صراحة نيوز – موسى العدوان
الاتفاق الاقتصادي الذي أبرمه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد مع رئيس جمهورية الصين الشعبية ( جين بينج ) في بكين قبل أيام، شكّل نقطة تحول استراتيجي واستدارة معاكسة في مؤشر البوصلة الكويتية، الذي اعتادت على توجيهه إلى الغرب خلال العقود الماضية.
في هذا الاتفاق تم تأجير جزيرتي فيلكا وبوبيان الكويتيتين إلى الصين الشعبية لمدة 99 عاما، يتم خلالها استثمار ما قيمته 450 مليار دولار لبناء الفنادق والمنتجعات السياحية والجامعات والمدارس والمراكز التجارية والمصارف والمستشفيات وغيرها. كما نص الاتفاق أيضا على أن تودع الصين مبلغ 50 مليار دولار كقيمة متجددة لحساب الحكومة الكويتية، إضافة لدفع 40 مليار دولار لإقامة البنية التحتية في مدينة الحرير الكويتية.
وقد شكل هذا الاتفاق الذي سيعود بفوائد كبيرة على الكويت، صفعة للولايات المتحدة الأمريكية ودول والغرب عموما، التي برهنت على أطماعها سوء أفعالها في الحقبة الماضية، من خلال صنع منظمات مسلحة، ونشر الدمار، وتقويض الأمن والاستقرار في معظم الدول العربية. وأتبعتها الإدارة الأمريكية الحالية بابتزاز الأموال من بعض دول الخليج العربي. بينما حافظت الصين على حيادها، ولم تمارس مثل تلك الأعمال الإجرامية ضد الشعوب المستضعفة، بل مدت يد العون والمساعدة إلى بعض الدول الفقيرة وخاصة في القارة الأفريقية.
هذا التوجه الجديد للكويت، برهن على حكمة وبعد نظر أميرها الشيخ صباح الأحمد، ينتج عنها تعاون وثيق بين الطرفين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والحماية الأمنية، وقد يمتد مستقبلا إلى شراكة سياسية يلتقي عليها الطرفان، وسيكون له أبعادا إقليمية ودولية مؤثرة.
وبهذا الاتفاق تكون الصين قد ردت على قرار ترمب بفرض ضرائب باهضة، على دخول الصناعات الصينية إلى الولايات المتحدة، حيث سيمكنها هذا المشروع من الدخول بقوة إلى أسواق الشرق الأوسط وروسيا وأوروبا، وسينعكس بنتائج سلبية على الاقتصاد الأمريكي. وهنا يثور السؤال الهام التالي : هل سنرى في وقت قريب ونتيجة لهذا الاتفاق حربا تجارية، بين أقوى اقتصادين في العالم ؟
إن سياسة التخريب وحياكة المؤامرات وتدمير استقرار الدول والابتزاز المالي التي تمارسها الولايات المتحدة، إضافة لانحيازها الكامل لإسرائيل، جعل العرب والعديد من دول العالم تفقد الثقة بصداقة الولايات المتحدة الأمريكية والبحث عن صداقات لدى غيرها من الدول.
وبالعودة إلى جهابذة الاستثمار في المملكة الأردنية الهاشمية، الذين أشبعونا تنظيرا عن الاستثمار وفشلوا في كل مشاريعهم، ما عدا نجاحهم في مشاريع بيع المؤسسات المنتجة في الدولة، فنسألهم :
لماذا لم تتوجهوا إلى الصين الشعبية لجلب الاستثمارات إلى خليج العقبة والبحر الميت والأماكن السياحية في الأغوار والمناطق الجبلية والصحراوية والمعالم الأثرية ؟
أمير الكويت قام باختراق تاريخي في توجهه إلى الصين الشعبية، والخروج من تحت مظلة الأمريكان الابتزازية، إضافة للابتعاد عن الاصطفافات الخليجية التي تنعكس سلبا على مجلس التعاون الخليجي. ولا يسعنا في الختام إلا أن نتمنى لدولة الكويت الشقيقة كل خير، ونبارك لأهلها بهذا الاتفاق متعدد الأغراض، الذي أنجزه بسرّية وهدوء أميرها الحكيم، صاحب النظرة الثاقبة والرؤية الصائبة.