صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
خلال تصفحي لبعض المقالات على الشبكة العنكبوتية، وقعت عيني على مقالين ولا أعرف مدى صدقيتهما، ونظرا لأهمية ما جاء فيهما سأقتبس بعضا من فقراتهما للمقارنة بصورة شخصية من قبل القراء الكرام، مع ما يجري في الحياة العملية.
ففي مقال مطول للدكتور عبد القادر القيسي نُشر على صفحات موقع رأي اليوم الإلكتروني / لندن بتاريخ 12 / 6 / 2016، تحت عنوان قاسٍ لا أحب أن أذكره، بل أقتبس من نصه الفقرات التالية :
” مهنة المحاماة فيها الطموح حق مكفول للجميع، نظرًا للوسيلة التي أحدثت ذلك. فهنالك وسائل مشروعة ونظيفة تتماشى مع أخلاقيات مهنة المحاماة، تتمثل في الدراسة والتطبيق المثالي أمام المحاكم، وعدم الالتفاف حول الثغرات في القانون. ومن حق كل محامٍ أن يكون ناجحًا ومشهورًا وسمعته نظيفة ينصر المظلومين ويحقق العدل، لكن في المقابل هناك من يقوم بإعطاء موكليه وعودًا كاذبة وأعذارًا وهمية نسبة لعدم انضباطه في عمله وأخلاقه.
أحترم هذه المهنة، لكن في الواقع، أن الأقاويل أو الحوادث التي نسمعها عن وجود بعض المحامين عديمي الضمير والبعيدين عن الإنسانية، أسبغ على هذه المهنة في نظر الكثيرين، اقترانها بالنصب أو الاحتيال أو الكذب. ومن خلال ما لاحظته من ممارسات يقوم بها عدة محامين وما أصاب مهنة المحاماة من انهيار مهني لا يحمد عقباه، بحيث يكاد يكون المحامي في نظر المواطن (نصاب أو محتال محترف)، لاستنزاف جيوب الزبائن كقاعدة عامة، والاستثناء هو المحامي النزيه الوطني الوقور الهميم في عمله.
في الدول المتقدمة (ومنها بريطانيا طبقاً لمشاهدتي) ينزل الطب مرتبة، لتتقدمه “المحاماة” في مراتب الأهمية. فمحامي العائلة “حامي حماها”، وحافظ أسرارها، والذائد عنها أمام القانون، ووكيلها الناطق في جميع شؤونها المالية، والعارف بكيفية تصريف حقوقها، وميراثها، وتوريثها. وأفراد العائلة من جانبهم، يأمنون جانبه، ويطمئنون إلى إجراءاته. وباختصار “ينامون رغداً” وهو الساهر على ممتلكاتهم، والمدافع عن كراماتهم إنْ تعرّضوا لأي مشكلة أو لظلم، أو حاول أحد النيل منهم.
لكنّ هذا الكلام القاسي، المحبط، المنفـّر، تخفّ وطأته، وتتغير سُحنته، عندما تلتقي بفئة أخرى من “المحامين المحترمين”، فئة جعلت من مهنة المحاماة فن نبيل من فنون القضاء، تقوم على نقاوة الضمير ونصرة العدل، فيعرضون أنفسهم عليك منافحين، مدافعين، غير عابئين بالمال الذي يستحصلونه، إلا في حدود ما يستحقون من أتعاب، لا بأنْ يصدموك بطلب “الدفتر الأمريكي” والدفترين والثلاثة.
والمحاماة مهنة شريفة الهدف في أصلها، كأي مهنة شريفة مثل الطب والهندسة والتعليم وغيرها. فهناك أطباء ومهندسون ومدرسون يخالفون شرف المهنة من أجل الكسب المادي، وهناك أيضا محامون يقومون بمخالفة شرف المهنة من أجل الكسب المادي “.
أما الكاتب المصري عصام العبيدي فقد كتب مقالا في جريدة الوفد الإلكترونية بتاريخ 7 نيسان 2015 ذكر به القصة التالية :
” تقابل المستشار القضائي الكبير المصر في مصر مع زميله، الذي سبقه للتقاعد وخرج للمعاش . . أثناء صلاة الجمعة وسأله : أنت بتعمل أيه بعد خروجك للمعاش ؟ ففوجئ الرجل بأغرب إجابة عندما قال المستشار المتقاعد . . أنا دلوقتي شغال ” نصاب بالقانون “.
قال لي الرجل : أنه كتم ضحكته من غرابة إجابة زميله . . لكنه ضحك كالبكاء. . فللأسف هناك مجموعة من المحامين الآن باعت نفسها للشيطان . . تجدهم يدافعون عن الباطل الظاهر . . دون أي وازع من دين أو ضمير . . المهم عندهم كسب القضية . . ومن ثم الملايين الحرام التي تدخل جيوبهم.
ورغم زيادة عددهم فإن ذلك لا يسيء لثوب المحاماة الطاهر، والذي ارتداه ذات يوم سعد زغلول ومصطفى النحاس ومصطفى كامل ويحيى الرفاعي وباقي عمالقة المحاماة. وحتى الآن يوجد الآلاف من المحامين الشرفاء القابضين على الجمر، ويرفضون الترافع عن لصوص الوطن رغم ملايينهم وأموالهم التي لا تعد ولا تحصى. فكل مهنة فيها الصالح والطالح . . فيها الطيب والشرير. . فيها من يراعي الله في عمله . . وفيها من لديه استعداد لبيع كفن والديه من أجل المال . . ! انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق :
في هذين المقالين دروس وعبر قيّمة، يمكن للمحامين المستجدين الاستفادة منهما، في ممارسة مهنتهم الشريفة، خاصة إذا ما عادوا لقراءة المقالين بكامل نصهما بتروٍ وبصيرة.