صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
في وقت الأزمات ، عندما تعجز الدولة عن احتواء أي أزمة ، وسعيا منها لكسب المزيد من الوقت لحين انقضاء مرحلة سياسية معينة ، تلجأ أجهزة الدولة – ولتحقيق غاياتها- لإطلاق فقاعات إعلامية ، عن طريق أتباعها وأعوانها غير المعلنين ، والمعروفون بين العامة بأنهم معارضة .
لذلك نجد أن الفقاعات الإعلامية تكثر وقت الأزمات، وضمن علاقة طردية ، فكلما اشتدت الأزمة زادت الفقاعات الإعلامية ، بهدف التنفيس عن الشعب بنشر قصص وفضائح حديثة وقديمة ، يتم فيها كشف المستور عن العديد من قضايا الفساد ، لكسب التعاطف الداخلي أحيانا ، وأحيانا كثيرة تكون بمنزلة رسالة لراسمي السياسات الخارجية ، وتستخدم أيضا مخرجا لصاحب الشأن؛ في حال تعرضه لضغوطات ومواقف محرجة ، حيث يتم افتعال أزمة تبين مقدار الضغوط الداخلية التي يتعرض لها.
تلاقي هذه الفقاعات الإعلامية رواجا واسعا ، في ظل نقص المعلومات ، ولملء الفراغ الفكري الناجم عن محاربة الدولة للأحزاب والحزبيين لسنوات طويلة ، بصورة أثرت في الأجيال التي لم تنشأ على الفكر الحزبي ، وتطرح القضايا للنقاش أمام جماعات تتشارك معا بالفكر والتوجهات والتطلعات .
هذه الفقاعات الإعلامية التي يتم تسريبها، منها ما هو صحيح،ومنها ما هو قريب من الصحة ، ويقوم إعلاميون بربطها بالأحداث الحالية ، وهم متخصصون بتلقي التعليمات وتنفيذها بحرفية ، مقابل كسب الرضا والظفر بالمناصب والاعطيات والهبات ، وساعدهم في نشرها والنفاذ إلى الشعب وجود منصات التواصل الاجتماعي خصوصا “فيسبوك ، وتويتر واليوتيوب “، حيث تتم مشاركتهم الأفكار والطروحات التي تدار هناك ، وهي تسريبات هدفها الهاء الشعوب، حتى يتسنى لصناع القرار تنفيذ الخطط والاستراتيجيات التي ترسم وتوضع للصالح العام من جهات مسؤولة عن التخطيط الاستراتيجي لسياسات الدولة.
فجأة ، تصدر الأوامر من قبل الجهات التي صَنعت هذه الفقاعات الإعلامية بنخرها ، فتتهاوى ، ويكتشف المتابعون لها أنها مجرد فقاعات ، لا أساس لها من الصحة ، وجاء ظهورها لغايات معينة ، مثل تأجيج مشاعر المواطنين ، وتوجيههم نحو الوهم، ليكتشفوا بأن ما يشاع لن يُغير من الواقع شيئا، وأن ما عاشوه مجرد كذبة كبيرة ، وأنهم كانوا يسيرون خلف سراب ، وأن ما يتابعونه مضيعة للوقت ، ليكتشفوا في النهاية أنهم” أكلوا الطعم “السياسي ، لأن القصص التي تخرج ليست أكثر من فقاعات إعلامية زائفة، لا تمت بصلة للواقع والسياسات والخطط والاستراتيجيات التي يراد لها أن تُنفذ على أرض الواقع ، وأن الوقت الذي قضوه داخل هذه الفقاعة الإعلامية حقق الهدف المنشود ، وهو العزلة عن الآخرين، ومنع رؤية الحقيقة والعالم الواقعى، ليكتشف المواطن أنه كان يعيش على فقاعة من الأفكار ، وأنه استيقظ على واقع مغاير لما أشيع له .
الخروج من هذه الفقاعات يتطلب شجاعة من الدولة في إيجاد مساحات مشتركة لحوار مجتمعي بناء، قائم على مواجهة الحقائق ،للتخلص من “الخوف من المجهول ” ، وحماية المواطن حتى لا يصبح مروجا لأفكار الفقاعات، التي تهدف إلى إشغاله بقضايا وهمية ليست لصالح الوطن ولا المواطن .