صراحة نيوز – قال المستشار الأعلى لجامعة البترا رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عدنان بدران إن “التاريخ يعلمنا أن نكون صناع تاريخ مشرق لأمتنا، اذا اخترنا إعادة هيكلة أوضاعنا وتغيير دفة السفينة من الانهيار والاندثار إلى بناء الذات والتقدم والازدهار”.
وجاءت كلمات بدران خلال ترؤسه الجلسة الأولى من ندوة “العالم العربي من الانقسام إلى المصالحات” التي نظمها مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان وجاءت الجلسة بعنوان “الحالة الراهنة في العالم العربي واستراتيجيات تحقيق المصالحات”.
وأوضح بدران أنه نتيجة لما تعاني منه المنطقة العربية من مشاكل فهناك هجرة واسعة بين الشباب المتعلمين والمثقفين لمناطق أكثر استقرار واقتصادًا، مضيفًا أن هذا الوضع يطرح خيارين فإما “أن نهرب من واقعنا نتيجة اليأس من مواصلة حياتنا في منطقة لا مستقبل لها أو إعادة هيكلة أوضاعنا والتاريخ يعلمنا أنه باستطاعتنا أن نكون صناع تاريخ مشرق لأمتنا”.
وقال بدران “العالم العربي يعيش حاليا في نفق مظلم أشبه بظلمات أوروبا في القرون الوسطى، تتجاذبه فتن وصراعات دينية ومذهبية وطائفية، وقبليه وإثنيه ومناطقية، تمزق نسيجه الاجتماعي الوطني، بالإضافة إلى أنه أصبح فريسة سهلة للاستعمار والاستغلال ونهب موارده وإمكانياته وأراضيه”.
وقدم المدير الأسبق لمركز الدراسات الاستراتيجية في القوات المسلحة محمود ارديسات ورقة عمل بعنوان “التداعيات السياسية والأمنية لحالة الانقسام الراهنة في العالم العربي”، مشيرًا إلى أن استباحة الفضاء العربي سياسيًا وعسكريًا كان نتيجة لحالة الانقسام بالإضافة إلى تراجع الحريات العامة ، وتفرّد الأنظمة باتخاذ القرار، وتراجع التنمية الاقتصادية والبشرية في معظم الدول العربية.
ولخص ارديسات أبرز التداعيات والآثار السياسية الناجمة عن حالة الانقسام والخلاف على المستوى الوطني والقومي، في انكفاء العمل العربي المشترك لأيّ قضية عربية مشتركة، وعلى رأس هذه القضايا القضية المركزيةقضية فلسطين، وازدياد حالة الاستقطاب في العالم العربي لتشمل الدول الإقليمية كتركيا وإيران، وحتى إسرائيل بطريقة سرية. بالإضافة إلى تغوّل الدول العظمى، وحتى الإقليمية على العالم العربي.
وقال ارديسات “لم تعد هناك دولة عربية في منأى عن التدخل والتهديد الخارجي بحجة الحرب على الإرهاب وملاحقة الإرهابيين”، متابعًا لم يعد التهديد الخارجي للدولة العربية مقتصرًا على الدول العظمى، بل تجاوز الأمر إلى دول الجوار الإقليمي، كما أصبحت إسرائيل قادرة على التدخل وقصف أيّ أهداف تراها مهدِّدةً لأمنها حاضرًا ومستقبلًا في جوارها العربي.
وقدم الدكتور حامد قويسي ورقة عمل بعنوان “إطلاق الحوارات الوطنية والقومية في العالم العربي والتحديات التي تواجهها”، أكد فيها أن حالة “الانقسامات والصراعات” المشتعلة بين دول المنطقة العربية وداخلها تفرض ضرورة إبداع رؤية واستراتيجية فعّالة للتعامل السياسي معها، قائلا “إن استمرار هذه الحالة سيقود إلى المزيد من التفتت والتقاتل ومن ثم بروز الدول الفاشلة، وفي نهاية المطاف سيكون مصير المنطقة وكيانها العضوي فضلًا عن وجودها الحضاري والمعنوي مهددًا بالانهيار والاختفاء”.
وأكد القويسي أن نجاح الحوارات الوطنية والقومية تستلزم تحديد عنصرين أولهما “تحديد ماهية الحوارات الوطنية والقومية، وتحديد الشروط اللازم توافرها في موضوع الانقسامات والصراعات لكي يكون صالحًا وملائمًا ليُجرى بصدده نوع من الحوار وصولًا إلى المصالحات. وماهية الأبنية أو المستويات التي يمكن من خلالها إدارة عملية الحوار وصولًا إلى تحقيق أهدافه من المصالحات.
وقدم الدكتور نظام بركات ورقة عمل بعنوان “بناء الشراكة السياسية والجماعة الوطنية في العالم العربي والتحديات التي تواجهها”، مبينًا أن الشراكة السياسية تتطلب نشاطًا إيجابيًا لتحديد حقيقة المصالح الوطنية لكلًّ من المجتمع والدولة وإدارة التفاوض بقصد بناء التوافقات حول القواسم المشتركة في بيئة قائمة على التسامح ونبذ التطرف والعنف.
وتحدث بركات عن عناصر التوافق بين الشراكة السياسية والمصالحة مبينًا أبرز عواملها وهي السعي إلى إشراك كافّة القوى السياسية والأطراف المختلفة في عملية صنع القرار والعمل السياسي. والعمل على الوصول للمصلحة العامة والأهداف المشتركة لجميع الأطراف وقبول التضحية من أجل الأهداف العليا للأمة.
بالإضافة إلى ضرورة الايمان بالحوار واحترام الرأي الآخر وايجاد آليات لتجسير الفجوة بين المواقف المختلفة والمتناقضة، وسيادة الروح الجماعية، وأهمية وجود مرجعية قانونية واتفاقات معتمدة من قبل جميع الأطراف من أجل ضمان استمرارية الحلول الإيجابية ومنع المخاوف والأحكام المسبقة بين مكونات المجتمع والدولة.