطاء أهمية كبرى للوثائق الأرشيفية، وتأسست لهذه الغاية الجليلة المكتبة الوطنية، ومركز الوثائق والمخطوطات ودراسات بلاد الشام القائم عليه أ.د. محمد عدنان البخيت، وصدر حتى الآن (24) مجلداً من “الوثائق الهاشمية”.
ومن جملة ما تناولته الوثائق العلاقات اليمنية – الأردنية من خلال مجموعة من الوثائق والسجلات والمراجع، وأهمها سجل المحاكم الشرعية الذي يعتبر أقدم المصادر، حيث وثق هذا السجل لحياة الناس الذين عاشوا بالأردن في تلك الفترة بدءاً من سنة 1917 وقبل إنشاء الدواوين والوزارات الحكومية. ونجد فيه معلومات غنية تتميز بالمصداقية والدقة والاستقصاء عن المتعاملين وأنشطتهم المختلفة من بيع وشراء، وزواج وطلاق، وإرث وحصر للتركات من الأموال المنقولة وغير المنقولة، والوصاية، والنفقة، وتسجيل الأراضي والمنازل، والتأجير، والوكالة، وغيرها من المعاملات.
كما أنه من خلال هذا السجل نجد أن هذه المعاملات يتم تضمينها الموطن الذي قدم منه الأطراف، وبالتالي تم حصر بعض أسماء العائلات اليمنية التي وفدت إلى الأردن في تلك الأيام، والتي ساهمت في صنع معالم يمنية في الأردن بقيت حتى يومنا هذا شاهدة على عمق الترابط القومي بين الشعبين والبلدين.