صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
تعد أفلام “الأكشن” الأكثر مشاهدة؛ لما تتضمنه من إثارة بعرضها لنماذج من الجرائم، التي يستعصي حل لغزها على أشهر المحققين، وذلك لبراعة التخطيط ، ودقة التنفيذ ، وفي الغالب من ينفذها يكون قاتلا مأجورا يتم اختياره لاحترافيته في عدم ترك أي أثر للجريمة ، مما يصعب معه توجيه التهم لشخص معين ، وبالتالي تحفظ الجريمة ضد مجهول .
في وقتنا الحاضر ، لم يعد المأجور يرتبط بالقتل ، بل تطور ليواكب العصر؛ بادراج مهنة جديدة ، ليصبح لدينا “السارق المأجور” .
وللسرقة أوجه عدة ، ومنها: سرقة المال والمقدرات ، وسرقة المواقع والمناصب، وسرقة الحق من أصحابه ، وأيضا السرقة العلمية وغيرها ، إلا أنه يبقى من أبرزها وأهمها في وقتنا الحاضر سرقة الموارد والمقدرات والعطاءات ، إذ اكتسبت هذه المهنة أهميتها نظرا لأن السارق الحقيقي لا يحب الظهور والاضواء ، ولا يريد أن يُعرف عنه شيء، ويريد أن يظل في الخفاء ، يحظى بالاحترام ، ووصل به الامر أن يطالب بمحاربة الفساد والفاسدين ، وهو بالاصل المحرك الأول والرئيس في توجيه السرقة للمأجورين ليسرقوا المال العام وينهبوه لصالحه ، من خلال تحريكه لهم عن بعد وتوجيه السارق المأجور، الذي يتم اختياره من أصحاب الشخصيات المراوغة أو “الملعبنة” القادرة على التقلب والتلون، وتغيير الحقائق ، كل ذلك مقابل عمولة يحددها دون اعتراض من المتنفذ، الذي يريد منها كسر عين السارق المأجور ، وبالتالي يتخلص من ابتزازه، أو في حال فكر أن يستغل السر ويستخدمه في وقت ما ضد ” الرأس الكبير” .
الخطأ الذي يقترفه هؤلاء السارقون المستأجرون ، هو المطالبة برفع النسبة ، أو الحصول على امتيازات واعطيات أخرى ، حينها لن تكون هناك رحمة ، بل يصار إلى كشف السارق فورا وتقديمه مع الادلة والبراهين والشهود على جريمة السرقة التي ارتكبها، لتتم محاكمته وملاحقته على الاموال التي سرقها، عدا عن احتجاز حريته وسجنه وكشفه أمام العامة ، وكشف ورقته وتحجيمه حتى يكون عبرة لمن لا يعتبر ، وتلويث تاريخه وسجله ، وانهائه من الساحة ، باعتباره ورقة طويت بعد الانتهاء من استخدامها ، ليبدأ البحث عن ورقة ثانية بديلة، إما أن تنتهي بهدوء بعد انجاز المهمة ، أو يكون مصيرها معروفا تماما، كمصير من سبقها من السارقين الماجورين الذين تطاولوا على أسيادهم .
للأسف فان المأجورين ، يتجولون بيننا ، وموجودون معنا ، لا يفارقوننا، نكرمهم ونفضلهم على من حولنا ، رغم إيذائهم لنا، فلا تكاد مؤسسة تخلو منهم ، يمتازون بعيونهم الجاحظة (غير المكسورة) رغم كشفهم ، لكن الخوف ليس من السارق المأجور ، بل من الذي استأجر هذا السارق ومدى قوته ونفوذه .