نَحْنُ في كَبَدْ .. وغَيْرُنا في رَغَدْ

22 أغسطس 2019
نَحْنُ في كَبَدْ .. وغَيْرُنا في رَغَدْ

عوض ضيف الله الملاحمهبقلم : عوض ضيف الله الملاحمه

الحياة جميلة ، مُشرقة ، بهيجة ، مليئة بالسعادة ، والفرح ، والمرح ، والهرج ، والمرج ، واللهو ، واللعب ، وتَعطي أكثر مما تأخذ …، يكتنفها بعض المعاناة ، والفَقد ، والقسوة ، والمرض ، لكن الانسان ، إسمه مُشتق من النسيان ، بحكمة الخالق عزّ وجلّ ، ينسى ، ويتغاضى عن الآلام ، وإن مرّ عليه مسحة من حزن ، ونكد ، وكدر ، سرعان ما ينسى ، او على ألأقل يتناسى ، جروحه وآلامه ، وسرعان ما تغطي البسمة محياه ، ويعود ليحيى الحياة بحلوها ، متناسياً مرها .

ما ذكرناه سابقاً ، هو الفطرة الربانية للشعوب كافة على وجه هذه البسيطة ، فترى وجوههم طَلِقه ، فرحه ، مبتهجة ، مبتسمة ، وبشرتهم نَظِرة ، مُستبشره ، تعابيرهم مريحة ، نفسياتهم مَرِحه ، حياتهم رغِده . إلا في الأردن ، وضع هذا الشعب الغلبان ، عكس أوضاع غالبية شعوب الارض ، تجد الأردني ، عابس ، بائس ، يائس ، وجهه مكفهر ، مقطب الجبين ، تعابير وجهه قاسية ، وملامحه حاده ، وكشرته مُنفره ، يعيش في كَبَدْ ، وكأنه دوماً في صراع مع أسد ، حاد الطبع ، عصبي المزاج ، قاسٍ في ألفاظه ، وتعابيره فَجّه ، وقد انعكس كل هذا وبشكل واضح ، حتى على أغاني الأفراح ، والمناسبات السعيدة ، كلها تتحدث عن الموت ، والقتل ، والقسوة ، ومما يدعو للحيرة : كيف يطرب الأردني على هكذا اغانٍ وأهازيج !؟ عندما تفكر ، وتتعمق ، وتحلل ، وتدرس الأمر بحيادية ، ومن منطلق ان الانسان إبن بيئته ، فليس من المنطق ان تتوقع من إنسان يكابد الحياة ، ويعيش في ضَنك وبؤس ، ومشقة ، ان يكون مبتسماً ، فرحاً ، ومبتهجاً .

عندها تدرك ما الذي يمكن ان يدفع الأردني للفرح ، وهو يرى بلده تُنهب ، ومقدرات وطنه تُسلب ، والبطالة نسبتها من اعلى النسب ، والطبقة الوسطى ( طبقة المستورين ) إختفت ، والمستشفيات مليئة بالمرضى ، و النظافة ، والعناية فيها تردت ، والأدوية نسبة منها إما مفقودة ، او غير موجودة ، واذا استدعت الحالة المرضية صورة طبقية مثلاً ، يحصل على موعد بعد تسعة شهور ، والمدارس مكتظة ، والشوارع مزدحمة ومدمرة ، والمياة شحيحة ، نحتل فيها مرتبة رابع أفقر دولة في العالم ، والحكومات تأتي للجباية ، والضرائب في ازدياد ، والاسعار في ارتفاع ، والسوق في حالة انفلات ، بهذا البلد الصغير مساحة وسكاناً وقدرات ، فيه ( ٦٥٠ ) وزير تقريباً على قيد الحياة ، وما يقارب ال ( ٢٠ ) رئيس وزراء ، وتتشكل حكوماته في معظم الأوقات من ( ٣٠ ) وزيراً او أكثر ، ودول العالم الأغنى والأقوى وسكانها يقارب عددهم ال( ٣٠٠ ) مليون لا يزيد عدد الوزراء في الحكومات عن ( ١٥ ) وزيراً ، وحالات الطلاق وصلت الى ( ٥٥ ) حالة طلاق يومياً .

من الخطأ والإجحاف ، لا بل ليس من الإنصاف ، ان تطلب من إنسان يحيا هذه الظروف المأساوية القاسية ان لا يكون عابس الوجه ، مقطب الجبين ، مكفهر القسمات ، ولا مؤشر لإختفاء هذه القسمات ، لانه لا مؤشر على تغير المُسببات .

الاخبار العاجلة