صراحة نيوز – بقلم عبد الفتاح طوقان
للأسف حتي يومنا هذا و رغم مرور سنوات عدة علي تآسيس المملكة الأردنيةالهاشمية فلا زالت “الدولة الملكية ” بتعريفها السياسي و الاقتصادي غائبة ، ولا يتم تدريس أي شيء في مناهج الدراسة عن الملكيات و الفرق بينها و بين الجمهوريات، و لا يتم الإشارة عن الحقوق و الواجبات، الحدود و السقوف ، الحريات و صيانة حرية الاخر دون التعدي عليه، النظم المالية هل هي اشتراكية او شيوعية او ليبراليه و تستمر الدولة في التارجح ، و الشعوبية الناتجة علي النقد السلبي ودون توثيق تنتصر علي ديمقراطية التشاورية او التشاركية لبناء وطن مزدهر عادل ، و تبقى الدولة تمر في مطبات نتيجة الجهل السياسي و الثقافي بحضارية الديمقراطية و اوصلها ، ويدخل السجون من لا يعرف القانون ويعتقد ان الحرية تضمن التجاوز علي الدولة الأردنية وعلي الملك ، ولا يعلم ان الدستور يضمن للملك عدم المسؤولية و أن الملك يملك ويحكم ، والحكومات مجرد أداة مساعدة بدون ولاية ، وبعض الوزارت لا قيمة لها ولا وزن ولادخل من قريب او بعيد لها بصناعة القرار، بل أن بعض من وزراء مجرد أداة مثل مسرح العرائس هناك من يحركهم ، هيفي قلة منها مجرد مناصب توريثية او مكتسبات او غنائم .
و المشكلة ان وزارات الثقافة في بعض منها كانت صورية ، لم تساهم في توعية ابنائها عن ” الملكية ” ولم تشر الي ان “عبر الأردن“ هي الان “مملكة“ معترف بها ولها دستورها الذي تم بموافقة ممثلي الشعب بغض النظر عن كيفية اختيارهم او كيف تم ايصالهم الي المجلس ، وعلاقاتهم المتشعبة المرتبطة بالهاتف و التعليمات التي تآتي من خلاله
و أيضا وزارة التربية و التعليم لا يوجد ضمن مناهجها أي شيء يدرس عن “الملكية ” عن حقوق ” الملك” عن “الدستور ” الواجبات و الحقوق، الحريات وعن الهوية الأردنية ، عن العشائر وأصحاب الأرض الأصليين ، فتاهت بوصلة العمل السياسي و اصبح تشتت الفكر وسموم سهام الانتقاد توجه بلا اصل و في كل اتجاه تدعي “حرية الفكر و القلم ” وارتفع حملة السيجار فوق هموم الشعب و ارتادوا السجاد الاحمر دون محاسبة”. لا تلك ليست حرية يا سادة ياكرام.
اعود الي سنوات الثمانينات حيث لم يكن هناك علم اردني يوضع في المكاتب او السفارات ، و عندما تسلم معالي هاني الخصاونة وزارة الاعلام ( ١٩٨٨ –١٩٨٩ ) زرته في مكتبه مهنئا واهديته علم اردني مع سارية صغيرة و قاعدةليضعه على مكتبه و و طلبت منه تعميم ذلك مثلما تفعل جمهورية مصر العربية في سفارتها و مكاتبها ، مصر و التي درس بها و تخرج منها عام ١٩٦٢ حاصلا علي ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة ، من هناك كانت بداية وضع الاعلام في المكاتب.
وعندما اسند لي دورا في وزارة الدفاع بمؤسسة الإسكان العسكرية ذهبت الي مديرها آنذاك العميد آنذاك ( اصبح فيما بعد لواء رحمه الله عليه ) قاسم محمد صالح الطوباسي و كان من مرتب الاستخبارات العسكرية ، رحمه الله عليه ( توفى قبل اشهر) ، و طلبت منه ان يمدني باعلام و صور للملك موشحة بتوقيعه ليتم توزيعها وتعليقها في كل بيت عسكري او ضابط استفاد من القرض العسكري لبناء مسكنه، وتم ذلك.
كنت مؤمنا و لا ازال ان علينا دوما ان نكون منتمين و موالين للأرض و اصحابها الاصليين و ان يكون الارتباط بالأرض والعلم أساس حياتنا مهما بلغت الصعاب ومهما كانت الانتقادات فالاصل – اعيد و اكرر – الأرض و العلم، وأن تلك الامور التي تبدو بسيطة من علم و صورة موقعة من الملك لها فعل كبير في النفس وتزيد من حماس الانتماء وتعطي انطباع للمستفيد ان الملك يقدره والقضية ليست فقط ماليه و تقاعد. للأسفعلمت ان ذلك توقف و هنا أطالب بإعادة تلك الممارسة المعنوية.
لذا انا – و العياذ بالله من كلمة انا– انتمائي للأرض الاردنية الطاهرة و العلم الأردني الخفاق بهاشميته هو انتماء لا يتجزأ و اقف مع الحريات المسؤولة الواعية بامور الوطن و المخاطر المحيطة به ، مع الانتقاد دون سقف للحكومات ، مع تقديم المشورة والنصح للملك ورجالات الدولة ، مع نشر المعلومات وفضح الفساد بوثائق والكتابة عن كل ما هو ضار بالوطن والمواطن ، دون هواده و دون مواربة ، دون مصادرة للراى او اعتقال لكاتب ، ولكن دون المساس برمز الدولة ، اما ان يصل الوضع الي الشتم والانتقاص من هيبة الدولة ومن الملك و التثوير ضده فهنا يجب ان نتوقف لان الديمقراطية في ابسط بنودها تمر عبر مجالس منتخبة وتحترم مواد الدستور، واذا كان هناك أي خلاف فيجب ان يمر عبر الأطرالدستوريه للتعديل.
من حق الشعب ان يعبر عن رايه ، و من حق الشعب ان ينادي بالتغيير والتعديل لكن ضمن الأسس الدستورية وعبر المجالس المنتخبة و من خلال الوسائل الإعلامية المتاحة ، حتى وان كانت بعض من تلك المجالس او الصحف صورية ، او ان بعض المجالس وصلت بغير حق ، فهذا خطاء ارتكبه بعض من أبناءالوطن وبعض الشعب عند التصويت أولا و عند عدم المشاركة يوم الانتخابات ، و اضيف خطاء البعض عند الموافقة علي المرشحين وبعد وصولهم الي مقاعدهم .
عندما نختار الديمقراطية فهي لا تجزء ، كما هناك حقوق في الديمقراطية هناك واجبات و ممارسات قانونية و دستورية ، لا بوابة دون حارس مرتع لكل من لديه هاتف ووسيله تواصل اجتماعي عليه، وعلي الجميع التفهم ان للديمقراطية انياب شرسة تستند الي الدستور و القانون لا الاهواء و الحالات الخاصة الانتقائية.
أيضا ليس من العدل او من المقبول ان يسمح لشخص ان يتهجم علي الملك وعلي الدولة الأردنية و يتنعم بسبب ثروته او عشيرته بضمانات عدم المساس به ، بينما ينتقد شخص اخر او يبدي رائيا مخالفا فيسجن ويعتقل و يطلب الي مراجعات امنية ، هذا ليس من مقومات ديمقراطية الدولة و لا من عدالة قضائها.
من حق من لا يرغب في وجود “دولة الملكية” ، وهم لا يتجاوزون في عددهم مجتمع النصف بالمئة ، ان يعبر باراءّ عبر الوسائل المتاحة و بأدب و احترام ودون اعتقال او مسائلة له فحرية الراى مصانه دستوريا ، لكن عليه ان يستمع الي راي الأغلبية الصامته والأغلبية المعلنة التي تقف في صف أبناء الأرض الأصليين وأصحابها ومع الملك والملكية ، ليس ذلك فقط بل أن يلتزم بقرار الأغلبية.
لا يزال الأردن بعيد عن ممارسة الديمقراطية و فهمها ، ويتنطح البعض من فترة لاخرى لاهانة الدولة والانتقاص من هيبتها ضمن شعبوية مغرضة و تافهه ، و يصفق له البعض ويستخدمونه لمآرب خاصة ، بينما الواقع عكس ذلك عندما تتضح الرؤي وتتفهم الأسباب وراء بعض القرارات و التوجهات المفروضة علي المملكة الأردنية الهاشمية ، وهنا نعيب علي بعض المؤسسات الإعلامية تقصيرها في اظهار الحقائق و تحويل جل اهتمامها للتستر علي مضامينها و ذها خطاء يتوجب المحاسبة و المحاكمة ، و في بعض الأحيان توقف كبار مسؤولي الاعلام عن اتخاذ قرار النشر و التوضيح انتظارا لهاتف لم يآت و لن يآت ، من هنا تبدء فجوة التواصل المعرفي و الوصول الي المعلومة الحقيقية.
هناك في الساحة مثقفين كبار ورجالات دولة ومتقاعدين من القوات المسلحة لهم من الآراء الصائبة الانتقادية والخلافية مع الدولة بشأن قضايا٫ الفساد و بيع أصول الدولة واتفاقيات القواعد العسكرية والتواجد الأمريكي و ووادي عربه و الارتماء في أحضان التعبية ، و خيارات ضعف رؤساء الحكومات ووزرآء الصدفة و غيرها من الأمور ، والتي يجدر الاستفادة منهم ومن التميز الفكريلديهم والاتساع في قبول صداره حديثهم وعصاره فكرهم الوطني ، ولا داع بتاتا الي تحويلهم الي معارضين، او جعلهم مقاتلين ضد سياسات الدولة .
مطلوب مراجعة واعية و فهم نتدارك به جميعا ان الكل هم أبناء هذا الوطن الكريم منتمين اليه و لترابه الطهور ومدافعين عنه ، لا مجرد ابواق ناقدة لكل كبيرة وصغيرة بقصد الانتقاد و تحقيق شهرة كاذبة ، دون إيجاد حلول و دون المشاركة في صناعة الوطن وتحقيق الحلم الأردني.
هذا دفاع عن الديمقراطية و الدولة الاردنية لا عن “الملكية “، لان “الملكية” في الأصل كانت خيار الأجداد وخيار المبايعة ومنذ التاريخ كانت للهاشميين دون غيرهم و وحدهم ، وهي لا تحتاج من أي كان الي عهد او عقد اجتماعي جديد مثلما تحدث به احد رؤوساء الوزراء الذي اتي من رحم حمل السلاح في السبعينات ضد المملكة التي احتوته ، المملكة الأردنية التي نفخر بها والغنية باهلها و تاريخها وترابها هي أساس حياتنا وبصيص نور امالنا في غد مشرق بتعاون جميع الايادي ضمن ديمقراطية تشاركية لا ديمقراطية شعبوية
ديمقراطية كما قال الملك عبد الله الثاني “كفى”، و القصد ان هناك من يعبث بالديمقراطية مسيئا في استخدامها و توظيف ادواتها و يصورها بغير حقيقتها،.