بقلم الدكتور بركات عوجان
سجلت الحكومة الاردنية هدفا ثمينا باعتقالها عوني مطيع المتهم الرئيسي بما عرف بقضية الدخان ما يؤشر على جديتها لمحاسبة الفاسدين واجتثاث الفساد من جذوره والشكر موصول لقيادتنا الهاشمية حيث استثمر جلالته علاقاته الدولية لتقوم تركيا بتسليمه للاردن وللأجهزة الأمنية كافة اليقظة دائما للحفاظ على أمننا واستقرارنا .
وما دفعني اليوم لكتابة هذه المقالة هو حبي وبري للوطن لعل فيه ما يُفيد من أجل المصلحة العليا للوطن خاصة أننا نعيش في ظروف استثنائية .
لنتذكر أولا بان الحراك في الاردن سبق الحراك في سوريا ولكن وعي الاردنيين وحكمة القيادة السبب في بقاء مكونات الدولة واستمرارها لأننا لا نريد ان نقوم بدور المنتحر الذي يُطلق النار على نفسه .
في الأردن مزاج عام لا بد ان نذكره بشكل واضح وجلي فالمواطنون بعمومهم ينظرون للمسؤولين على انهم سبب الفساد الذ أودى بموارد الوطن ومقدراته ، والذي يستفز الاردنيين كثيرا ان بعض الساسة والمسؤولين لا يأخذون في الإعتبار شكوى ومعاناة البسطاء بل على العكس يستكثرون نقد العامة لهم ، والحقيقة التي يجب ان نعرفها ان الاردن قطع منذ تأسيسه من مراحل النمو والتقدم وحقق من الإنجازات ما هو خليق بأن يُؤخذ انموذجا لكفاح شعب كبير بأبنائه والنظرة الزاعية لقيادته الهاشمية .
فبعد تسعة عقود من تأسيس دولتنا وعلى الرغم ان هذه العقود كانت سمتها النكبات والمآسي والدماء الا اننا وبحمد الله تمكنا من بناء دولة تجاوز حضورها حدود الإقليم ، ولكن كل هذا لا يعفينا من وقفة جريئة ومراجعة شجاعة للذي حدث مؤخرا في الوطن .. فمن يستطيع ان يُنكر وجود الفقر والبطالة والفساد المالي والإداري وكل الموبقات ؟ وما جوع الأغلبية الا تُخمة الأقلية الفاسدة .
وفي المقابل من يستطيع ان يُنكر منجزات رائعة على جميع المستويات منها التعليمي والصحي تحققت بجهود أبناءه .. لهذا كله اذا رأي بعضهم ان قاطرة الحكومة خرجت عن مسارها الطبيعي وانحرفت باتجاه خاطىء وخرجوا ليعبروا عن وجهة نظرهم بالشكل المصان دستوريا وليقولوا ان طوق النجاة بيد سيد البلاد .. ماذا يضير ذلك طالما ان المعتصمين والأجهزة الأمنية والجميع في مركب واحد ومخاوف الجميع متشابهة وكلا الطرفين يمقتون اشد المقت الفاسدين المفسدين .
ان التضحية بالفاسدين بات أمرا ضروريا لكي تتعافى الدولة الاردنية وكيانها السياسي لكن ومع ادراكي ان كشف ملفات الفساد قد يمس بسمعة الدولة الا أنني لا ارى ذلك سببا لكي نغض الطرف عن تقديمهم الى القضاء صاحب الكلمة الفصل لأنهم وبإختصار أفقروا الوطن والمواطنين وعاثوا في الأرض فسادا .
والأمر المهم أيضا وهذا ينطبق على المسؤول والمواطن في آن معا اننا شعب نطالب بالحقوق ولا نقيم وزنا للواجبات الملقاة على عاتقنا وحتى عندما نطالب بالحقوق نشعر جميعا اننا نعيش في دولة تفوق الدول الاسكندنافية وننسى أو نتناسى اننا نتاج وافراز لإتفاقيات عالمية ” سايكس_بيكو” وهي اتفاقيات قسرية ليست برغبتنا ..فأجسادنا في دول ضعيفة لا تستطيع حماية نفسها و احلامنا في الدول المتقدمة …وهناك بون شاسع بين الواقع والخيال ،وهذا الإنفصام واضح فيما نحن فيه وكيف نفكر ونستهلك .
وختام القول .. ضرورة الشروع فورا باحالة من توفرت الأدلة على تورطهم بقضايا فساد الى القضاء ، ترشيد الإنفاق الحكومي، واعتماد سياسة الإقتصاد الإجتماعي الذي لا يُخلي الدولة عن دورها … ناهيك عن الاصلاح السياسي الحقيقي والأمن الذي يُعزز الهوية الاردنية الجامعة واخيرا الشكر كل الشكر لمن يُوقظ الحس الوطني والروح المعنوية عند ابناء هذا الوطن الغالي مبتهلا لله تعالى ان يحفظ الأردن واهله .