صراحة نيوز – بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
كَرَكُ المجد والتاريخ ، كرك العزة والكرامة ، الكرك القابضة على أنقى وأرقى المفاهيم والمبادىء العروبية كالقابض على الجمر ، رغم الجَور ، والتهميش ، الكرك التي لم يحررها جيش دولة في كل المحن والحروب والمعارك التي استهدفت عزتها وإبائها ، بل كانت تتحرر وتنفض غبار الذل من الاحتلال على أيدي رجالاتها الذين ينتسبون الى أصلب القبائل العربية ، كرك المواقف العروبية الأصيلة ، الكرك مهوى أفئدة الثوار العرب الذين كانوا يلجأون او يُنْفَون اليها من قبل الغزاة المحتلين ، كرك ( الهَيّْهْ ) عندما ثار الكركيه على طغيان المُستعمِر التركي ، الذي أذل الأقطار العربية بإسم الدين ، كرك الشيخ ابراهيم الضمور الذي أحرق الأتراك ولديه أمام عينيه لرفضه تسليم ( دَخيله ) ، كرك الرجال الأبطال الذين أتشوق ، وأتشرف ، وأرتقي بذكر اسمائهم لكنني أبيت حتى لا أنسى واحداً من الرجال الأبطال ، وألوم نفسي قبل لوم الآخرين .
أما بلدية الكرك العريقة ، التي تسلم رئاستها لمدة ( ٥٦ ) عاماً متصلة الشيخ الجليل الكريم دليوان باشا المجالية ، شيخ التسامح ، الذي دخل إسم الكرك وإسمه في موسوعة غينيس العالمية كأطول مدة لرئيس بلدية في العالم والعديد من الرجال الأفاضل الذين تسلموا هذا الموقع الرفيع إنتخاباً ، كرك حمدي الحباشنة ، كرك الدكتور عبدالله الضمور ، القومي غير المهادن ، المُسَيَّسْ بإمتياز ، الصلب العنيد في مواقفه في العدالة ، والمساواة ، وما يتصل بالشأن القومي ، الذي تقلد رئاستها وعمره (٢٦) عاماً ، حيث كان وقتها أصغر رئيس بلدية في العالم ، لا يمكن أن يتسلم رئاستها إنسان بسيط او غير مسيس ، او على الأقل غير حصيف .
الحادثة الاخيرة التي حركت المياة الراكدة ، واشتدت وتصلبت فيها المواقف الرافضة لما اقدم عليه رئيس البلدية الحالي ابراهيم الكركي ، عند انقاذه مجموعة من السائحين الاسرائيلين ، وتكريمهم بمنحهم الدروع ، وما تفوه به من مشاعر جياشة وفخر بما عمل ، وانه شعر بانهم كانهم أولاده ومن دمه ولحمه .. الخ . بداية أرى انه لا اعتراض على الإنقاذ ، لانه فعل انساني ، وهو من شيمنا ، اما التكريم وما تفوه به رئيس البلدية ، لا يمكن ان يكون مرده الى بساطة او عدم دراية او عدم قدرة على التصرف ، او انه خانه التعبير ، هذا مستحيل ، لماذا ؟؟ لان عشيرة الكركي الكرام قوميو النهج ، معروفون بطلاقة اللسان ، وفصاحة البيان ، حتى المرحوم والده كريّم الكركي الذي اعرفه شخصياً . اعتقد انه إجتهد لمصلحة ذاتية ، وجانبه الصواب ، او ربما قصد باقتناص فرصة غير مألوفة وغير متوقعة ليحظى بشهرة خارج أُطر الوظيفة ، وهذا تحقق حيث أفرد تلفزيون العدو مساحة لخبر غير مألوف كما أسموه .
ربما لفت انتباهه ان من يتقرب من الكيان الغاصب يكافىء محلياً ، وهذا معروف لدى الجميع ، وبالأسماء ، لكن من سوء حظه لم يحالفه الزمان ، ولا المكان ، الزمان : هذا الجو المشحون ضد الكيان ، شعبياً ، ورسمياً ، بعد لآءات جلالة الملك ، والمكان : الكرك الرافضة ، المنتفضة دوماً ضد هذا الكيان الغاصب المحتل .
وفي رأيي المتواضع ، ان الموضوع تأرجح بين الفعل الطيب والرديء ، الفعل الطيب : في المشاركة بالإنقاذ ، لانهم أناس مسالمون ، ربما لا علاقة مباشرة لهم بأفعال الكيان ، او ربما يرفضون نهج الصهيونية ، ولنا في حركة ” ناتوري كارتا ” مثلٌ قوي ، هذه الحركة التي ترفض كل المخططات الصهيونية ، ويدعون في صلواتهم بانهيار الكيان ، ومعتقدهم ان تشتتهم في الارض مشيئة ربانية لعصيانهم رب العباد ، وحتى لو كان بينهم جواسيس ، فلا مشكلة لسببين ، الأول : انهم يعرفون عنا اكثر منا ، وثايناً : ليس لدينا ما يستحق التجسس ، وعليه فالفعل الطيب يتعادل مع الفعل الرديء ، وبهذا تكون النتيجة التعادل .
الفعل وقع ، وردة الفعل حدثت ، والتسوية تلوح في الأفق ، لكنني لا أوصي بإقالته ، حتى لا يكافء .