صراحة نيوز – بقلم احمد يوسف اليدادوة
واجب أن اذكر الأصدقاء ومن يقرأ لي ان الخوض في السياسة هو التزام ومتابعة للتفاصيل ولا يتخلى فيها عن قراءة التاريخ والأحداث حتى لو كان التاريخ قريب .
بعض الأحداث بل كثير منها بستعصي فهمها على البعض ، لأنهم ما زالو متمسكين بمفاهيم وآليات لم تعد صالحة لعصرنا فجميع الساحات مفتوحة للحرب او التفاوضات ، كل مكان في العالم هو مرشح أن يكون ساحة حرب او ساحة معاهدات دولية هذه هي الاستراتيجية التي تسمح للأخرين وبالتحديد القوى العظمى بالدخول في نسيج المنطقة .
علينا أن ندرك انه لا وجود للقطيعة في العلاقات الدولية ، هناك شيئ اسمه تحالفات ومعاهدات استراتيجية واخرى تكتيكيه ، لذلك فالتنسيق الأردني على مستوى السياسة الخارجية وعلى سبيل المثال المعاهدات العسكرية والاستراتيجية مع امريكا تحدده المصالح مصالح الاردن والطرف الاخر ، للأسف يتجاوز البعض هذه النقطة ليصطف خارجا دون وعي بالسياسة .
فأن كنا نبحث عن قوة دولية او اقليمية ما ، مساندة لنا اقتصاديا وعسكريا او للتنسبق معها ، فهذا يجب أن يكون بعيدا عن اعتبارات لا تتناسب مع ما يحدث ، بمعنى ان كان التعامل مع امريكا للتنسيق معها في اطار أمني مخابراتي عسكري حماية للأردن من صراعات اخرى فهذا لا يعني ان يبرر الاردن لأمريكا أو غيرها بواقع السياسة تدخلها بالاردن بأنه امن خارج حدود الوطن ، ايضا لا يمنع اذا كان هناك علاقة اردنية مثلا مع ايران رغم الفجوات السياسية لا يمنع هذا ان نتغاضى على تصديرها الثورة في ايران وان لها اذرع مسلحة وسياسية في المنطقة ، ايضا لا يمنع الاردن بعلاقته مع تركيا مثلا بتجاهل الدور التركي وجغرافية تركيا التي سمحت لها بلعب دور الوسيط الاقليمي مع عدة أطراف او مع ميلشيات مسلحة وحتمية التنسيق مثلا مع تركيا في بعض القضايا لا يعني ايضا بانه مسموح لها بتصدير النموذج التركي لنا ، ونفس الشيئ بالنسبة للسعودية ان كان اصبح هناك تنسيق اردني معها في عدة قضايا ، فهذا لا يعني ان يتناسى الاردن بسياسته مواقف السعودية وبالأحرى مواقف آل سعود المبطنة مع الاردن ، وهو ما يميز السياسة الاردنية بالحذر بتعاملها على جميع الأصعدة .
لذلك علينا ان ندرك ان المصطف لا يفكر ، يقدم اجوبة جاهزة على المعاهدة العسكربة الاردنية الامريكية وغيرها ، حتى لو اراد ان يكون معارض فعليه ان يكون وطني أولا ، يعني لا يخدم اجندة خارجية وان يكون ولاءه الا لوطنه ونظامه لا لمصالح مكشوفة ، ودائما يجب ان نعلم لكي نفهم ما يحدث فهما صحيحا لا بد أن نعرف المصادر الحقيقية للأفكار التي تحكم هذا العالم ، فالأختراق لأفكارنا وصل حد التسليم والاستسلام والكثيرون انخرطو في الدفاع عن تلك الأفكار بدغمائية .
اقول هذا لأن جانب من جوانب الشك الذي نعيشه في السياسة وتفهمها سببه اختراق الأفكار ، ولكي نفهم خلفياته وما يحدث ادعو القراء الى التعمق والبحث في السبب الذي قام الاردن مثلا من اجله بتحالفاته ومعاهداته مع دول اقليمية واخرى عظمى وبالتحديد امريكا ، فالمعاهدة الامريكية لا تستهدف مرافقنا وارضنا كما يدعي البعض فأمريكا حسب الواقع قادرة بقوتها على الدخول في نسيج المنطقة دون معاهدات او تحالفات ، لكنها السياسة كما اوضحنا دائما تخضع لميزان القوى فأما ان تكون هذه السياسة علاقة رابح او خاسر اذا كان هناك فارق كبير في ميزان القوى بينهما ، واما ان تكون علاقة تفاوضية تخضع لميزان القوى الذي يتأثر بقوتك العسكرية ومواردك اللوجستية وايضا يتأثر بوجود حليف قوي يدعمك مع ضمان استمرار حلفاؤك واستمرار دعمهم لك ، هذه جميعها مؤثرات في اي عملية تفاوضيه او معاهدات ، فكلما ضعفت احدى هذه المؤثرات التي تعتمد عليها التفاوضات والمعاهدات فأن ميزان القوة لأحد الطرفين سيختل وبالتالي فالطرف الذي سيختل ميزان قوته اثناء عقد معاهده سيضطر مجبرا لتقديم تنازلات اثناء التفاوض مع توفر طبعا الارادة والشخصية المناسبة للتفاوض وشرعيتها ، وفقدان قوة شرعيتك لا تؤثر عليك فقط وتجبرك على تنازلات انما اذا ضعفت هذه الشرعية للمفاوض ستضعف معك قوتك وبالتالي حتى حليفك سيضعف ،
لذلك فشرعية الملك هي شرعية قوية تتعدى التعيين او الانتخاب لان الامتداد منذ التاريخ لهذا الحكم لا يزال حتى يومنا هذا وهو ما يسمى الاتجاه التاريخي في ضرورة معرفة الشرعية لاي حاكم او قائد او مفاوض او ما يدل عليه بانه معروف عبر التاريخ او غير معروف وللاستعانة بالأرث التلريخي وامتداده في اثبات انه موروث تاريخي موجود بالفعل والواقع ، وهذا احد المسببات والمؤثرات وهي قوة الشرعية للملك في عدم تقديم تنازلات اثتاء التفاوض لانها شرعية اتت عبر التاريخ ،
لذلك فالسياسة الاردنية ممثلة بالملك الشخصية المناسبة للتفاوض وعقد المعاهدات لقوته الشرعية كاحد المؤثرات الرئيسية باي تفاوض هي سياسة صالحة في هذه الاوقات اكثر من اي وقت مضى لانها حريصة على التعامل مع المؤثرات التي من شانها عدم اجبار الاردن للتنازل اثناء التفاوض او عقد المعاهدات ولا زال الاجتهاد بهذه السياسة مستمر .
يتضح مما سبق وهذا ما يشير الى ان المعاهدة الامريكية مع الاردن لا تستهدف مرافقنا وارضنا كما يؤوله المصطفين ، وان قرارنا الداخلي السياسي والاقتصادي والاجتماعي ليس مرتبط بامريكا او انه تحت رحمة طبقة تنوب عن الحكومة العالمية ونكون لها عبيد على ارضنا بالشكل الذي يخيله البعض للأخرين وان الملك بشرعيته التاريخية احد الاسباب التي توفر طبعا الاردادة المطلوبة والشخصية المناسبة التي تساعد الاردن في عدم تنازلات الا اذا كانت تصب في مصلحة الأردن
العليا ، لكن هناك صراع وجود ودون ذلك فان من شروط التموضع الدولي للمراحل القادمة هو عدم وجود دول كبرى مسيطرة بالمنطقة سوى الدول التي تملك القوة لاخضاع الاخربن لميزان القوى لديها وهو ما يتعامل الاردن مع هذا الشان بكل حذر وروية .