صراحة نيوز بقلم سهير جرادات
في كل مرة كنت أسأل فيها أحد السياسيين الاقتصاديين عن موعدالانفراج الاقتصادي، واستقرار الأحوال في الأردن ؟ .. كانت تأتيإجابة السؤال بسؤال : هل تم تعيين السفير ؟ ويتابع: لان التعييناعلان عن الرضا الأمريكي على الأردن ، وإعادة الاعتبار لدوره فيالمنطقة ، وإعلان انتهاء الضغط عليه، وتحقق ما أرادوه!!..
على الرغم من التأكيدات الأردنية التي جاءت على لسان وزيرالخارجية الحالي والسابق، وعلى مدار فترة غياب تعيين سفير امريكيلدى البلاط الهاشمي التي استمرت لعامين ، بأن عدم تعيين امريكاسفيرا لها في الاردن لا يعني الاهانة، وأن وجود بعض الاختلافاتعلى عدة ملفات، لا يؤثر في العلاقات المتينة والوثيقة والمعتدلة بينالبلدين حيث تعهدت واشنطن لأكثر من مرة فإن بتعزيز استقرارالمملكة ودعمها ماديا، إضافة إلى وجود اتفاق أدبي ؛ يكون الأردنعلى أساسه حليفا رئيسا لأمريكا خارج حلف الناتو ،إلا أن جميعالمحللين السياسيين قد اجمعوا بأنها ورقة ضغط على الدولة ورئيسها.
ورغم أن الأردن يتمتع بعلاقات وثيقة مع واشنطن، وفي أكثر من محفلتتعهد امريكا بموجب مذكرات تفاهم وقعت بين البلدين ، بتقديممليارات الدولارات سنويا من المساعدات الاقتصادية للأردن ، الىجانب تقديم ملايين الدولارات لدعم القوات المسلحة الأردنية/ الجيشالعربي .
لكن غياب سفير اميركي جديد لدى الأردن ومنذ سنتين تقريبا،وتحديدا ، مع بداية عام 2017 ،شغر المنصب بعد انتهاء أعمالالسفيرة أليس ويلز ، “التي تمت إقالتها من قبل الرئيس الامريكيترامب ، بناء على طلب مباشر من الملك عبد الله الثاني ، كونها سفيرةمزعجة وفضولية ، أقحمت نفسها كثيرا في القضايا المحلية منذتعيينها في العام 2014، وكانت تتحرك دون مراعاة للأعرافالدبلوماسية ، وطلب الملك ذلك من الرئيس الأمريكي السابق باراكأوباما، إلا أنه رفض إقالتها مؤكدا دعمه لها ” ، بحسب تصريحسيناتور دبلوماسي متقاعد لمجلة “فورين بوليسي” الأميركية .
وطول فترة شغور التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في الأردن ، فتح بابالتأويلات والتساؤلات حول وجود أزمة غير معلنة بين البلدين، إلى جانب وجود قضايا عالقة لم تجد طريقها بعد للحل ، وملفات ما زالتغير مغلقة، تتعلق بالقدس والوصاية على المقدسات الإسلامية ، ومايُجد على محور القضية الفلسطينية .
وعلينا أن لا ننسى أن الاكتفاء الاميركي بقائم أعمال يعد سابقةدبلوماسية غير سليمة انتهجتها واشنطن، ويعد مؤشرا الى انخفاضالاهتمام الأمريكي بالدور الأردني في المنطقة ، وتم استغلال هذاالوضع للضغط على الأردن في ملفات عدة ، من أبرزها ملف الوصايةعلى القدس وإعادة التمثيل الدبلوماسي الاسرائيلي في الاردن بعدحادثة اطلاق النار في السفارة وتهريب المعتدي دون إذن رسمي ،وكلها خلقت حالة من التوتر بين البلدين لعدة أشهر .
لاشك بأن عودة التمثيل الدبلوماسي الامريكي لدى الاردن له معانيهودلالاته ، كما أن غياب تسمية سفير امريكي لحوالي العامين له دلالاتهومعانيه ، إلا أنه على مدار العامين لم تعلل واشنطن سبب التأخير فيتعيين السفير، وحتى بعد الاعلان عن تعيين سفير لها لدى البلاطالهاشمي الاردني لم تقم أيضا بتفسير هذا الإجراء .
وفي قراءة سريعة لقرار تعيين القائم بأعمال السفير الامريكي فيالأردن سابقا العسكري السابق “هنري ووستر ” ليكون أول سفيرأمريكي فوق العادة في عهد الرئيس ترامب ، ومفوضا للولايات المتحدةالأمريكية لدى الأردن ، وهو ضابط بالجيش قبل أن يلتحق بالسلكالدبلوماسي ، نصفه كردي حيث ولد لام من كردستان العراق ،ويتحدث الفرنسية والروسية، ولديه معرفة عملية باللغة العربيةوالفارسية والسريانية/ الآرامية ، قي هذه الظروف يبقى هذا السؤالمطروحا: هل جاء ووستر لتصحيح أخطاء “ويلز” المزعجة؟!
اليوم ، وبعد الانفراج الدبلوماسي الأمريكي – الأردني ، المتزامن معالزيادات الهزيلة التي أعلنت عنها الحكومة في حزمتها الاقتصاديةالثالثة لرواتب الموظفين العسكريين والمدنيين العاملين والمتقاعدينالتي تتراوح بين عشرة دنانير شهريا ، لتصل الى ثمانين دينارا لرفعمن هم دون الحد الأدنى للأجور الى 300 دينار شهري ، بالتأكيدليس هذا الانفراج الاقتصادي الذي كان يتحدث عنه السياسيالاقتصادي ، لأنه في الحقيقة لم يجد نفعا في تهدئة النفوس الغاضبةوالساخطة على الوضع الذي آلت إليه حالة البلاد والعباد ، من تفشيالفساد ، وتغول الفاسدين على مقدرات الدولة وعليهم، وزاد حالةالحنق الشعبي والسخط العام على كل الأوضاع .
واكد المتقاعدون المدنيون والعسكريون ان الزيادة الحكومية الهزيلةرسالة خاصة لهم ، مفادها : كنا نطلق عليك أيها المتقاعد تسمية” مت.. قاعدا” ، واليوم نقول لكم: ايها الأحياء الاموات:” مت .. حيا!”