صراحة نيوز – واصلت الدورة الـ41 من معرض الشارقة الدولي للكتاب فعالياتها المتنوعة في مختلف جوانبها الفنية والثقافية ملبية أذواق مختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية في فضاءات إبداعية عالمية.
فمن وحي الأجواء الرومانسية لمدينة البندقية نظمته إيطاليا احتفاءً باختيارها ضيف شرف دورة العام الحالي من المعرض، يستمتع جمهور المعرض يوميا بعرض الكاريلون الموسيقي الجوال، حيث تدور راقصة الباليه بزيها الأبيض متوضعة أعلى بيانو متحرك فيما عازفه يعزف مقطوعاته ويقود حركته ليجول بها ردهات وقاعات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2022، في لوحة استعراضية فريدة تجمع راقصة الباليه وعازف البيانو في أداء جذب جمهور المعرض.
والأداء الإبداعي المؤثر الذي يجمع بين اللغتين السمعية والبصرية بأداء الباليه الراقص وألوان من كلاسيكيات عظماء مؤلفي الموسيقا الإيطاليين، لاقى استحسان وتفاعل الجمهور من مختلف الأعمار والجنسيات، وهو يجول بين أجنحة دور النشر وقاعات وردهات المعرض.
ويشار إلى أنه احتفاءً باستضافتها ضيف شرف الدورة الـ41 من “معرض الشارقة الدولي للكتاب” تنظم إيطاليا 14 فعالية ممتعة ضمن برنامجها الثقافي، ويقدم نخبة من الكتّاب والمثقفين والفنانين والناشرين الإيطاليين لزوار المعرض فرصة فريدة للتعرف على الجوانب الثقافية الغنية لهذه الدولة الأوروبية العريقة، حيث تضم قائمة الأدباء الإيطاليين المشاركين في دورة العام الحالي من المعرض كلاً من فيولا أردون، ولويجي باليريني، وأليساندرو باريكو، وفرانشيسكا كوراو.
وعلى صعيد متصل، في جلسة حوارية حملت عنوان “سمات الأدب الجماهيري” ضمن برنامج الفعاليات الثقافية في “الشارقة الدولي للكتاب” طرحت الإعلامية ليلى محمد أسئلة جوهرية حول سعي المؤلفين لإيصال كتاباتهم الأدبية وضمان تحقيق الجماهيرية والرواج والقبول بين القرّاء، أبرزها؛ ما هو مفهوم الأدب الجماهيري؟ وما هي مميزات هذا النوع من الأدب؟ وهل يمكن للروايات تحقيق جماهيرية أكبر من الشعر والمسرح والقصة القصيرة؟ وما هي العوامل التي تقرر الجماهيرية؟ هل هي المبيعات؟ أم عدد القرّاء؟ أم التقييمات؟
وشارك في الجلسة الكاتبة الكندية نيتا بروز، والدكتور الباحث والروائي بومدين بلكبير من الجزائر، والصحفي والناشر الدكتور صالح البيضاني من اليمن، والروائي العماني محمود الرحبي، ضمن برنامج الفعاليات الثقافية خلال اليوم الثاني من الدورة الـ41 لـ”معرض الشارقة الدولي للكتاب”.
وقال الدكتور بلكبير إن الإجابة على هذه الأسئلة المهمة تتطلب إجراء مسوحات دقيقة وشاملة للمنطقة العربية، مؤكداً وجود عدة عوامل جعلت من الكتابات الجماهيرية في صدارة الأعمال الأدبية، منها الترويج الواسع والتسويق الجيد للكتب من خلال قوة صورة الغلاف وألوانه وتصميماته وجمالياته، وسلطة الأرقام، حيث أن كثيراً من الناشرين يتعمدون كتابة عبارة “الأكثر مبيعاً”، إضافة إلى كاريزما الكاتب وصورته، وفقاً لاهتمام القراء بحياة الكاتب “النجم”، فضلاً عن أهمية الترجمة، والجوائز التي تلعب دوراً أساسياً في إبراز الأعمال.
من جهتها، لفتت الكاتبة الكندية بروز، مؤلفة رواية “الخادمة” التي تُرجمت لأكثر من 35 لغة عالمية، إلى أن الترجمة تصنع فارقاً جوهرياً في تعزيز جماهيرية الكتاب، فإذا نجح الكاتب بترجمة عمله إلى لغات عالمية، سيضمن التغلب على عقبات الوصول إلى الثقافات المختلفة، والانتقال من الشخصي والمحلي إلى العالمي، وهو هدف يصعب تحقيقه، إذ ينبغي للكاتب ابتكار قصة وشخصيات لا تناسب ثقافته الشخصية فحسب، وإنما مختلف الثقافات، والتواصل معها.
وأكد الصحفي والناشر الدكتور البيضاني وجود تباينات كبيرة بين سمات الأدب الجماهيري في الغرب عموماً، وفي العالم العربي، حيث يتميز الغرب بمنصات إعلامية وثقافية راسخة يمكنها رصد أهمية الكتّاب والكتب التي صدرت حديثاً، إضافة إلى قوائم شهرية وأسبوعية بأكثر الكتب مبيعاً، والمؤسسات التي تأخذ بيد الكاتب وتقدم له نقلة هائلة على صعيد الانتشار والترجمة إلى لغات أخرى.
وقال الروائي العماني الرحبي “الكتابات الجماهيرية هي التي تبدأ من الجمهور، وفيها نوع من التنازل على المستوى الفني، لكن هناك بعض الكتابات التي تمزج بين الفائدة والمتعة، فليس من الضروري أن يكون الكاتب أديباً ليكون عمله جماهيرياً، فربما يكون شخصية مشهورة في مجال ما، سياسي أو صحفي أو محاضر، وحين يصدر كتاباً يتحول إلى كاتب مقروء، لأن الجمهور لديه فضول لمعرفة تفاصيل حياته”.
ومن ضمن فعاليات المعرض تقدم الممثلة الإيطالية إيلينا جافوري، عرضاً يومياً متجولاً، تؤدي فيه شخصية بينوكيو الخيالية الشهيرة، حيث تتجول الممثلة بين ردهات المعرض وقاعاته، بزي استوحت فيه ملامح الدمية الخشبية، التي ابتكرها الكاتب والصحفي الإيطالي كارلو كولودي، نهايات القرن التاسع عشر، بأنفه المميز، الذي يطول كلما تفوه بالكذب.
كما أقيمت مناظرة أسرية بعنوان “الحوار نصف التربية” استضافتها فعاليات اليوم الثاني من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2022، ونظّمتها جمعية الاجتماعيين، حيث تحاورت خلالها الدكتورة رقية الريّس، رئيس منصة الشباب في الجمعيّة، مع الدكتورة فاطمة البلوشي المتخصّصة في علم الاجتماع، وأبرزتا خلالها أثر وأهميّة الحوار الأسري في تشكيل تجربة أسريّة وعائليّة ناجحة وعلى قدر كبير من المسؤوليّة.
وتعدّ المناظرة من الفعاليات الثقافية المصاحبة للمعرض، حيث أبرزت دور الإعلام والتقدم التقني ومنصات التواصل الاجتماعي في غرس الهويّة والقيم، مشيرة إلى أنّ سلوك الأبناء هو مسؤولية العائلة، إلى جانب توضيح أهمية الاقتداء بالتجارب الأسرية الناجحة.
وضمن الفعاليات كذلك، التقت التجربتان السنغاليّة والنيجيريّة في فنّ الرواية العربيّة الإفريقيّة على أرض الشارقة، حيث استعرضتا عبر نافذة معرض الشارقة الدولي للكتاب 2022، واقع الأدب العربي وتحديداً فنّ الرواية في إفريقيا ممثلاً بالسنغال ونيجيريا، وذلك ضمن الجلسة الثقافيّة “واقع الرواية العربيّة الإفريقيّة” التي تناولت قراءات حول هذا المجال الأدبي في العصر الحديث، وأهم موضوعاته، وقدراته على التعبير عن قضايا المجتمع.
واستضافت الجلسة الكاتب والمؤلف السنغالي عمر لي، والأديب والمحاضر النيجيري أحمد أبو بكر، فيما أدارها الدكتور عبد القادر إدريس ميغا من مالي.
وافتتح “المقهى الثقافي” في المعرض أولى أمسياته في هذه الدورة، باستضافة الشاعر الإماراتي عبد الله الهدية، والشاعر السوري عبد السلام نجيب حاج، وقدمها الإعلامي فواز الشعار.
وفي جلسة حوارية ضمن فعاليات “الشارقة الدولي للكتاب 41” اتفق عددٌ من الكُتّاب المسرحيين، على أن ظهور المسرح الرقمي أثّر بشكل كبير على المسرح التقليدي الذي ألفناه وعشنا معه، إذ أثّرت التقنية بالسلب على التفاعل بين الممثل والجمهور، مؤكدين أن المسرح الرقمي “متأرجح” في الوقت الحالي.
وجاء ذلك خلال جلسة “المسرح في العصر الرقمي”، جمعت الأديبة آمنة الربيع، واللواء سعيد الحنكي، والدكتور محمد يوسف وأدارها الفنان محمد غباشي، حيث اعتبروا خلالها أن المسرح الرقمي اعتمد على مفهوم الحداثة ومفاهيم جاءت من فلسفات غربية، وبات الاعتماد على لغة الجسد يمثل 5 بالمئة فقط، بينما الباقي هو عبارة عن تقنيات فقط .