صراحة نيوز – بقلم عبدالكريم محمد الشطناوي
وبعد أن هدأت سورة نتائج الشهادة الثانوية،وما تناقلته صفحات التواصل الاجتماعي،من مباركات وتهاني للناجحين،وما أحدثته من جلبة وصياح وزوامير وتغاريد وزغاريد ومهاهاة من جهة،وما أصاب البعض من حزن وبكاء وعويل،وندب حظ وسوء طالع من جهة أخرى.
فقد استرعى الإنتباه،بأن من حصل على المرتبة الأولى علمي،وبمعدل مئة بالمئة،فإن هذا له دلالة لا تتفق مع منطق الحياة،فهو يشير إلى وجود خلل في عملية وضع الأسئلة،وعملية تصحيحها،فلكل سؤال معامل سهولة ومعامل صعوبة ومعامل تمييز ،ويخضع وضعه لجدول مواصفات يحدد معالمه الأساسية لقياس ما ينبغي قياسه من تحصيل الطلبة.
وكتربويين ومن ممارستنا الطويلة للعملية التربوية،فإننا نرى أن النتائج إن كانت عالية وبقدر كبير في معدل ما بين الطلبة،وكذلك إن كانت متدنية وبنسبة كبيرة،فإن هذا يدل في كلتا الحالتين،على وجود خلل في وضع الأسئلة،،
فالمفروض عند وضع الأسئلة أن تراعي ثلاثة مستويات للطلبةالضعاف والمتوسطين والمتفوقين،حتى تأتي نتائجها موضوعية وبمنتهى الشفافية.
ومن الجدير بالذكر أن المواد الدراسية،بعضها علمية والأخرى أدبية،فقد يحصل الطالب على علامة كاملة في المواد العلمية،حيث أن اجاباتها محددة ولا يختلف عليها اثنان أو أكثر،فمثلا الجميع يتفق على أن الماء مكون من اكسجين وهيدروجين،..
وقد أجريت تجربة على مجموعة من الطلبة وذلك بعقد امتحان لهم في مادة الهندسة، وبعد ذلك اعطيت اوراق امتحاناتهم لعدة مصححين لتصحيحها ووضع علامات بحيث يصححها المصحح الأول دون وضع أي إشارة عليها،وطلب منه رصد العلامات عنده،ومن ثم سلمت لآخر وآخر وآخر لتصحيحها ورصد العلامات لديهم……،وهكذا وبعد ذلك تم جمع العلامات من المصححين فوجد اختلاف بالنتائج فيما بينهم، هذا في المواد العلمية،فكيف الحال بالنسبة للمواد الأدبية؟
وفي المواد الأدبية،فإن الحكم عليها لا يخضع لمعيار محدد،والحكم فيها حكم كيفي وصفي،وليس حكما كميا،ومن هنا نجد الحكم يختلف من شخص لآخر،ولذلك فإننا نجد بعض الجامعات عندما تمنح درجة الماجستير او الدكتوراة،فإنها تتحاشى وضع درجة محددة، لأن الحكم على الأطروحة قد ينال في جامعة ما درجة الشرف بإمتياز،ولو نوقشت في جامعة أخرى ولدى لجنة أخرى فقد تحصل على درجة جيد،وهذا يعزى لإختلاف نظرة المحكمين في الجامعتين.
وتتوالى الأخبار بأن هناك كما هائلا ممن حصلوا على معدلات عالية ما بين(٩٠___١٠٠) وهؤلاء سيأكلون نصيب الأسد من المقاعد الجامعية لدراسة التخصصات المرغوبة،والبقية الباقية سيلتحقون بطوابير العاطلين عن العمل.
وبعد أن ينتهي مفعول السكرة وتصحو الفكرة،،ربما يفيق البعض فيجد نفسه في موقف لا يحسد عليه من حيث قبوله في الجامعة،فتتبدد احلامه وتضيع آماله.
وهكذا فكأنك يا أبا زيد ما غزيت،،،
فيا وزارة التربية والتعليم،كفاك كفاك فقد اشبعتينا معدلات عالية وكراتين شعبوية ، في وقت تدنى به مستوى التعليم وما يزال مستمرا بالإنحدار ،واوجعتينا جهالة في أمور ديننا،ولغتنا وتاريخنا وجغرافيتنا وثقافتنا بشكل عام..
وبالختام أطيب التهاني لمن حاز على النجاح،واطيب الأمنيات بالخير لمن لم يسعفهم حظ النجاح،،
والله المستعان.