صراحة نيوز- بقلم موسى العدوان
بداية أسجل اعترافي بأنه لم يحن الوقت بعد، لبحث الدروس المستفادة من أزمة كورونا. ولكن لا بد لي اليوم من إبداء بعض الملاحظات السريعة بغرض الإصلاح، دون أن يكون لي تقصّد أو خصومة مع أحد، أو أبغي مصلحة خاصة سوى المصلحة العامة.
” فالجيش الرديف ” هي عبارة تتكرر لدينا في خطابات المسئولين، وعلى ألسنة المتحدثين بمختلف المناسبات، في إشارة إلى المتقاعدين العسكريين. وهذه العبارة تختلف عما يُقصد بها في بعض دول العالم، التي تعني الميليشيات العقائدية أو الأمنية أو العرقية أوغيرها.
ومع ذلك فإن الجيش الرديف لقواتنا المسلحة، هو اسم بغير تنظيم حقيقي يوحد جهوده وينسق أعماله، بل إنه اسم يُطلق على من خدموا في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وأحيلوا على التقاعد، ولم يعد هناك رابط بينهم، سوى الإسم الذي يجمعهم ويجري التفاخر به في بعض المناسبات.
المتقاعدون العسكريون الذين يتجاوز عددهم 200 ألف متقاعد بمختلف الرتب، وبمختلف تخصصاتهم الميدانية والإدارية والفنية، لم يجرِ الاستفادة منهم بصورة صحيحة في خدمة المجتمع، من خلال الجيش الرديف. إن هذا الجيش يحتاج إلى خطة إستراتيجية، تصهر جهود أعضائه في بوتقة واحدة، تفيد الوطن في الأحوال العادية وعند وقوع الأزمات، كالعمليات الحربية أو الكوارث الطبيعية. مثل هذه الخطة يجب أن تأخذ باعتبارها المديات المستقبلية الثلاث : القريبة والمتوسطة والبعيدة، وقد يكون لِ ” المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات ” دور كبير في بنائها.
والاهتمام بالجيش الرديف وتنظيمه وتحديد واجباته على مستوى المملكة، هي من مسئولية مؤسسة المتقاعدين العسكريين، ولكنها تحجم عن فعل ذلك لأسباب غير مفهومة. فهذه المؤسسة التي أنشئت على غرار مؤسسة المتقاعدين العسكريين الصينية قبل 46 عاما، بقيت تراوح مكانها عاجزة عن التطور، رغم الدماء التي ضُخت في عروقها بمناسبات عديدة، ولكنها لم تفلح في استقطاب المتقاعدين العسكريين إليها، ولم تنطلق بمشاريع كبرى نافعة على مستوى الدولة تعزز مكانتها.
لا أعرف ما هو السرّ في جمود هذه المؤسسة، هل هو في الإدارات المتعاقبة عليها ؟ أم في القوانين التي تقيد حريتها في الحركة التجارية ؟ أم في سوء الطالع الذي يرافقها منذ ولادتها ؟ وللإنصاف فإن هناك بعض الإنجازات في مجالي الزراعة، وبناء عدد من النوادي في المحافظات، وبعض الأعمال الأخرى البسيطة التي نعترف بها. ولكن بشكل عام إنها لا ترقى إلى مستوى الإنجازات، التي تحققها بعض الشركات الأقل منها عمرا وقدرة مالية.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو : ماذا قدمت ” المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى ” للوطن في جائحة كورونا ؟ هل قدمت أسطولها الناقل لخدمة الدولة في توزيع الخبز على المواطنين عند بداية الأزمة ؟ هل ساعدت الجيش والأمن العام في حراسة فنادق الحجر الصحي ؟ هل ساعدت البلديات في رش الأحياء والشوارع بمواد التطهير والتعقيم ؟ هل نسقت مع مديرية الخدمات الطبية، في كيفية إيصال العلاجات الشهرية إلى مستحقيها في مختلف المحافظات ؟ وهل نسقت مع الدفاع المدني حول الوصول للمرضى ذوي الحالات الصعبة في مواقعهم ؟ أسأل ذلك باعتبارها مؤسسة رسمية، عليها أن تسهم في التخفيف من وطأة الأزمة التي يواجهها الوطن.
أعتقد أن هذه أبسط الواجبات التي كان على المؤسسة أن تتولاها في هذه الجائحة. ولكن ذلك الجسم المسجّى على إحدى هضاب عمان الجنوبية، يحتاج لمن يبعث به روح الحياة، عله ينهض ويقوم بدوره المطلوب. فإن كانت القوانين هي العائق التي تعطل عمل المؤسسة، فلتعدل القوانين لتعمل حسب قوانين الشركات. وإن كانت الإدارات القائمة عليها بتعيين المعارف هي العائق في سبيل تقدمها، فلتغير إدارتها لتصبح بالانتخاب من قبل أعضائها وتحت المحاسبة.
بصراحة . . الجيش الرديف لقواتنا المسلحة، ومؤسسة المتقاعدين العسكريين، بحاجة إلى إعادة تأهيل حقيقية. فهل من مسئول يعلق الجرس أم يبقى القديم على قِدمه ؟ ؟ ؟
التاريخ : 3 / 4 / 2020