صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
في كتابه ” الأطماع الصهيونية في شرقي الأردن “، يروى الدكتور عصام السعدي القصة الواقعية التالية :
” في عام 1947 زار الأردن وفد من كبار المسؤولين في الإدارة البريطانية، للاطلاع على رأي كلوب باشا في تقسيم فلسطين. ورأيت من المفيد أن أنقل قصة لقاء الوفد البريطاني مع كلوب، كما روتها بعض المصادر التاريخية، ودون تعليق مني، فهي أبلغ من كل تعليق، وأقتبس :
سألوا كلوب باشا لدى اجتماعهم به : لكوننا نخشى يا جنرال ردود الفعل العربية ضد بريطانيا، التي تؤيد تقسيم فلسطين. جئنا لنأخذ رأي القادة العرب ورأيك بصفتك الخبير في المنطقة، فما هو رأيك بردود فعل التقسيم عند العرب ؟ فقال لهم كلوب : غدا سأعطيكم الجواب – وكان الوقت ليلا – ، وفي صباح اليوم التالي باكرا، طلب كلوب من سائقه ( عودة النيص )، أن يشتري لهم خمسة أرطال من اللحم، وأن يقطعها القصاب قطعا صغيرة.
وبعد أن أحضرها السائق حسب الطلب، دعا كلوب ضيوفه للركوب معه، وطلب من سائقه الانطلاق، والجميع في دهشة من تأخر كلوب في رده على سؤالهم السابق. وفي غمرة تساؤلهم تلك، ابتسم الجنرال كلوب، ثم طلب منهم التريث لحظات وهو يقول لسائقه، يا عوده اتجه إلى مضارب بني صخر بسرعة. وما أن وصلنا مضارب العشيرة، حتى ثارت كلاب العشيرة تنبحنا بشراسة مدافعة عن البيوت، مبدية عدم الرغبة بمقدمنا.
وما أن تكامل عقد الكلاب وأحاطت بنا من كل جانب، ولاحظ كلوب باشا انزعاج ضيوفه الإنجليز من صولة الكلاب . . أخذ كلوب يقذف بقطع اللحم ذات اليمين وذات الشمال، فخمدت ثورة الكلاب، وأخذت تنبطح أمام سيارة الجنرال وضيوفه الإنجليز، مقدمة لهم الولاء والطاعة والاحترام المتزايد، الأمر الذي أضحك الإنجليز كثيرا. وبينما هم في غمرة الضحك من فعل الكلاب ورد الفعل المعاكس . . قال الجنرال كلوب : هؤلاء هم حكام العرب تماما.
أما الشعوب العربية فهي أشبه بأصحاب الكلاب، الذين فوضوا أمر حماية البيوت لدفاع الكلاب عنها بالنباح، وبعد أن رأت الكلاب قطع اللحم تركت الدفاع عن مضارب أصحابها . . فاذهبوا الآن لتقسيم فلسطين دون تردد ودونما أخذ رأي قادة العرب، فهم مثل الكلاب تماما. ثم تساءل كلوب قائلا : هل اقتنعتم بعد الآن ؟ قالوا له : اقتنعنا . . قال لهم : مع السلامة، وحدث التقسيم بعد ذلك “. انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق :
1. هكذا هو خبث الإنجليز في التآمر على تفتيت الوطن العربي خلال القرن الماضي، وعدم إيلاء أي اعتبار للزعماء العرب في حينه بتقرير مصير بلادهم.
2. فهل يعيد التاريخ نفسه هذه الأيام، عندما أعلنت صفقة القرن المشؤومة، التي جرى رسم خطوطها بين الولايات المتحدة وإسرائيل، دون أن يشارك أي من الزعماء العرب في تصميمها، والحفاظ على المصالح الفلسطينية والعربية ؟
التاريخ : 9 / 2 / 2020