العبيد

22 ديسمبر 2017
العبيد

صراحة نيوز – بقلم أسعد العزوني

لا أعني طبقة العبيد المستضعفين الذين يباعون ويشترون في سوق النخاسة وبأثمان بخسة،بعد أن يتم إختطافهم بطريقة أو بأخرى من أراضيهم،كما كما كانت القوى الإستعمارية الغربية القديمة تفعل مع الشعوب التي تحتلها وخاصة إفريقيا ،بل أعنى نخبة النخبة  الذين يتم تنصيبهم بطريقة أو بأخرى رؤساء في بلدانهم ،لا يقررون مصير شعوبهم فحسب ،بل يقررون مصير شعوب العالم،وأعني بالتحديد رؤساء الولايات الأمريكية المتحدة ،الذين  رهنوا أنفسهم وضمائرهم ومصالح بلدهم ومقدراتها لمستدمرة إسرائيل الحزرية الصهيونية الإرهابية النووية ،بعد أن هيمنت مراكز الضغط اليهودي  وفي مقدمتها “الإيباك”على مفاصل صنع القرار في أمريكا .

لا يأتي رئيس للولايات المتحدة الأمريكية جمهوريا غنيا أم ديقراطيا فقيرا ،إلا وكان مواليا للصهيونية ،وعبدا لها يأتمر بأوامرها وينتهي بنواهيها ،وبصريح العبارة ،يفكر بالعقل الصهيوني ويرى بالعين الصهيونية ويلمس باليد الصهيونية ،حتى أنه يتنفس بالمنخار الصهيوني ،ويكون جل همه تنفيذ المصالح الصهيونية في مستدمرة إسرائيل ،ضاربا بعرض الحائط مصالح بلاده المصانة في المنطقة العربية فقط ،لأن الصهيونية ومنذ إكتشاف النفط في المنطقة عام 1905 رتبت أمورها ودقت أوتادها في الإقليم ومن ثم نصبت بمساعدة من بريطانيا خيمتها فوق فلسطين وإبتلعتها بالكامل.

قلنا في البداية أن الصهيونية سيطرت على الرؤساء الأمريكيين الذين يتربعون فوق كرسي البيت الأبيض،لكنها لم تغفل عن  بقية مفاصل صنع القرار في المجالات كافة ،المالية والإعلامية والكونغرس ،وآخر طبعات المسؤولين المريكيين المسيطر عليهم صهيونيا إلى حد التعمية مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هيللي ذات الأصل الهندي التي تنتمي للطائفة السيخية قبل مجيئها للولايات المتحدة وتسليم ذقنها للصهيونية ترفعها في المناصب بقدر إنحنائها أمام الصهاينة.

لذلك لم يكن غريبا أن نرى هذه الهندية المهاجرة وقد تنمرت  وتقمصت شخصية اللبؤة ،وباتت تهدد مندوبي الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأمس ،قبل التصويت على قرار ترامب بخصوص القدس الذي قبض نصف تريليون دولار من اللاعبين الغشماء الجدد على الساحة مقابل قيامه بتلك المغامرة،وتوعدت من يصوت ضد القرار بالويل والثبور وعظائم الأمور ،دعمها بذلك الطرمب ترامب الذي قال أنه سيتم مراقبة عملية التصويت ،لفرض عقوبات منع المساعدات الأمريكية عن بلد يصوت مندوبها ضد القرار ،وكانت النتيجة أن صوتت 138 دولة ضد القرار،ولم يصوت لصالحة إلا مساحات محدود من الجزر والأراضي المجهولة  مثل مايكرونيزيا ،التي تم شراؤها وإطلاق عليها لقب دول لإستغلالها في التصويت في مثل هذه الحالات.

نعود إلى عبودية الرؤساء الأمريكيين وتصهينهم وإبتعادهم عن المصالح الأمريكية ،ونستطيع إستثناء ثلاثة رؤساء منهم وهم  هاري ترومان الذي رفض يهودية الدولة في مستدمرة إسرائيل عند قيامها  عام 1948وشطب كلمة اليهودية وكتب محلها بخط يده “دولة إسرائيل”،سبقه الرئيس  فرانكلين  الذي حذر الشعب الأمريكي من مغبة هيمنة اليهود وسيطرتهم على أمريكا في حال عدم لجمهم،وانهم سيحولون الشعب الأمريكي إلى عبيد بعد مئة عام ،وها هي نبوءته تتحقق ويتحول الشعب الأمريكي إلى عبيد عند اليهود ،مشابهين بذلك لرؤسائهم وصناع القرار عندهم.

أما النموذج الثالث من الرؤساء الأمريكيين الذين لم ينصاعوا بالكامل للرغبات الصهيونية فهم الرئيس جورج بوش الأب الذي لقن قادة الكيان الصهيونية يتقدمهم الإرهابي إسحق شامير ،ورفض منحهم قرضا بعشرة مليارات دولار نظير موافقتهم على المشاركة في مؤتمر مدريد للسلام أوائل القرن المنصرم ،كما رفض الموافقة على مشروع طائرة لافي بعد أن علم أنه سيلحق الضرر بأمريكا ،وقد أجبر شامير على الإنصياع لأوامره وحضور مؤتمر مدريد بغض النظر عن النتائج ،وليس سرا القول أن الصهيونية جاءت بإبنه المجنون بوش الصغير ونصبته رئيسا لأمريكا في البيت الأبيض وإنتقمت منه بإبنه بجعله صبيا  مطواعا في أيديهم ،ونفذ لهم جريمة غزو وإحتلال وتدمير العراق ،لكنه ورغم جنونه رفض الإنصياع لأوامرهم بغزو وإحتلال إيران.

النماذج الرئاسية الأمريكية كثيرة والصور أكثر من فاقعة ،لكننا سنركز على الرئيس الإنجيلي الحالي البعيد كل البعد عن أصول الرئاسة فهما وتقاليدا وأعرافا ،فهو القادم  من ساحات جمع المال  من خلال شراكاته مع أثرياء العرب والمسلمين ،ومن مهاراته في فن إغواء النساء،وقد تحالف مع اللاعبين الغشماء الجدد في المنطقة وحلب منهم كدفعة اولى نصف تريليون دولار ،مقابل إعترافه بالقدس المحتلة عاصمة أبدية لإسرائيل، وتلبيته لمطالب حلفائه الأثرياء الجدد بحصار الأردن ماليا ،وإجباره على التنازل عن الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس لتؤول إليهم ،ولعل مواصلة شعلة الإحتجاجات الشعبية الأردنية ضد قرار ترامب ومرابطة الجماهير الأردنية قبالة سفارة ترامب في عمّان رسالة ذات مغزى،وهي أننا رغم فقرنا نرفض الإنصياع للعبيد مهما  كانت مسمياتهم الوظيفية.

 

الاخبار العاجلة