صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
اليوم ، وبعد اكثر من اربعة عقود ، يعود للواجهة وبقوة الحديث عن ” المملكة المتحدة ” ، بعد أن أثار الرئيس الفلسطيني محمود عباس مشروع “الكونفدرالية” بين الأردن وفلسطين ، عندما قال:” إن الإدارة الأمريكية طرحت عليه إنشاء دولة كونفدرالية مع الأردن”.
واول مرة طرح فيها الحديث عن المملكة المتحدة ، كان في عهد الملك الباني الحسين بن طلال، وتحديدا في آذار عام 1972 ، إذ جرى الاعلان عن مشروع تصبح فيه المملكة الأردنية الهاشمية ” المملكة العربية المتحدة “، وتتكون من القطرين : الأردن ، ويتكون من الضفة الشرقية ، وفلسطين، ويتكون من الضفة الغربية وأي أراض فلسطينية أخرى يتم تحريرها ويرغب أهلها في الانضمام الى المملكة المقترحة، بعاصمتين هما: القدس وعمان، فيما تكون الأخيرة العاصمة المركزية.
وأفصح الراحل الحسين في خطاب ملكي عن الهدف من إقامة اتحاد بين الأردن وفلسطين تحت اسم “المملكة العربية المتحدة” ، بشرط أن تتنازل إسرائيل عن السيطرة على القدس الشرقية لصالح الاتحاد الفدرالي بين الأردن وفلسطين من أجل أن تصبح عاصمة القطر الفلسطيني ، على أن يكون رئيس الدولة هو الملك ، ويتولى السلطة التنفيذية المركزية ومعه مجلس وزراء مركزي ، وتناط السلطة التشريعية المركزية بالملك، وبمجلس منتخب يعرف باسم مجلس الأمة ، وبعدد متساو من الأعضاء لكل من القطرين ، وللمملكة قوات مسلحة واحدة قائدها الأعلى هو الملك .
الا ان ردود الافعال سجلت رفضا لهذا المشرع المقترح من قبل معظم الاطراف المعنية ، وكان أول الرافضين له منظمة التحرير والعراق والجزائر، وتبعتها: مصر وسورية والسودان، الى جانب رفض الجانب الاسرائيلي للمشروع على لسان رئيسة الوزراء انذاك غولدا مائير، وامتناع أمريكا والاتحاد السوفياتي وفرنسا عن التعليق.
ان اعادة طرح الحديث عن ” الكونفدرالية والمملكة المتحدة ” لاقت ردود افعال رافضة ، خوفا من تصفية القضية الفلسطينية، وفقد الشعب الفلسطيني حقه بتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، وبالتالي شطب حق العودة ، ومن المؤكد ان هذا المشروع يخدم الأجندة الصهيونية ويقدم خدمة مجانية للرئيس الأمريكي ترامب لتسويق مشروعه المعروف باسم “صفقة القرن” .
واكد الاردن موقفه الرافض لهذا المشروع في اجابة الملك عبدالله الثاني، ردا على ما يدور من حديث عن الكونفدراليه ، اذ شدد على أن ذلك خط أحمر بالنسبة للأردن، متسائلا، كونفدرالية مع من؟ حيث ان “الكونفدرالية” يجب أن تتم بين دولتين مستقلتين لهما سيادة وحدود، وهذا غير متوافر في فلسطين.
ان مجرد الطرح ، في هذه الظروف، خصوصا بعد إعلان العدو الصهيوني، يهودية الدولة ، برعاية أمريكية ، يعد خدمة لاطماع الاحتلال ، انصياع للرغبة الأمريكية في المنطقة ، وتنفيذه يشكل خطرا على الشعب الفلسطيني من خلال تنفيذ السيناريو الاسرائيلي الرامي الى تفريغ الدولة الفلسطينية .
يتساءل الكثيرون لماذا يطرح الحديث عن الكونفدرالية، والمملكة المتحدة في هذا التوقيت بالذات ؟! وربطها بانشاء تلفزيون جديد اختير له اسم ” تلفزيون المملكة ” ، وعن احاديث تدور هنا وهناك عن الغاء التلفزيون الأردني، ودمجه مع تلفزيون المملكة ، تمهيدا لالغاء أي مؤسسة رسمية تحمل اسم الاردن .
أسئلة كثيرة ، وكبيرة في هذا الموضوع تستوقفنا ونحن نبحث لها عن اجابات ، وتشوشنا لاننا لا نجد الاجابات الشافية لها في الوقت الحالي ، خاصة بعد أن أعلن جلالة الملك أكثر من مرة في عدد من اللقاءات الصحافية عن نيته التنازل عن الحكم ، وكان أولها في الذكرى العاشرة لجلوسه على العرش ، حيث قال : ” فكرت بالتنحي وعائلتي قالت: لا تستطيع أن تستقيل ” ، وعاود تكرارها في المقابلة الشهيرة مع محطة ” بي بي سي ” ، وفي رده على سؤال : ” هل تعتقد يوما أن ابنك سوف يرث مملكتك؟ ” ، لتأتي الاجابة : المملكة مستمرة ، ولكن بالتأكيد ظروف استلام ابني العرش ستكون مختلفة تماما عن تلك التي تسلمت فيها الحكم.
نحن في وقت كثر فيه القيل والقال ، وانتشرت الأقاويل ، عن مستقبل الاردن ، وبقاء ارتباطه بالمملكة أو شطبه ، وعن ارتباط بين الضفتين ، و ظهرت عبر قنوات بث ( يوتيوبية ) تنشر وتذيع حقائق وقصص كانت مخفية لفترة طويلة من الزمن ، وربطها بالاحداث الدائرة في محيطنا اليوم ، ومع ما قد يحدث .
وفي ظل شيوع استخدام وسائل الاعلام الجديد ، كثرت الاساءات والتطاولات ، وارتفعت السقوف ، وازيلت الخطوط الحمر ، بعد ان فقدت لونها واختلطت مع الوان الخطوط الاخرى ، وعرضت سيناريوها جديدة ومتعددة لتوقعات لما سيتعرض له الاردن ، وانتشرت التحشيدات ، وكثرت التغريدات التي تعطي مؤشرا لتفاوت في المواقف ، وكثرت الردود التي وصلت الى حد الردح ، والتخوفات بأنها مقدمة لاقرار قانون الجرائم الالكترونية المعروض حاليا على مجلس الامة !
كل ذلك يجعل من حق المواطن ان يتساءل ، وان توضح له حقيقة ما يحدث ، فنحن شركاء ، ومن حقنا الوقوف على حقيقة الامور ، حتى لا تظهر الأمور كأننا في خندقين لا خندق واحد .