التعاون العسكري الأردني الإماراتي

24 نوفمبر 2018
التعاون العسكري الأردني الإماراتي
صراحة نيوز – بقلم اللواء الدكتور فايز الدويري
 
تمتاز العلاقات الأردنية الإماراتية بالثبات والعراقة، وهي علاقات عميقة وراسخة الجذور، تقوم على أسس ثابتة تمنحها الديمومة حتى وإن إختلفت وجهات النظر حول بعض القضايا.
 

منذ إستقلال دولة الإمارات العربية في عام 1971 كانت الأردن من أوائل الدول العربية التي شيدت جسور التعاون مع الدولة العربية حديثة الإستقلال في مختلف المجالات، وكان التعاون العسكري هو الأبرز ، حيث ساهمت السواعد الأردنية في بناء القوات المسلحة الإماراتية ، ولايزال التعاون العسكري بين البلدين محط فخر لكلا الجانبين .

 
تم تعزيز التعاون العسكري بين الجانبين بتوقيع إتفاقية التعاون العسكري لسنة 2010 ، حيث وضعت الإتفاقية الإطار القانوني للتعاون بين الجانبين في المجالات العسكرية وغطت العديد من المجالات ومن أهمها :
 
السياسة الأمنية والعسكرية والدفاعية ، التسليح والمعدات الدفاعية والدراسات والبحوث العلمية والمشتركة ، التمارين العسكرية المشتركة، التدريب العسكري والفني، التعليم الأكاديمي ، والعمليات الإنسانية وعمليات حفظ السلام وإدارة الأزمات والكوارث وغيرها.
 
رُسخت الإتفاقية على أرض الواقع من خلال التنسيق المستمر وتبادل الخبرات والكفاءات العسكرية والأمنية والتمارين المشتركة والمعارض العسكرية التي تعقد سنوياً في كلا البلدين . كما يشارك البلدين بفاعلية في الجهود والتحالفات العسكرية للتصدي لخطر الإرهاب ومواجهة التهديد الإيراني.
 
عمد البعض ومنهم من سبق له الخدمة في القوات المسلحة الأردنية وتبوأ أرفع المناصب العسكرية الى إختزال العلاقات العسكرية المتميزة بين البلدين في إطلاق إسم ولي عهد دولة الإمارات على أحد ألوية التدخل السريع ، فيما ذهب البعض الآخر الى ما هو أبعد من ذلك ، حيث أعتبر أن ذلك اللواء المتميز مجرد أن حمل أسم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أصبح ملكاً له سيستخدمه حسب رؤيته وما يخدم مصلحته .
 
من التقاليد الأردنية الراسخة أنها تكرم ضيوفها البارزين و أن تطلق أسماءهم على بعض الأماكن في الأردن عندما يتخذوا مواقف مشرفة تنسجم مع التوجهات والمصالح الأردنية ، فأطلق إسم الجنرال شارل ديغول على غابة ثغرة عصفور تقديراً لموقفه الداعم للقضية الفلسطينية بعد العدوان الإسرائيلي عام 1967، وأُطلق إسم فرح على أحد الصروح الطبية في مدينة الحسين الطبية إعترافاً بالمساهمة الإيرانية في تشييده ، كما أطلق إسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز على المدينة التي بوشر في بناءها في محيط مدينة الزرقاء بعد مواقفه الداعمة للأردن ، لذا لا أجد غضاضة في أن يطلق إسم الشيخ محمد بن زايد على أحد ألوية القوات الخاصة إذا علمنا حجم المساعدات العسكرية التي قدمها بصفته المسؤول الأول عن القوات المسلحة الإماراتية للقوات المسلحة الأردنية والتي زادت عن 500 مليون دينار ، كما تساهم القوات المسلحة الإماراتية في بناء معسكرات أردنية نموذجية متكاملة.
 
لو جاءت هذه الإنتقادات من شخوص لم يسبق لها الخدمة في القوات المسلحة الأردنية لحاول البعض أن يجد لهم العذر ، لجهلهم بالثقافة العسكرية الأردنية والعقيدة القتالية للجيش العربي الأردني ، لكن أن تأتي من بعض المتقاعدين العسكريين والذين سبق لهم أن تبوأو مراكز متقدمة وكانوا من أصحاب القرار فهنا مكمن العجب ، لذا أجد لزاماً علي ودفاعاً عّن مؤسسة وطنية عريقة تشرفت بالخدمة فيها أن أطرح عليهم بعض الأسئلة:
 
هل شعرتم يوماً أن الوحدات والتشكيلات العسكرية التي تشرفتم بقيادتها كانت برسم البيع ؟
 
وإذا كان ذلك (لا قدر الله ولن يكون ) كيف قبلتم أن تقودوا وحدات وتشكيلات مُرتزقة ؟
 
منذ متى كانت البندقية الأردنية مأجورة للآخرين؟
 
وإذا كان ذلك لا قدر الله هل المسدس العسكري الذي كنّا نحمله كان مأجوراً وكنا نوظفه لمن يدفع أكثر؟
 
قد نختلف مع توجهات المسؤولين السياسيين سواء كانوا عرب أم أردنيين فلا ضير في ذلك بل الأصل أن نختلف مع قراراتهم التي نراها لا تصب في مصلحة الأمن العربي ، لا بل قد نختلف مع بعض قرارات المسؤولين في المؤسسة العسكرية الأردنية لما فيه صالح الأردن ومؤسسته العسكرية، وقد نختلف معهم لأسباب شخصية ، لكن علينا أن نفرق بين المؤسسة العسكرية كمؤسسة وطنية تبقى محط فخر وإعتزاز لنا جميعاً ، وبين مواقفنا الشخصية من الآخرين ومن بعض المسؤولين الذي قد يتخذوا قرارات نراها خاطئة .
أختم بالقول أن القوات المسلحة الأردنية التي يرتدي
 
منتسبيها شعاراً يزين جباههم يحمل إسم ” الجيش العربي” لن تكون بندقيتها مأجورة ، وستبقى الدرع الحصين للأردن وللأشقاء العرب ، إطار عملها مأطر بتوجهها الأردني العروبي الإسلامي ، وقرار إستخدامها سيبقى قراراً وطنياً أردنياً خالصاً مهما كان الإسم الذي تحمله تلك الوحدة العسكرية أو ذاك التشكيل العسكري الأردني ، حمى الله الأردن وحمى قواته المسلحة، وأدام الله الأمن والإستقرار على ربوع الوطن العربي.
 
24/11/2018ً
الاخبار العاجلة