باكستان ..صوت الأنسانية

29 سبتمبر 2019
باكستان ..صوت الأنسانية

صراحة نيوز – بقلم د صبري الربيحات

على خلاف كل الذین تحدثوا على منصة الجمعیة العامة للأمم المتحدة لھذا العام قدم الزعیم الباكستاني أطروحة جدیدة لمساعدة العالم الثالث على النمو. عمران خان الذي دخل عالم السیاسة حدیثا استثمر خطابھ القصیر للحدیث عن أثر التغیر المناخي على بلاده التي اعتمدت أنھارھا على ذوبان الجلید في الجبال الأكثر بیاضا في آسیا ودعا العالم للتكاتف على وضع حد لھذه الظاھرة الخطیرة التي اصبحت الشواھد على تقدمھا واضحة.
البحیرات التي أخذت تتشكل وسط الامتداد الثلجي على قمم جبال الھملایا تشیر بما لا یدع مجالا للشك تعاظم اخطار الجفاف القادم وقصور الجھود الأممیة في التصدي لھذه الظاھرة الخطیرة. في إجراء استثنائي قامت الباكستان بزراعة مئات ملایین الاشجار وتنوي الاستمرار بأعمال الزراعة للتخفیف من آثار المشكلة على بلد یعتمد غالبیة سكانھ على الزراعة.

الظاھرة الاخطر التي تناولھا الزعیم الذي دخل السیاسة كنجم أحبھ الناس كرمز ریاضي رفع اسم باكستان عالیا في مئات المناسبات كانت قضیة المدیونیة التي تنامت بشكل لافت في دول العالم الثالث. اكثر من نصف الموارد الباكستانیة توضع في خدمة المدیونیة التي زادت في السنوات العشر الاخیرة عن مجموع ما كانت علیھ خلال الستین سنة القادمة.

في حدیث عمران خان لزعماء العالم مرارة وعتب مرده الى تغاضي الدول والزعامات والقوى السیاسیة الغربیة لظاھرة وسرقة تھریب الاموال التي یقوم بھا أعضاء النخب في دول العالم الثالث وتجاھل القوانین والانظمة والاجراءات القانونیة الغربیة لھذه الممارسات.

فأموال الشعوب الفقیرة وثرواتھا موضع للتعدي والنھب حیث یجري الاستیلاء علیھا وإیداعھا في بنوك وشركات واستثمارات في دول العالم الصناعي التي لا تحرك ساكنا ولا تدقق كثیرا في مصدر ھذه الثروات ولا كیفیة الحصول علیھا كما تفعل في اموال المخدرات ومراقبة التمویل للجماعات المجرمة أفعالھا.

الصرخة التي أطلقت من على المنصة الأممیة تلخص أوضاع مئات بلدان العالم فقد لقیت صدى واسعا لدى الأحزاب والناشطین والمھتمین لكنھا قد لا تروق للكثیر ممن بنوا امبراطوریاتھم المالیة على حساب الشعوب والامم التي تتعمق معاناتھا یوما بعد یوم.

الفقر والعوز والتخلف الذي یجتاح اكثر من ثلثي دول العالم یزداد بفعل القوى المستغربة داخل جسم ھذه المجتمعات. النخب السیاسیة والعسكریة التي تھیمن على موارد الدول دون رقابة او محاسبة تنشغل الیوم بتطویر استثماراتھا وتوسیع ملكیاتھا من خلال تحالفات وشراكات استراتیجیة مع العدید ممن تستھویھم الثروة والصلات في داخل وخارج ھذه المجتمعات.

المشكلة التي أثارھا خان معروفة ومحددة فقد كشف الربیع العربي عن وجود ملیارات الدولارات للرؤساء العرب وزبانیتھم في المصارف الغربیة وفي الخزائن والمخابئ التي اوجدوھا. المطلوب من العالم الیوم إیجاد آلیة جدیدة للحد من ھذه الظاھرة ووقف التواطؤ القائم بین الدول والمصارف العالمیة والقوى الفاسدة في العالم لتمكین الدول الفقیرة من استعادة ثرواتھا المنھوبة ووقف ھذه الممارسات الخطیرة من خلال معاملتھا كجرائم لا تقل
في خطورتھا عن تمویل الارھاب وغسیل الاموال.

الأمم المتحدة والتنظیمات الاقلیمیة مدعوة ان تطور مواثیقھا لتحریم وتجریم وملاحقة ھذه الجرائم الخطیرة المسؤولة عن افقار الشعوب ومدیونیتھا. من غیر المقبول ان یجد سارقو الشعوب ملاذا آمنا لأموال وثروات الأمم المنھوبة في حین تتسول ھذه الشعوب من اجل بضعة ملایین لسد عجز ھنا او تقصیر ھناك.. تحیة لـ عمران خان ولكل الزعماء والقادة الذین یحرصون على رفاه وتقدم شعوبھم.

الاخبار العاجلة