صراحة نيوز – بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
هناك مقولة راسخة ومثبته علمياً وعملياً، ان موازنة الدولة من جيوب رعاياها، وهذه المقولة مدعمة بالحقائق خصوصا في الدول التي تتبع نظام اقتصاد السوق، إن معظم ان لم نقل كل ما يدخل الى الخزينة من أموال هو حصيلة الاموال المستوفاة من الضرائب ورسوم الجمارك ورسوم المعاملات على مختلف اشكالها يُضاف لها في الدولة الضعيفة اقتصاديا بند القروض والمنح والمساعدات لتغطية العجز.
هذه المدخلات هي الارقام التي تظهر عند اعداد قانون الموازنة مُوضحة ضمن تقديرات تعتمد على ارقام موازنة العام الذي سبقه ربما تزيد او تنقص وعادة ما يتم تغطية العجز بين المصروفات والايرادات اما من خلال القروض أو ضبط الانفاق الرأسمالي او ترشيد الانفاق بمعنى الاستغناء عن المظاهر الترفية مثل السيارات والسفرات والحفلات والهيئات… الخ وبطبيعة الحال لا يتم بالعادة الاستغناء عن المظاهر الترفية.
الاردن كما بقية دول العالم تفاجأ دون سابق انذار بجائحة كورونا التي عطلت كل شيء وتعامل الاردن مع الجائحة بضبط عالي تمت خلاله السيطرة على الوباء وبنفس الوقت دفعت ثمناً كبيراً في الجانب الاقتصادي، إذ من المتوقع ارتفاع حجم البطالة كما تضرر قطاع السياحة بشكل كبير اضافة الى الاعباء التي أُلقيت على عاتق المواطن في القطاعين العام والخاص، بوقف جزء من علاواته بسبب الوضع الاقتصادي الصعب.
في الحقيقة لم يكن تبرع الاثرياء كما يجب الى صندوق همة وطن، الوضع الاقتصادي برمته اضطر الحكومة التفكير باسلوب مختلف لتحصيل اموال تدعم بها الخزينة حيث تقول بعض التقديرات ان حجم التهرب الضريبي يبلغ 3 مليارات دينار سنويا وهذا الرقم إن صدقت التقديرات ما نحتاجه لسد عجز الموازنة.
لقد أطل علينا وزير المالية في أكثر من مناسبة وهو يستعطف المواطنين بضرورة اعادة توزيع العبء الضريبي ومكافحة التهرب الضريبي ولي عنق الفساد ولم نرى لغاية الان نتائج معلنه لهه الاجراءات تكشف حجم الاموال المحصلة، وكيف ستتم عملية اعادة توزيع العبء الضريبي، ومع ذلك تجاوب مع هذه التصريحات المواطن واعتبر ان أزمتنا الاقتصادية بطريقها الى الحل خصوصا وان الحكومة اطلقت عدة تصريحات نارية لمواجهة الفساد والتهرب الضريبي…وهذا ما يطالب به الشعب وما أمر به جلالة الملك بكسر ظهر الفساد.
ولتحقيق خطتها بتوفير الاموال لدعم الخزينة اسندت الى ضريبة الدخل القيام بالمهمة لمداهمة شركات تحوم حولها شبهات تهرب ضريبي ووصلت حملات المداهمة على حد تعبير الوزير الى اكثر من 70 شركة والحبل على الجرار.
ولكن نريد بكل شفافية ان يطل علينا الوزير ويخبر الشعب عن حجم الاموال التي تم تحصيلها او عمل تسويات بشأنها لدعم الخزينة، كما نريد الاجابة هل تم تحصيل اموال الضريبة والمقدرة بملايين الدنانير التي صدرت فيها احكام قطعية من قبل المحاكم المختصة.
إن لم تقوم الحكومة وبكل شفافية باطلاع المواطنيين على نتائج اجراءاتها ستبقى كل تصريحات المسؤولين واجراءاتهم محل عدم ثقة للمواطن وستكون مهمات الحكومة صعبة خصوصا مع جرأة الحكومة على المال العام بالتعيينات وعدم ضبط الانفاق، فالمطلوب من وزير المالية الاسراع بكشف نتائج العمليات التي تقوم بها وزارة المالية لرفد الخزينة خصوصا ونحن ننتظر كما بقية دول العالم الموجة الثانية من وباء كورونا الذي نأمل من الله ان يجنبنا خطره.