صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
المطر حينما ينهمر ، فيه حياة ، فيه شفاء ، فيه دواء ، فيه إرتواء ،فيه نقاء ، فيه خيرات وعطاء ، ينقي النفس الانسانية مما التصق بها من درن الحقد ، والكراهية ، والغبن ، والقهر ، وحتى الكد ، والتعب ، والإجهاد ، والضنك ، فلا تجد إنساناً ، لا بل وحتى حيواناً ، لا بل وحتى شجراً ، لا بل وحتى تراباً ، الا وصح ، وصحصح ، وانتشى ، وتبسم ، وضحك ، واسفر وجهه ، واستبشر خيرا.
ومن منطلق ان كل شيء يكمن فيه الخير والشر ، فان المطر كذلك ، فيه الخير والضرر . فإذا أراد رب العزة ان يكون المطر كله خير ، فتجد ان حبات المطر نازلة وكأن فيها خفراً ، وحياءاً ، ولطفاً ، ورقة ، وعذوبة تكاد تتذوقها دون ان تذوقها ، واذا أراد رب العباد ان يكون في المطر شر ، فتجد العواصف، والصواعق ، والفيضانات، والسيول الجارفة ، فيتحول هذا الخير الى شر ، فيقتل ويدمر ، ويجرف وينسف ، سبحان من جمع الضدين في الحالتين .
المبهج والمفرح ان نزول المطر ليس كل الخير ، بل مقدمة لخيرات متعددة عظيمة يصعب حصرها ، فترى انك تكاد ان ترى الارض تنطق وتبتهج فرحاً بهذا الزائر الودود الذي يبعث على الحياة ، والبهجة ، والسرور، فيغتسل كل شيء ، ويزهو ويلمع والاهم انه يَنْظَفْ ، ويتغير لون التربة ليصبح مبهجاً ، ناطقاً بالحياة ، ويصبح لها رائحة خاصة ، جميلة ، كيف لا ، وأصل الانسان منها ، فتهتز الارض وتربو ، والنباتات تنمو ، والزهار تتفتح ، وتنشر عطرها الفواح ، وروائحها الزكية المبهجة ، فيرى الانسان ان وجهه طلقاً ، مبتهجاً ، مسروراً ، وتطير الطيور ، باحثة عن رزقها ، وتغرد العصافير ، وتتطاير ، وتطير من غصن لتحط على غصن آخر ، وينتشر النحل ، ويتنقل من زهرة او وردة الى اخرى متذوقاً ، ليختار أجملها لينتج منها الأشهى والأطيب ، العسل ، هذا المنتج السحري ، فيه رفعة في المذاق ، وشفاء وعلاج لكثير من السقم ، فلا صلاحية له لتنتهي ، ولا تغير في المذاق ، تجده عسلاً رااااق رائق .
واذا لم يهطل المطر ، فلا شيء خَضِرْ ، ولا نضر ، بل مكفهر ، بَسِرْ ، وعَسِرْ ، مُغْبَرْ ، ومُنَفِّرْ ، ناشف ، عَطِشٌ ، مُصْفَرْ ، لا حياة في كل شيء ، لا بل الموت يكتنف كل شيء .
سبحان رب العزة الذي لخص كل ذلك وأكثر ، وما عرفنا ، وما لَم نعرف ، في جملة عظيمة واحدة (( وجعلنا من الماء كل شيء حيّ )) .