صراحة نيوز – ما زال الحفل الذي رافق استلام وزير التخطيط والتعاون الدولي عماد فاخوري ومعه وزير المياه حازم الناصر لشحنة مساعدات أمريكية من القمح يحظى باهتمام الكتاب وكذلك النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي منتقدين وساخطين على قبولهما ذلك .
تاليا مقالة بقلم محمد عبد الكريم الزيود بعنوان ” أبكي على قمحنا “
يحقّ لكَ أن تذّلنا ، ويحقّ لكَ أن تقيم مراسما وأنتَ تستقبل إستعمارهم لنا منذ أن أتوا جيناتك وأمثالك لتحكمنا ، يحقّ لكَ أن تفرش السجاد الأحمر وتمشي كإمبراطورٍ منتصرا، وأنتَ تقبّل يد سيدك ، وتحضن قمحهم ومساعداتهم المملوءة فئرانا وذلّة وخنوعا ، يحق لك أن تعزف لحن الرجوع الأخير على موتنا وسيادة قرارنا .
قف يا معالي الوزير وأخطب فينا وفيهم ، وبشّرهم أن موارسنا لم تعد تنبت قمحا ، بعدما كانت تنبت عزّة ومروءة وشهداء وفرسانا ، قل لهم أنّ وصفي مات ، ومات معه مشروعنا الوطني من زراعة القمح إلى تحرير فلسطين ،. قل لهم أيضا أن منجالنا صدئت وعلّقناها في المتاحف والمضافات ليراها السياح ، وأنّ خيولنا تكدّشتْ عندما غاب فرسانها ، وأنّ سيوفنا خشبا ، وأصبحتْ للدحيّة منذ أنّ أتيتَ أنتَ وربعك ، وأسقيتَ الجيل الجديد نخب الأجنبي وتفوّقه، وربطتنا به ووثّقتَ الحبل جيدا بإسم التعاون الدولي والمساعدات ، منذ أن ركبتَ على ظهورنا وشيّخناكَ علينا وكنتَ الدليل لأسيادك ليستعمروننا ، منذ أن قلتَ للشباب أنهم أفضل منا ونحن بحاجتهم ، وأننا أدّمنّا الشحدة ومدّ أيادينا بإنكسار .
قادرون يا معالي الوزير أن نزرع بلادنا بالقمح ، لو سمحت للمليارات التي تتدفق من خزينتك ، وتدعم المزارع الفقير ، قادرون أن نستعيد قرارنا الوطني لو لجمت أنت وحكومتك السماسرة وتجار الكومسيونات والوسطاء المعتاشين على ذلنا .
أذكرك أن جدودنا وآبائنا عاشوا على خبز الشعير وكراديش الذرة عندما صابتهم السنوات العجاف ، وأن مروج حوران كانت تطعم روما قمحا ، وأن بيادرنا ما أفقرت إلا لما تسّنمتَ أنت رقابنا ، وأن زيتوننا ما ذبل إلا لما بشرتنا بالإقتصاد الجديد والعولمة التي سحبت دمنا وشربت نخبها في قاعات الخمس نجوم .
لم يعد هناك شيئا في البلد يباع ، والفقراء يتزايدون ، والبطالة ترتفع ، والتعليم يتراجع فشكرا لخططك الخمسية والعشرية ، شكرا لك ولكل الذين أفقرونا ، وجردونا من ثيابنا وكرامتنا ، ولكن تذكر أن للبيت رب يحميه ، وأن هناك من هم طارئون أتوا على عجل ، وأن من يحمي الأوطان هم الفقراء المغروسين في الأرض ، حتى لو لم يجدوا في البلاد إلا الحجارة لقاتلوا ذودا عنها، ولكن قبل أعدائنا سيقتلعونكم قبلهم يا مصدر فقرنا وقهرنا وذلنا .
حمى الله الوطن الغالي