صراحة نيوز – بقلم : أسعد العزوني
رغم سقوط مريع لمن كنا نظنهم مرجعيات قومية ودينية في العالمين العربي والإسلامي بعد حرب “النصر –الهزيمة” عام 1973 ،وتهاوي هذه القمم في أحضان الصهاينة بمستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية النووية، والإنجيليين في أمريكا ويمثلهم حاليا الرئيس ترامب ،وآخرهم بطبيعة الحال أبطال صفقة القرن الذين يدعون للتنازل عن القدس وشطب القضية الفلسطينية..رغم كل ذلك إلا أن هذه الأمة ما يزال فيها رجال من صنف الرجال،ومنهم الطيار الأردني الحر يوسف الدعجة الذي سجل موقفا بطوليا أذهل العالم وهز الوجدان الصهيوني عن بكرة أبيهم.
لم يلف الكابتن الدعجة حزاما ناسفا ويفجر نفسه في رتل من جيش الأعداء ،لكنه فعل ما هو أكثر من ذلك وأشد رهبة على العدو الصهيوني المتغطرس ،وخاطب من يقلهم على متن طائرة الملكية الأردنية، التي أقلعت من عمّان عاصمة أبي الحسين الرافض لإملاءات المتساقطين ،إلى واشنطن حيث يقبع الإنجيلي ترامب ،مرورا عبر أجواء فلسطين أثناء مرور طائرته الميمونة فوق القدس المحتلة ،أنهم يطيرون فوق القدس عاصمة الدولة الفلسطينية،ولم يأت على ذكر مستدمرة إسرائيل لا من بعيد أو قريب ،مجسدا العربي الشريف والمسلم الحر.
ما قام به الكابتن الدعجة يمثل قمة التحدي ،وضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد،فهو قادم من الأردن الرافض لسياسات الإذلال التي تمارس عليه من قبل الشقيق قبل العدو والصديق،ويمر فوق القدس المحتلة ،متجها إلى واشنطن حيث يحكم ترامب الذي قبض نحو نصف تريليون دولار من صهاينة العرب الذين ضيعوا شعوبهم وضيعونا معهم لإرتهاننا بهم لسبب او لآخر، ثمنا لإعلانه القدس عاصمة مستدمرة إسرائيل ،مع انه يعلم ان هذا القرار سيكون مؤقتا ،ولم تحدثه نفسه بأن مصالحه ستتضرر بسبب موقفه .
أحدث كابتن الملكية الأردنية الدعجة هزة قويه في الساحات المعنية وتحديدا الأردن ومستدمرة إسرائيل ،ففي الأردن رحب الرأي العام الأردني بهذا الموقف الشجاع الذي تساوق مع الموقف الرسمي الأردني ،الذي وجد نفسه شبه مكشوف بعد ان تخلى عنه “الأعدقاء”،الذي كشفوا عن صهيونيتهم وإرتموا في أحضان مستدمرة إسرائيل وباعوا القدس ،وأظهروا انهم ليسوا بمؤتمنين حتى على مقدساتهم التي هي مقدساتنا أيضا ،ويتوجب علينا العمل على نزع سيادتهم عنها ،وتحول الرجل إلى أيقونة شرف عند الأردنيين لأنه عبر عن الوجدان العربي والمسلم والإنساني الحر.
أما في مستدمرة إسرائيل فقد فجر الكابتن الدعجة براكين حقد الصهاينة على الأردن على وجه التحديد،وأظهروا نواياهم الإرهابية المنظمة وتمنوا قصف طائرته وإسقاطها ،وعدم العثور على صندوقها الأسود.
ثارت ثائرتهم عليه لظنهم أنه وبسقوط صهاينة العرب فلن تقوم للأمة قائمة ،وتساوقوا بذلك مع مواقف صهاينة العرب الذين يضمرون للأردن كل الشر لأنه يمثل عقبة كأداء في طريقهم يصعب تجاوزها كون من يحكمه هاشمي لا تشوب إنتماءه القبلي شائبة ،وهم يعلمون أن أصولهم ليست عربية ولم يحسن إسلامهم.
لجأ صهاينة العرب مؤخرا إلى حصار الأردن ماليا لتركيعه وإجبار قيادته على الركوع أمامهم وهم لا يعلمون “طينة “بني هاشم سادة مكة وأشرافها غير طينة البعض الباحثين عن الرز،بدليل أن جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين رفض إملاءاتهم وآخرها عدم حضور مؤتمر القدس الأخير في إستانبول،ولذلك إستحق لقب حامي المقدسات الإسلامية في القدس من قبل فخامة الرئيس أردوغان.
لم يستوعب صهاينة مستدمرة إسرائيل أن يقوم طيار أردني وهو في مرمى نيرانهم بمواجهتهم بسلاح الكلمة والموقف ،فغرورهم وتعنتهم يمنعانهم من إستيعاب الموقف ،لم لا وهم الذين قالوا كفرا انهم هم الذين إختاروا الله سبحانه وتعالى ليكون ربا لهم ،وبذلك ليس غريبا عليهم شن هجوم شنيع على الأردن قيادة وشعبا ،وقالوا من شدة غيظهم أن الأردن يعض اليد التي تطعمه،وانه لا يفيد مستدمرة إسرائيل بشيء،وانه المستفيد الأول من الإتفاقيات الموقعة معه،ودعوا إلى مقاطعة الملكية الأردنية ،مع ان الكثيرين منهم يستخدمونها في حلهم وترحالهم في أرجاء العالم رغبة منهم في التوفير لأنها تمنحهم أسعارا أقل من الشركات الأخرى.
ما أسعدني شخصيا أن إدارة الملكية الأردنية ومن غير المألوف في مثل تلك الحالات ،التنكر لفعل وطني قومي مشرف ،ولم تقم بمحاسبته وفصله بحجة تعكير صفو العلاقات مع دولة صديقة ،وهذا يعني أن الإتجاه السائد في الأردن حاليا وتحديدا منذ الحديث عن صفقة القرن وإعلان ترامب القدس المحتلة عاصمة لمستدمرة إسرائيل ،وإظهار حقد “الأعدقاء “على الأردن ،بات مناسبا للتنفيس عما يجول في خواطر الجميع.
الغريب في الأمر ان صهاينة مستدمرة إسرائيل دعوا بعد “ملحمة “الطيار الدعجة إلى إلغاء معاهدات السلام مع الأردن ومصر وتهجوا على العرب ،وطالبوا بالتوصل إلى معاهدات عدم حرب ،واكدوا أن السلام مع العرب لن يتحقق إلا بقنبلة نووية يلقونها على العرب لتبيدهم وتترك الأرض فارغة لهم.