صراحة نيوز – عقد جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة السلطان حاج حسن البلقية، سلطان بروناي دار السلام، في قصر الحسينية اليوم الخميس، مباحثات ركزت على العلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدين، والتطورات الإقليمية الراهنة.
وخلال مباحثات ثنائية تبعتها موسعة حضرها سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، وسمو الأمير عبدالمتين بن السلطان حسن البلقية، أكد جلالة الملك وجلالة السلطان حرصهما على توسيع التعاون بين الأردن وبروناي في مختلف المجالات، خصوصا الاقتصادية والتجارية والعسكرية والتعليمية، وبما يعكس العلاقات المميزة بين البلدين الشقيقين.
وفي المباحثات الموسعة التي حضرها كبار المسؤولين في البلدين، رحب جلالة الملك، بجلالة السلطان حاج حسن البلقية، مؤكدا جلالته أهمية الزيارة لجهة توطيد علاقات التعاون بين الأردن وبروناي.
وقال جلالة الملك “أود أن أعرب عن عميق تقديري لكم، باسمي وباسم عائلتي والشعب الأردني، والترحيب بكم مجددا في الأردن. فجلالتكم صديق عزيز وقديم لجلالة الملك الراحل الحسين، وقد عرفتكم عن قرب خلال فترة صداقتكما، وهي صداقة تطورت بيننا لاحقا، وتستمر أيضاً عبر الجيل الشاب “من الأسرتين” وهذا يدل على عمق الصداقة بين أسرتينا وبين شعبينا أيضاً”.
وأضاف جلالة الملك “أود أيضاً في هذه المناسبة أن أهنئكم بالذكرى 51 لجلوسكم على العرش، كرجل دولة وقائد دولي يتمتع بخبرة طويلة”.
وتابع جلالة الملك “لقد تمكن بلدكم من تجاوز العديد من التحديات التي يواجهها العالم ومن بينها التحديات التي نواجهها كمسلمين وتحديات إقليمية أخرى، وذلك من خلال دعوتكم للحوار المستند للروية والحكمة، وأتمنى لكم ولأسرتكم ولوفدكم المرافق ولشعب بروناي النجاح الموصول، ولبلدينا علاقات أكثر متانة”.
وقال جلالة الملك “لقد تم صباح هذا اليوم توقيع مجموعة من مذكرات التفاهم بين بلدينا لتعميق التعاون في المجالات الدفاعية والسياحية والجمركية والبنية التحتية. ومجددا، يمثل هذا الإنجاز رسالة لشعبينا عن عمق وأهمية العلاقات التي تجمع البلدين”.
وأشار جلالة الملك إلى أوجه أخرى للتعاون بين البلدين، تشمل التجارة والاستثمار والشؤون الأمنية، وقال “هذا يؤكد أن العلاقة بين بلدينا قوية للغاية. وأود أن أشكر بلدكم على المشاركة في اجتماعات العقبة التي تهدف إلى بحث التحديات الناتجة عن الإرهاب والتطرف من خلال منظور شمولي”.
وأضاف جلالة الملك “أود أيضاً أن أعبر، أمام شعبي، عن شكري لجلالة السلطان على دوره القوي في الدفاع عن القدس. فعلى امتداد سنوات معرفتي بكم، بادرتم دوما لتقديم الدعم والعون للقدس والفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة الغربية، وهو أمر نقدره عاليا”.
وقال جلالة الملك “لطالما تابعتم ما تواجهه شعوب منطقتنا من صعوبات، ولكن وبالرغم من بعد بلدكم الجغرافي، إلا أن منطقتنا بقيت دوما عزيزة عليكم وتتابعونها باهتمام، وقد بذلت بلدكم جهودا عظيمة لمساعدة دول المنطقة على مواجهة التحديات التي يعاني منها الشباب تحديداً. ولهذا السبب، وددت أن أشير مجددا لهذه القضايا، نظرا لأهميتها لديكم ولما تبذلونه من جهد صادق نحوها”.
واختتم جلالة الملك بالقول “أشكركم مجددا على زيارتكم هذه، وعلى جهودكم في بناء العلاقة بين بلدينا”.
من جانبه، أعرب جلالة السلطان حاج حسن البلقية عن سعادته بزيارة المملكة، وتطلعه لتمتين العلاقات وتعزيز التعاون بين الأردن وبروناي.
وقال “جلالة الملك، يسعدني أن التقي بكم مجددا، وأقدر عاليا دعوتكم لي لزيارة الأردن. وأشكركم على كرم الضيافة والترتيبات المتميزة لزيارتي”.
وأضاف “منذ زيارتي الأخيرة لبلدكم في العام 2009، أستطيع أن أرى الأردن مستمراً في عملية التنمية، وأود أن أشيد بقيادة جلالة الملك الحكيمة، والتقدم في تنفيذ رؤية الأردن 2025، والتي تهدف إلى تحفيز الاقتصاد الأردني”.
وتابع جلالة السلطان “إن هذه الزيارة تشكل فرصة لتقوية علاقاتنا ومراجعة التعاون الثنائي. لقد تطورت العلاقات بيننا منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية قبل 33 عاما، إلى صداقة قوية، وأنا ممتن لذلك”.
وقال “أنا في غاية السرور أن بلدينا وقّعا اتفاقية وثلاث مذكرات تفاهم، حيث يشكل توقيعها خطوة مهمة في علاقاتنا الثنائية، وشهادة على الروابط القوية بين البلدين”.
وأضاف “بالنسبة للتعاون العسكري، فهو في غاية الأهمية، حيث يعد هذا القطاع من أكثر القطاعات التي تشهد نشاطا وتعاونا بيننا. ويتبادل البلدان المشاركة في الفعاليات العسكرية الدولية التي ينظمها كلاهما، وهذا يبرز متانة العلاقات التي تجمعنا، وأود أن اغتنم الفرصة لأتقدم بالشكر لحكومتكم لدعوة بروناي لمثل هذه الفعاليات التي تقام في الأردن”.
وتابع جلالة السلطان “إن التبادل المنتظم للبرامج التدريبية بين المسؤولين في البلدين يعد فرصة مهمة لنتعلم من بعضنا البعض في هذا القطاع “العسكري” الذي يشهد تطوراً سريعاً. كما أن مذكرة التفاهم للتعاون العسكري بين البلدين تعكس الاحترام المتبادل بيننا وتعزز شراكتنا في هذا المجال، وستكون منصة لمزيد من العمل والتعاون، وإنني على ثقة بأن هذه المذكرة ستساهم بشكل كبير في تعزيز التعاون بين بلدينا”.
وتطرقت المباحثات إلى ما توفره المملكة من فرص استثمارية واعدة في قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الدوائية والغذائية، وما تتمتع به من موقع جغرافي مميز كبوابة لأسواق المنطقة والأسواق الإفريقية والأوروبية.
وركزت المباحثات على ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تحديات وأزمات وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والقدس، حيث أكد جلالة الملك أهمية دعم الأشقاء الفلسطينيين في نيل حقوقهم العادلة والمشروعة بإقامة دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، استنادا إلى حل الدولتين.
وشدد جلالته على أن الأردن مستمر في القيام بدوره التاريخي والديني تجاه المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات.
وتطرقت المباحثات إلى التحديات المالية التي تواجه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وضرورة دعمها لمواصلة تقديم خدماتها التعليمية والصحية والإغاثية.
كما تم استعرض جهود الحرب في الحرب على الإرهاب ضمن استراتيجية شمولية، حيث لفت جلالته إلى أهمية مشاركة بروناي في “اجتماعات العقبة”، الهادفة إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، لمواجهة الإرهاب والفكر المتطرف.
وفيما يتعلق بأزمة اللجوء السوري، أكد جلالة الملك أن الأردن يتحمل أعباء كبيرة تفوق طاقته جراء استضافة اللاجئين السوريين، ما يتطلب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه المملكة، لتمكينها من مواصلة تقديم خدماتها الإنسانية والإغاثية لهم.
وبحث جلالتاهما عددا من القضايا الإقليمية، وأكدا ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى حلول سياسية للأزمات التي تمر بها المنطقة، وبما يحقق الأمن والاستقرار لشعوبها.
وحضر المباحثات الموسعة رئيس الوزراء، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومستشار جلالة الملك، مدير مكتب جلالته، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، ومستشار جلالة الملك للشؤون الاقتصادية، ووزير الدولة لشؤون الاستثمار، ووزير الصناعة والتجارة والتموين، والوفد المرافق لجلالة سلطان بروناي.
وأقام جلالة الملك، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، مأدبة غداء رسمية تكريما لجلالة السلطان حاج حسن البلقية، وسمو الأمير عبدالمتين بن السلطان حسن البلقية والوفد المرافق، حضرها عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء، وكبار المسؤولين.
وجرت لجلالة السلطان حاج حسن البلقية، مراسم استقبال رسمية في قصر الحسينية، حيث كان جلالة الملك وسمو ولي العهد في مقدمة مستقبليه.
ولدى وصول جلالة السلطان، أطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة تحية لجلالته.
واستعرض جلالة الملك وجلالة السلطان حرس الشرف الذي اصطف لتحيتهما، فيما عزفت الموسيقى السلامين الوطني لبروناي والملكي الأردني.
وعلى هامش زيارة جلالة سلطان بروناي للمملكة، وقع البلدان ثلاث مذكرات تفاهم واتفاقية لتعزيز التعاون في عدد من القطاعات الحيوية.
فقد تم توقيع مذكرة تفاهم حول التعاون العسكري، وقعها عن الجانب الأردني، رئيس هيئة الإركان المشتركة، وعن سلطنة بروناي ممثل وزارة الدفاع بروناي- دار السلام قائد القوات المسلحة الملكية.
كما وقع البلدان مذكرة تفاهم حول التعاون السياحي، وقعها عن الجانب الأردني وزيرة السياحة والآثار، وعن سلطنة بروناي وزير الخارجية الثاني.
وجرى توقيع مذكرة تفاهم أخرى حول الشراكة الثنائية بخصوص بيئة البناء، وقعها عن الجانب الأردني وزير الأشغال العامة والإسكان، وعن سلطنة بروناي وزير التنمية.
كما وقعت اتفاقية حول التعاون والمساعدة المتبادلة في الشؤون الجمركية، وقعها عن الجانب الأردني وزير المالية، وعن سلطنة بروناي وزير المالية والاقتصاد الثاني