محطة من محطات التكريم ” محافظة لوس انجلوس الأمريكية تكرم الدكتورة أمل نصير “
صراحة نيوز – خاص – سيدة أردنية متميزة، هي أديبة وكاتبة وأكاديمية، تعتبر أول امرأة تتقلد منصب مساعد رئيس جامعة اليرموك ، حصلت الدكتورة أمل نصير على درجة الدكتوراه في الأدب والنقد من الجامعة الأردنية، وهي أول امرأة تتخرج في برنامج الدكتوراه في قسم اللغة العربية حيث كانت الجامعة الأردنية الوحيدة التي تمنح هذه الدرجة في الأردن، وتبعتها بعد ذلك جامعة اليرموك .
تقول الدكتورة نصير ل :” لانني اهتم ” كانت أولوية القبول لخريجي الأردنية، وكنا نحن طلبة اليرموك نجد صعوبة كبيرة في الحصول على مقعد، وغالبا ما كانت الجامعة تًخصص مقعدا واحدا لخريجي الجامعات الأخرى؛ ولذلك كانت المنافسة شديدة ومحظوظ جدا من يحظى به” .
وتضيف” فرحت بالقبول مع أني كنت مسجلة حينها في مصر، وكنت قد أنجزت جُل أطروحة الدكتوراه، ولكن بسبب أزمة الخليج الأولى، وما ترتب عليها من مواقف سياسية عربية جعل إكمال دراستي في مصر شبه متعذر؛ لذا بدأت السعي للحصول على قبول في الجامعة الأردنية”.
لم تكن فترة دراسة الدكتوراه بالنسبة لـ نصير سهلة؛ بل كانت شاقة إلى أبعد الحدود وممتعة في ذات الوقت تخللها الكثير من المشقة أبرزها (المواصلات) سيما وأن طريق اربد –عمان حُوّلت آنذاك إلى إربد – الزرقاء – عمان نتيجة لأعمال التوسعة للطريق الأولى، وهنا تؤكد نصير على أنّ ” الرحلة إلى عمان كانت طويلة ومزدحمة ومتعبة وخصوصا بعد عملي في جامعة اليرموك مدرسة في القسم”.
وتضيف “بدأ الشتاء الأول وقد تكاثرت موجات الثلج على المملكة لم يعهد مثلها من قبل، فكانت الطريق شاقة، وباردة لم يخفف من ذلك سوى رفاق الطريق، فقد عشنا في تلك الرحلات بين إربد وعمان أحداثا متنوعة، فكثيرا ما كنت أصحو من تفكيري على صوت فرحهم بتساقط البرد والمطر الغزير على زجاج السيارة، وأسوأ حالات صحوي كانت على صوت خروج السيارة عن مسارها، وارتطامها بشيء ما !”.
أما المشقة الأخرى فهي مشقة البيت والأولاد، وهنا تقول “مع أنني قد تعودت عليها من قبل إذ أنني درست البكالوريوس والماجستير وأنا أم وربة أسرة، لكن الأمر هذه المرة بات مختلفا؛ لبعد المسافة بيني وبين أبنائي مقارنة بالمسافة بين بيتي وجامعة اليرموك، ولأن الأسرة كبرت، والمسؤوليات تعاظمت، فأصبحت أحظى بالأبناء ممن هم في سن الطفولة المبكرة إلى سن المراهقة”.
ولم يتوقف طموح الدكتورة نصير على الدراسة فقط فهي متميزة في عملها الأكاديمي كما أنها صاحبة طموح وأفكار خلاقة ترتقي بأداء عملها وعلى كافة الأصعدة.
عُيّنت الدكتورة نصير مساعداً لرئيس جامعة اليرموك ومديرة لمركز اللغات فيها وهي بذلك تكون أول امرأة تتقلد منصب مساعد رئيس جامعة اليرموك، وحول ذلك تقول” أتاح لي هذا المنصب فرصة خدمة الجامعة، التي تستحق منا الكثير، وأخص نفسي هنا؛ لأنه لولاها لكنت توقفت عند التوجيهي حيث زُوجت مباشرة بعده”.
وحول عملها مديرة لمركز اللغات في الجامعة تقول “منذ أول يوم جئت فيه إلى المركز وأنا أعمل بكل طاقتي وبمساعدة زملائي وزميلاتي للارتقاء به على كافة الأصعدة، وقد تمكننا بحمد الله من إحداث الكثير من التغييرات الإيجابية أهمها التحوّل الكامل للتعليم الالكتروني في بعض المساقات التي يدرسها المركز، والجزئي لمساقات أخرى، ونحن مستمرون في هذا العمل لحوسبة مساقات المركز كافة”.
وتضيف ” وضعنا كذلك امتحان مستوى لغة إنجليزية لطلبة الدراسات العليا مكافئ للامتحان الوطني الذي كانت تعقده هيئة اعتماد الجامعات الأردنية، فأصبح بحمد الله لليرموك امتحانها الخاص لأول مرة، وكذلك بدأنا بعقد دورات تدريب المعلمين لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، ونسعى لفتح الدبلوم العالي في هذا التخصص أيضا”.
حازت الدكتورة نصير على جائزة “المرأة النموذج” عام 2010 في إطار حملة الأيادي البيضاء ؛ وهي حملة إعلامية لخدمة قضايا المرأة، وأشرف عليها اتحاد المنتجين العرب لأعمال التلفزيون بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، بالإضافة إلى حصولها على جائزة “المرأة المثالية العربية”، وحول ذلك تقول نصير “هذه الألقاب كبيرة، وتتعارض مع صفة التواضع التي يجب أن يتحلى بها الإنسان وأظن أنه لا أحد يمكنه أن يحتكر مثل هذه الألقاب، ولكنها ليست من صنعي إنما هي أسماء وضعتها الجهات التي أطلقت الجوائز”.
وحول جائزة “المرأة النموذج” تقول” لقد أُعلن عنها في التلفزيون الأردني، وكنت أرى الإعلان عنها يوميا، ولم يعنيني منه آنذاك إلا الاسم؛ لأنه عنوان أحد أهم فصول رسالتي للدكتوراه، فقد تحدثت فيه عن صفات المرأة النموذج في صفاتها الخَلقية والخُلقية عند العرب في واحد من عصورهم الذهبية أي في العصر الأموي، ولكن العنوان شاق طلبتي في الدراسات العليا، ورأوا أن يرشحوني له، وعندما اتصل بي مدير الجائزة آنذاك الأستاذ محمود الخطيب، وأخبرني أن طلبتي رشحوني للجائزة وطلب مني مزيد من المعلومات اعتذرت منه، وطلبت إليه إلغاء ترشيحي لحرج أصابني، وخوف من عدم الفوز، فأعلمني أنه وصلهم آلاف من الأسماء المرشحة من العالم العربي وأن اسمي من الأرقام الأولى في التصفيات، وأصر على عدم انسحابي… وبحمد الله فزت”.
وكانت الجائزة تهدف إلى تسليط الضوء على التجارب المتميزة للمرأة العربية في مختلف بلدانها وإخراجها من الحيز المحلي، وتعميمها عبر مساحة بث تغطي الوطن العربي بجميع دوله، الأمر الذي يُتيح توظيفها لإغناء مسيرة نهوض الأمة العربية عموما، ويحفز المجتمعات العربية لتشجيع النماذج المتوفرة لديها، كما يحفز الحكومات والمنظمات الأهلية للاستثمار في قضايا المرأة.
أما فوزها بجائزة المرأة المثالية العربية من دولة الكويت، فكان على مستوى العالم العربي لعام 2010 أيضا، وحولها تقول الدكتورة نصير “تضمنت المسابقة معايير عدة تمثلت في المعيار الشخصي والأسري والثقافي والاجتماعي، وحسب تصريح للشيخة فريحة رئيسة الجائزة في جريدة الرأي الكويتية بأن عدد المتقدمات تجاوز ال7 آلاف، وأظن أن هناك تقاطعا بين معايير الجائزتين أهمها الجمع بين الدراسة والعمل والأسرة إضافة إلى أن جائزة الكويت كان لديها معيارا آخر هو المعيار الديني ولم آخذ عليه أي علامة – للأسف – لأني غير محجبة لكن علاماتي على المعايير الأخرى أهلتني للفوز”.
وترى الدكتورة نصير أنّ ما أهّلها لهاتين الجائزتين دخولها الجامعة وهي متزوجة في زمن كان يُستهجن فيه دخول المرأة أصلاً إليها، فكيف إذا كانت متزوجة ولديها أبناء، وعن ذلك تؤكد على أنّ ذلك لم يكن سهلا عليها أبدا، حيث وجدت أشكالاً من المعارضة التي كانت ترى المرأة للبيت وأعماله فقط، فإن تزوجت أضافت إلى ذلك صفات الأمومة.
وعلى الرغم من إيمانها بأن واجب المرأة المقدس هو خدمة أبنائها ورعاية بيتها وأسرتها، إلاّ أنّ ذلك لا يتعارض مع التعليم والعمل إن رأت في نفسها همة لذلك ورغبة به، وأن لا يكون البتة على حساب مصلحة الأبناء والأسرة.
وتقديرا لجهودها في إبراز الوجه الإيجابي للمرأة الأردنية خاصة والعربية عامة حازت نصير على تكريم من محافظة لوس أنجلوس، وعن ذلك تقول “تشرفت العام الفائت بدعوة من قبل النادي الأردني لجنوب كاليفورنيا للمشاركة في احتفالات الجالية الأردنية في الأعياد الوطنية ممثلة عن الجامعات الأردنية، وشاركت بمحاضرة عن المرأة الأردنية وما وصلت إليه في عهد الهاشميين، وتشرفت بدعوة كريمة ثانية من رابطة النساء الأردنيات في أمريكا بلقاء السيدات الأردنيات وتحدثت عن تجربة التعليم في الأردن لا سيما أن ذلك تزامن مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، التي أتشرف بأني عضو في اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية، وبعد ذلك فوجئت بدعوتي إلى لوس أنجلوس من قبل عمدة المدينة، الذي كرمني بتسليمي شهادة المحافظة تقديرا لجهودي في إبراز الوجه الإيجابي للمرأة الأردنية خاصة والعربية عامة، وتمثيلي لها في مجالات عديدة ، وكذلك لجهودي في مجال التعليم في الأردن كما جاء في خطاب الجائزة “.
وتضيف “حقيقةً لم أكن أعرف عن هذه الشهادة من قبل وحين علمت أنها لم تعط لشخص في الأردن إلا لجلالة المغفور له الملك حسين لم أتمالك نفسي وحاولت حبس دموعي على الأقل لالتقاط الصور”.
وتؤكد الدكتورة نصير على أن أي تكريم تشرفت به هو بمثابة تكريم للمرأة الأردنية في كل مكان تكون فيه سواء في البيت أو في الحقل أو في المكتب أو المدرسة والعيادة، المرأة المدافعة عن وطنها، وعن حقوقها… و”الأردن يستحق منا المزيد من الجهد والإنجاز والتميز في كافة مجالات الحياة”.
تمّ انتخاب الدكتورة نصير نائبا لرئيس اللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم خلال اجتماع الجمعية العمومية للجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم السنوي للعام 2017 وتعتبر نصير هذا الانتخاب قصة طريفة فتقول “رشحت من قبل جامعة اليرموك لأكون ممثلة لها في هذه اللجنة، وكان علي أن أذهب من جامعة اليرموك إلى وزارة التربية والتعليم في عمان، وكنت أعاني من صداع الصيام والحر معا، بالإضافة لارتباطي في اليوم نفسه بموعد آخر في جامعة اليرموك، ولكن لا أحب الاعتذار لاسيما عن الاجتماع الأول، ولم أحتمل أن يكون مقعد جامعة اليرموك فارغا فأبيت إلا أن أحضر”.
وتضيف “كان انتخاب نائب لمعالي الوزير مدرجاً على جدول أعمال الاجتماع الذي وصلني قبل الاجتماع بأيام، ولكن لم أفكر للحظة بالترشح، لأني لا أحب موضوع الانتخابات بشكل عام، وأيضا لانشغالي في عملي في جامعة اليرموك، وحينما بدأ الجميع التعريف بأنفسهم في قاعة كبيرة ومكتظة ووصل الدور لي عرفت بنفسي باقتضاب شديد، وإذا بزميل يقول أنا أرشح الدكتورة أمل نصير وتفاجأت بكثرة المؤيدين للترشيح وإذا بمعالي الوزير يقول لي يا دكتورة أمل يبدو أنك ستأخذينها بالتزكية… شو رأيك ؟ ” فقلت إزاء هذه الثقة لا أستطيع الاعتذار وهكذا تم الأمر”.
وترى الدكتورة نصير أن المرأة الأردنية استطاعت ولا سيما بالفترة الأخيرة أن تثبت جدارتها وكفاءتها وقدرتها على تولي مناصب قيادية في المؤسسات المختلفة، حيث حققت نجاحات متتالية على المستوى المحلي والدولي، وهي شريك أساسي في نهضة الأردن.
وتشير إلى أنّ هذا الإنجاز كان تجسيدا للرؤية الملكية السامية المتمثلة في تعزيز دور المرأة، وتمكينها من المساهمة في تنمية المجتمع وتطوره. وهو أمر يدعو إلى الفخر والاعتزاز، وما زال أمامها الكثير لتقدمه، وحقها أن يكون لها نصيب أكبر في المناصب القيادية.
وتقول “إن وصول عدد من السيدات الأردنيات إلى مكانة مرموقة عالميا، وخصوصا في مجال البنوك والخدمات المالية – الذي ظل مقتصرا لفترة طويلة على الرجال – وذلك كما يبدو من استعراض مجال اختصاص السيدات اللواتي ضمت قائمة مجلة فوريس أسماءهن أمر يزيدنا ثقة بقدرات المرأة الأردنية، ويشير في الوقت نفسه إلى الاهتمام الذي توليه القيادة الهاشمية للمرأة الأردنية”.
وحول جيل الشباب تؤكد الدكتورة نصير على أنّ المرحلة الجامعية لها دور كبير ومهم في بناء شخصية الطالب، وإعداده للمشاركة في بناء الوطن، والاسهام في تقدمه ونهضته.
وتدعو الشباب إلى ضرورة استثمار جهودهم وطاقاتهم فيما يعود عليهم وعلى وطنهم بالخير والمنفعة، وكذلك نبذ الفكر المتطرف والعنف وتحكيم العقل والمنطق والمنهج العلمي السليم، وتشير إلى أهمية مساعدتهم بتقديم النموذج الصالح لهم، وفي كل ما يحتاجون إليه بما نملك من خبرة.
صدر للدكتورة نصير العديد من الأعمال الأدبية فلديها الآن خمسة كتب هي أودية الشعر القديم – قراءات في الشعر الأموي- صدر عن دار جرير للنشر والتوزيع ، 2016 وفضاء النص بين إيقاع الشعر وإيقاع العصر ، صدر عن وزارة الثقافة الأردنية ، 2014 ، وحول نار الشعر القديم – مقاربات نقدية – صدر عن دار جهينة للطباعة والنشر ، عمان – الأردن، 2005 ، والعلاقات الأسرية في شعر العصر العباسي ، صدر عن دار الإسراء للنشر والتوزيع ، الأردن ، 2004 ، وصورة المرأة في الشعر الأموي ، صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، 2000 . هذا إضافة إلى عشرات المقالات التي سيتم نشرها إن شاء الله في كتاب قريبا.
نقلا عن ” بيكوز اي كير “