صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
في بداية جائحة كورونا ، إتُخِذت إجراءات مشددة ، لا بل قاسية ، لمحاصرة الوباء ، وهللنا ، وانبسطنا ، وإرتحنا ، وشكرنا الله ومن بعده الحكومة ، وشعرنا اننا بأمان ، يستعصي على هذا الوباء اللعين ان يفتك بنا . لكننا لجهلنا بهذا الوباء الخطير ، لم نعلم اننا خُدعنا ، وغُرر بنا ، وان استعراض العضلات على بضع اصابات بالفايروس ، هي ليست الخطر ، وانها لا تمثل شيئاً من فتك الجائحة . فأتت الاجراءات المتشدده على كل شيء ، فدمرت الاقتصاد ، وشُلت الحياة ، وتحولنا مثل قطيع اغنام في زريبة ، نخشى النظر من الشباك ولو لهُنيهة ، لنرى الشمس ، او نستنشق الهواء النقي ، وقُطعت ارزاق الناس ، وتراكمت الديون ، وأُغلقت المحال ، وأفلست الشركات ، وارتفعت البطالة المرتفعة أصلاً ، وقُطِّعت اوصال العباد ، فيرتعد من يود ان يزور والديه ، حتى لا يكون سبباً في انتقال العدوى لهما . وغاب عن الحكومة السابقة انها تركت أماكن رخوة ، وان الفايروس يتربص . ووقعت المصيبة و ( دَشَعَ ) الفايروس علينا من المراكز الحدودية ، وانتشر كانتشار النار في الهشيم ، او في بيدر قمح ، والحكومة السابقة تستعرض عضلاتها علينا ، وتفتخر بما انجزت ، دون ان تحسب اي حساب ، فضيعت ستة شهور دون ان تُقيم مستشفيات ميدانية خاصة بالكورونا ، ودون ان تدرب الكوادر الفنية على التعامل مع هذا الفايروس اللعين ، لا بل ودون ان تحمي جيشنا الأبيض من فتكه وهم يناضلون على خط النار . ففتك بهم ، وبدل ان يساهموا في معالجة المصابين ، اصبحوا بحاجة لمن يعالجهم . كما لم يتم الاستعانة باطباء متخصصون في حالات الطواريء التنفسية ، واعتبروا ان التعامل مع اجهزة الاكسجين عملية سهلة لا تحتاج الى تخصص ولا الى دراية او خبرة ، واعتبروها مجرد معرفة آلية إدخال ( برابيش ) التنفس وإخراجها ، وهنا كانت الطامة الكبرى ، فاعداد المصابين زادت عن بضعة الاف ، وارتفعت حالات الوفاة حتى اصبحت من اعلى النسب عالمياً .
وتكررت الاخطاء من الحكومة الحالية ، فغضت الطرف عن التجمعات الخاصة بالانتخابات ، فارتفعت الاصابات الى اضعاف ما كانت عليه ايام الحكومة السابقة ، وفي اليوم الذي اعلنت فيه الحكومة ان الوضع اصبح شبه مستقر ، وان الاعداد لم تتضاعف ، لكن الوضع ما زال دقيقاً ، وان الوفيات بلغت نسبتها ( ١,٣ ٪ ) وهي مقاربة الى النسبة العالمية التي تبلغ ( ١,٢ ٪ ) .
الى ان استضاف تلفزيون المملكة الدكتور / سهيل صويص ، جراح الشرايين والأوعية الدموية ، فنطق بما نجهل ، وكشف الزيف الذي عشناه طيلة الشهور الماضية ، عندما قال : ان نسبة الوفيات عندنا عالية جداً ، وانها تبلغ ( ١٨,٥ ٪ ) ، مؤكداً ان احتساب نسبة الوفيات عالمياً ليست كما اعلنت الحكومة ، وأن هناك خطأً كبيراً في طريقة احتسابها ، حيث ان العالم ومنظمة الصحة العالمية تحستب نسبة الوفيات من نسبة المصابين الذين يدخلون غُرف العناية المركزة ، وليس الى اجمالي المصابين بالفايروس ، لان غالبية المصابين ، يصابون بالفايروس ويشفون تماماً بدون اية اعراض وبدون ان يتناولوا اي نوع من العلاج ولو حبة بانادول . كما اشار الى موضوع ثانٍ في غاية الخطورة ، بان من يتعاملون مع اجهزة التنفس يجب ان يكونوا اطباء متخصصون في العناية التنفسية الحثيثة وان لدينا ( ١٥ ) طبيباً يعتبرون في مصاف العلماء ، ولديهم اعلى الشهادات من ارقي الجامعات الامريكية ، وهم على استعداد لتقديم خبراتهم مجاناً كمتطوعين . وتم الاتصال مع احدهم وهو الدكتور / جمال الترك ، حيث أشار انه لم يُطلب منهم ان يقدموا خبراتهم للوطن مجاناً ، وابدى استعدادهم لذلك .
واسقط في ايدي كل من استمع وأُصيب الجميع الذهول والتعجب والخوف . الدكتور / سهيل صويص ازاح الستار عن إستغفالنا ، ونحن نجأر بالشكوى من ارتفاع الوفيات ولا نعرف السبب ، كما لا نعرف العلاج .والمفاجأة انه اعلن ان نسبة الوفيات في قطر مثلاً وصلت الى الصفر ( Zero )، مؤكدا ان كل دول العالم تنخفض فيها الوفيات لانهم يطورون اساليب المعالجة باكتساب الخبرة مع مرور الوقت في التعامل مع الفايروس . وطنٌ مُستباح ، وشعب خانع ، إستمرأ الذل ، وتعايش مع الهوان ، والخذلان ، والإستغفال ، والكل يُجربُ فينا – حتى لعنوا والدينا – فمات منا الألوف ، واصيب مئات الألوف ، وتعددت العثرات . استغفالنا في مواجهة جائحة كورونا ، ليست البداية في ترهل مؤسسات الدولة ، انها مجرد حلقة في قصة ضياع الوطن . وأختم وأقول : (( من وضع اللجام في فمه خوفاً من قول كلمة الحق ، فلا يلومن من يضع السرج على ظهره ليمتطية )) .