صراحة نيوز – بقلم اطراد المجالي
أيام الحرب الباردة بين القطبين السوفيتي والامريكي، تنطح الكثيرون بالحديث للرئيس الامريكي “روزفلت” عن التطور والتسلح السوفيتي في حقبة خورباتشوف”، فكان رد الرئيس الامريكي للمتنطحين انذاك: من سينتصر ويصمد من لديه إدارة جيدة، وفعلا هذا ما حصل، وطالما يذكرنا التاريخ بان قوة الادارة هي اساس الصمود في وجه اي تهديد داخلي وخارجي ليس بالدول فحسب بل حتى بمنظمات الاعمال، واساس الادارة بعلم الجميع، اختيار القوي المبدع او القوي الذي يصمد بصفته اداة الادارة ومحركها، ولن ادخل في نظريات الادارة ومدارسها حتى لا اطيل.
في وطننا وبكل المستويات ولا استثني مستوى، تدار الامور بمعادلة عجيبة فرخت لدينا الضعيف المطيع في معظم المواقع الوظيفية، فاكثر اداري بلدنا وان كبرت رؤوسهم اما مربوطون بمصالح لاشخاص بوجودهم او مربوطون ومهما علا حجمهم باجهزة تدفعهم الى تلك المواقع بتوصيات اصبحت في الاونة الاخيرة غير موفقة، فالاختيار في الحالتين الضعيف المطيع، وللمتسائلين عن شلل الدولة وتخبط تصريحاتها وقلق اداراتها فيمكن ان يرى السبب بوضوح، فلا يقول لي احد لدينا مثلا وزرات للتطوير المؤسسي او مراكز للتطوير او ادارت للازمة كلها ادارات لشخوص وان علا شأنهم ضعفاء مطيعون اخترعهم من اخترعهم ليبقي على الجسم الخارجي مضيئا. وهنا ولكي تضبط الامور على اهتراءها تبدأ الضغوطات لاصدار قوانين لتكميم الافواه تارة والتخويف من التجرأ على مناكفة الوضع القائم تارة اخرى.
وسأسرد لكم قصة من ايام الادارة القوية، حدثني يوما دولة عدنان بدران عن محاضرة لدولة عبدالسلام المجالي لبعض السياسين في جمعية الشؤون الخارجية قوله والحديث للمجالي: اتصل بي مكتبي وانا رئيس للجامعة الاردنية عدة مرات وكنت مشاركا في احدى المؤتمرات في ابوظبي للحضور فورا لان هناك كتاب من رئيس الديوان الملكي فيه رغبة للمغفور له الملك الحسين بتسجيل احدى بنات احد امراء دول الخليج في الجامعة وانها تلك البنت لم يكن معدلها مقبولا فيي الجامعة، ولما حضرت وطلبت اوراق الطالبة وجدت انها لا تقبل بالجامعة فحفظت الكتاب، ولكني فوجئت بعد اسبوع بكتاب موقع من المغفور له الملك شخصيا لقبول الطالبة، فما كان مني الا طلب مقابلة جلالة الملك، ولما اصبحت بحضرة الملك قلت له سيدنا هذه طالبة معدلها لا يقبل وهذه الجامعة الاردنية ام الجامعات، وستكون سابقة، فاردت ان اعلم انك تعرف جميع المعلومات حول الموضوع، اما امرك فمجاب فلا املك انا ولا غيري رفض امر ملكي، فتفاجأت برد المغفور له الملك بقوله: “بكذبوا علي يا عبدالسلام”، لا تقبل لا تقبل ” خليهم يدرسوها باي بلد ثاني”، انتهى حديث المجالي، واني لاعلم ان من يقرأ مقالي الان تبادر لذهنه وخاطره من القصص لزعامات اردنية ادارية حقيقية، فما تناولته للذكر لا للحصر فقصصكم وذاكرتكم من هذه الزعامات هي التي صنعت اردن العزم. وهنا اسأل الملك المهيوب عبدالله الثاني اعز الله ملكه، هل سألت نفسك كم كذبوا عليك، وكم اختاروا لك اولئك الذين هم في انفسهم ضعيفين فاضعفونا واضعفوا البلد.
في احداث البحر الميت كان بعد صورة ابنائنا واطفالنا بسوئها هناك ايضا صورة سيئة، كانت صورة اولئك الخبراء الذين عندما كانوا يسألون لماذا لم يطلع المعنيون والمسؤولون على نتاج ابحاثكم وتوصياتكم؟ كانت اجابتهم: لم يطلبوها ولم يهتموا اصلا لوجودها، فاي ادارة لا تعتمد على البحث والتوصية والخبراء في كل المجالات. لذلك ينسحب وزراء من مسؤولياتهم وينسبون اراضي البحر الميت لبلد اخر وبعضهم يقصف بتصريحات غبية، واخرها مركز الامن وادارة الكوارث والازمات المعني بالتنسيق بين اجهزة الدولة في الازمات والذي لو اطلعت على رسالته واهدافه لقلت اننا في كنف الادارة اليابانية في ادارة الكوارث وكلها صورية كذبوية، فلقد فشل المركز المذكور مع اول تجربة.
نعم، في ادارتنا تصاغ الامور بسياسة اطفاء النيران اداريا واقتصاديا واعلاميا، فترى توجيها كل حين للانشغال في قضية الهدف منها اخفاء قضية اخرى، وزيرا يصدر قرارا بالفيس وتويتر ولديه فراشات، مديرا لا يقوى على التوقيع، شلل واضح الا في الادارت الخدمية البسيطة، فهل يقنعني احد ان هناك استراتيجة واضحة للدولة او الحكومة، والشعب خانق منتظر الفرج لا يملك الا بتكرار هذه الجمل ” الله يجملها بالستر” خليها على الله، غلاء لا يعلم كيف تتم معالجته، ضرائب ورسوم تزيد بسرعة الضوء، بطالة، فقر، ذوبان للطبقى الوسطى بشكل غير مسبوق والكل خانق. اختاروا لنا ضعفاء مطيعين يديرون بلدنا ووطنا، والخوف كل الخوف ان الصدأ بدأ بالظهور، فيكون رانا لا علاج له فيما بعد. فمتى يغضب الملك وانا لنعلم ان غضبه لنا لا علينا فهو صمام اماننا واليه بعد الله المشتكى. وسنبقى نصرخ للاصلاح، وسنبقى ننتقد لاجل الاصلاح، فهذا وطننا لا حياة لنا ولا قبر الا فيه.