سؤال كبير وألم أكبر يجترعه عدد مهول من المواطنين عندما يرون بأمهات أعينهم أن من يدير شؤونهم ويتدبر أمرهم ليسوا أفضلهم ، والمقصود بأفضلهم ليس بالتأكيد منابت الناس وعشائرهم ، ولا مناظرهم وثرائهم ، ولا صلاتهم ونفاقهم وتملقهم لأهل السلطة وأولي الأمر والنهي في الدولة، ولا شهاداتهم وكرتونهم الموشح بشعارات جامعات لم نسمع بأسمائها والتي تشبه أسماء البقالات، وإنما المقصود قدراتهم وأدائهم وإخلاصهم ونزاهتهم ودافعيتهم للعمل.
تجارب الأردنيين مع شاغلي المواقع العليا في الدولة الأردنية رؤساء جامعات ومدراء وأمناء عامين ومدراء دوائر مستقلة ومدراء مستشفيات وسفراء في وزارة الخارجية ورؤساء جامعات ، ليست سارة بمجملها رغم بعض نقاط الضوء هنا وهناك لأشخاص اجتمعت فيهم خصائص عديدة ومن ضمنها الكفاءة والقدرة على العمل والنزاهة والاستقامة، ولكن هذه الكفاءة والنزاهة لم تكن هي من العوامل الحاسمة والمؤثرة في تعيينه في هذا الموقع أو ذاك.
من يدير شؤون الأردنيين باعتقادي المدعوم بأدلة بحثية هم أشخاص لهم سجل أو سند أمني بالدرجة الأولى أو في الديوان الملكي العامر، أو سند في رئاسة الوزراء أو من الوزراء، أو سند عشائري قبلي مؤثر يضغط على إحدى الجهات المشار إليها آنفا، وهذا الضغط قد يأخذ أشكال المطالبة العلنية لأولي الأمر والنهي بتمثيل أبنائها في الإدارة الأردنية ، أو نتيجة لعلاقات أمنية، أومن خلال الاحتجاجات العلنية، أو من خلال التزلف والنفاق لأهل السلطة وممالئتهم ومداهنتهم والتوسط لديهم وتكريمهم بأشكال مختلفة “كالعزايم” والدعوات للمآدب وربما الهدايا في بعض الأحيان. وقد أشارت نتائج إحدى الدراسات الحديثة إلى نتائج مفزعة ومفجعة تمثلت بأن الجوانب الأمنية في الأردن تشكل العامل الأبرز المؤثر في وصول الموظفين الحكوميين إلى المواقع القيادية من رتبة أمين عام /مدير عام فما دون متبوعا بالواسطة والمحسوبية والتدخل والدعم العشائري في حين أن كفاءة الموظف وجدارته لم تكون ضمن أعلى خمسة عوامل مؤثرة في التقدم الوظيفي للموظف وإشغاله للمواقع القيادية العليا في الدولة الأردنية.
ماذا نجيب الأردنيين الكادحين والمخلصين للوطن في الأغوار والبادية والحضر ؟ماذا نقول للمزارعين في جبال عجلون والطفيلة والشوبك وفي البوادي، ماذا نجيب أهلنا في فقوع والشهابية والقادسية والنعيمة وجلعاد وكفرنجه ورحابا وبئر مذكور وعيرا ويرقا؟هل نعتذر لهم ونقول إننا لم نولي أمرهم لخيارهم وأننا لم نكن أهلا لإدارة شؤونهم؟.
نعم نحن مع الإصلاح ولكن نريد محاسبة من أجحف بحقوقنا ومن عين رؤساء الجامعات وبعض نوابهم الذين تدور حولهم شبهات الفساد و الأمناء والمدراء العامين والسفراء والمستشارين في مواقع لم يكونوا أهلا لها وقد قفزوا على حقوق المخلصين من زملاء لهم من أبناء الأردن الذين حرموا حقوقهم بغير وجه حق.
من يعوض الأردنيون عن قرارات خاطئة كلفت الخزينة ودافع الضرائب الكثير نتيجة من تسلقوا وجاءوا للمواقع القيادية ليس بسبب كفاءتهم ولكن بسبب توسطهم ونفاقهم وارتباطاتهم مع دوائر السلطة في الدولة.
بعض القادة يريدون من أتباعهم أن يكون عبيدا لا قادة وبالتالي فإنهم لا يعدمون الوسيلة في سبابهم وشتمهم بحجة تعليمهم وهم لا يعلمون بأنهم يدمرون أهم مكون وعنصر في بناء القادة وهو الثقة بالنفس تماما مثل المعلم الذي يهين طلابه ويعتدي على كرامتهم ويمسح شخصياتهم بحجة تدريبهم وتعليمهم فهؤلاء مثلهم مثل القادة الذين يخرجون ويدربون شخوص أذلاء لا كيان لهم ولا شخصيات لديهم… أنهم يخرجون عبيدا مأمورين مهزوزين لا قادة ولا أسيادا فبئس الصانع وتعس المصنوع .
الأردنيون لم يعودوا يتوسمون خيرا في تصريحات المسئولين وكذلك مداولات اللجان المختلفة ويأملون بأجواء أكثر ديمقراطية وأكثر حرية وأكثر عدالة وأقل فسادا وانتهاكا لحقوق الناس وتطلعاتهم وأمانيهم.