صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
في منتصف العام الماضي وعلى إثر احتجاجات الدوار الرابع، سقطت حكومة الملقي وظهرت حكومة الرزاز. وتبين بأن كلا الحكومتين تنقصهما المعرفة والقدرة على إدارة الدولة، إضافة لافتقارهما للولاية العامة، ونتيجة لذلك ففقدتا ثقة الشعب. والفارق بين رئيسي الحكومتين، أن الأول يعتمد المواجهة مع الآخرين بعيدا عن الدبلوماسية، التي عمل بها سفيرا لفترة طويلة. أما الثاني فهو لبق في الحديث وبطرب سامعيه بمعسول الكلام، لكنه ينفذ المخطط المرسوم بأسلوب المراوغة والمماطلة.
ورغم أنني كمعظم المواطنين، لم أكن مقتنعا بشخصية الرزاز – موظف البنك الدولي السابق – إضافة لأعضاء حكومته المكررين من الحكومة الفاشلة السابقة، إلا أنني رغبت بإعطائه فرصة عملية لكي أحكم عليه وأقنع نفسي بأنني قد أكون مخطئا في تفكيري. وبعد تولي دولته المنصب، انطلق ينشر أفكاره وتعليقاته من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال الخطابات والمقابلات المتلفزة، يداعب بها مشاعر المواطنين وإسماعهم ما يطربهم، من خطط ينوي تنفيذها لمعالجة قضاياهم القائمة.
تركزت تلك الوعود على العدالة وتبسيط القوانين، والشفافية في القرارات، وإدامة الحوار مع المواطنين، والقيام بنهضة اقتصادية تخفف الدين العام، وتحسن أحوال المواطنين المعيشية. ولسوء الحظ أن شيئا من ذلك لم يحدث والشواهد ماثلة أمام الجميع. فاستمر فقدان الثقة بالحكومة الجديدة، والدليل على ذلك ما جرى في الاستقبال السلبي لأعضاء حكومته، الذين كُلفوا في أواخر العام الماضي، بشرح قانون ضريبة الدخل في المحافظات.
أما المديونية فقد ازداد رصيدها، وتوجهت الحكومة أيضا، للحصول على قرض من البنك الدولي بقيمة مليار وربع المليار دولار، والذي ما زال تحت الدراسة. وفي الداخل استمرت المصانع والشركات والاستثمارات بالهجرة خارج البلاد، يرافقها أحيانا بعض الخبراء والعلماء.
وعلى الصعيد الشعبي فقد أصبح كثير من المواطنين، ينتظرون الصدقات من الهلال الأحمر الإماراتي، الذي نقدم له الشكر. وبالنسبة للبطالة والفقر فهي بتزايد مطّرد مع عدم توفر وظائف للشباب، ما عدا ما تجود به الحكومة من وظائف عليا، إرضاء للنواب أو تلبية لصداقات شخصية. وكان آخر هذه الممارسات ما أعلن عنه قبل أيام، من توظيف لأشقاء بعض النواب دون وجه حق، مما جعل جلالة الملك يتدخل في هذا الموضوع والتوجيه بإعادة النظر به.
واستجابة لرغبة جلالته فقد أعلن دولته، أن الحكومة ستبدأ على الفور بعملية تقييم لهذه التعيينات، وفي حالة ثبوت عدم كفاءة أصحابها، يعاد النظر في قرار تعيينهم. لقد توقعنا أن تقوم الحكومة بإلغاء تلك التعيينات المخطوءة. فالشجاعة الأدبية والديمقراطية واحترام المجتمع، تقتضي أن يعترف المسؤول بأخطائه، وأن يتحمل وزرها وتبعاتها مهما كانت نتائجها وأضرارها. . ولا نعلم إن كان جلالته سيصادق على هذه التعيينات أم سيتركها للزمن ؟
وعند التمعن فيما سبق، فإن الأسئلة التالية تطرح نفسها بقوة :
1. لماذا لم تعرض الحكومة هذه التعيينات، على لجنة انتفاء الموظفين ذوي الدرجات العليا، التي سبق تشكيلها لهذه الغاية ؟
2. هل عُرضت هذه التعيينات على مجلس الوزراء، المؤلف من 25 وزيرا أم تمت بصورة فردية ؟ وإن كانت قد عُرضت على المجلس، أليس بينهم رجل رشيد يعارض هذا القرار ؟
3. هل يعقل أن يحال أحد الموظفين من موقعه لبلوغه السن القانوني للتقاعد، ثم يعاد توظيفه من جديد بعد أقل من ساعة، ليتقاضى مقابلها أضعاف راتبه السابق ؟
4. أين الفصل بين السلطات ؟ وكيف ترضخ السلطة التنفيذية لبعض أعضاء السلطة التشريعية بممارسة نفوذهم عليها، وتوظيف أقاربهم بصورة تدل على التنفيعات أو بتبادل الصفقات ؟
5. لا ننتقص من كفاءة أولئك الذوات المعينين مجددا ولكنهم أخذوا فرصتهم في العمل، ولماذا لا نسمح لشباب آخرين يتمتعون بالكفاءة والمعرفة ليأخذوا فرصتهم ؟
6. أين العدالة والشفافية التي صدع رؤوسنا بها دولة الرزاز في كل مناسبة ؟ ألا يُعتبر هذا الفعل تجسيدا للفساد المدعوم رسميا ؟
ختاما أقول : إن كان هناك بقية من الثقة بهذه الحكومة ورئيسها من قبل الشعب، فبفعلها هذا سقطت عنها ورقة التوت واهتزت كراسيها، وما عليها إلا الرقص على أنغام الأغنية الشهيرة : ” ردي شعراتك ردي “، لعل جلالة ا لملك يردّها إلى منازلها التي خرجت منها . . !
التاريخ : 7 / 2 / 2019