صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
التوزير إجراء طبيعي في كل العالم . ويكتنف هذا الإجراء التوزيري الكثير من التزوير ، والإختلالات ، والعيوب ، بسبب توزير أشخاص ليسوا بمستوى الموقع الذي سيشغلونه ، ولذلك أسباباً عديدة ، ولكثرة تكراره أصبح مألوفاً ، ويكاد يكون مُستصاغاً ، لا بل وربما أصبح مقبولاً لدى الكثير من المجتمعات . وهذا يكون نتاجاً للفساد بأشكاله الكُلية الشامله . منها مثلاً :- توزير رفاق الحزب الحاكم ، كما يحدث في الغرب . وكذلك تلعب القرابة والنسب ، والصداقة ، وجلسات الأُنس ، والجيرة ، والزمالة في العمل او المهنة ، والأكثر إنتشاراً ، التوافق ، والإنسجام ، والشراكة في الفساد . حيث يشكل الفاسدون حلقات من جماعات لديها نفس القناعات ، ويسيرون بنفس النهج ، ويستصيغون السرقة ، ويعتبرونها شطارة وفهلوه .
كل ما سبق ذكره تم تدويله ، حتى إنتشر وعمّ كل أنحاء المعمورة . وإلّا كيف يحق للصهيوني الأمريكي ، الذي يمتلك بيتاً في القدس الشريف / جاريد كوشنر ، الذي تم قبوله في ( جامعة نيويورك ) ليدرس الحقوق ، بالرغم من معدله الضعيف ، الذي لا يؤهله للدراسة في الجامعة ، وكذلك ليدرس في ( جامعة هارفارد ) ، والسبب ان والده تبرع للجامعتين بمبلغ ( ٥ ) مليون دولار ، مما سهّل قبوله فيهما . والذي كان يبلغ ( ٣٥ ) عاماً من العمر عندما تم تعيينه كبير مستشاري الرئيس الأمريكي السابق / دونالد ترامب ، ويتم تكليفه بملفات غاية في التعقيد ، مثل ملف القضية الفلسطينية . ومؤهله الرئيسي هو كونه صِهر الرئيس ترامب . والأمثلة كثيرة جداً .
أما في الأردن فالغالبية المُتابِعة للشأن العام تعرف الطرق التي يجب عليك ان تسلكها اذا وددت ان تصبح وزيراً . طبعاً هذا لا ينطبق على جميع الوزراء ، حيث هناك قِلة قليلة منهم يتم تعيينهم وزراء لأسباب مُشرِّفة ومختلفة تماماً ، منهم من تولى مواقع متقدمة وأدى واجباته الوظيفية بإمتياز ، ويكون نهجه مستقيماً ، مثل هذا النوع يتم التخطيط للخلاص منه بتعيينه وزيراً لبضعة شهور ، وبعدها يتم ركنه في غياهب النسيان . وهذا يتوافق مع نظريتي الإدارية التي سميتها (( التسريع في الترقية للخلاص Promote to Shoot )) . وإلّا ما هو المبرر لرؤساء الوزارات الذين يتسلمون مناصبهم لحوالي العامين ويجرون ( ٥ ) تعديلات على وزاراتهم ، فيخرج عشرات الوزارء من الحكومة ، ويدخل العشرات ، والدليل الأكيد ان وزارة / عمر الرزاز دَخلها وخَرج منها ( ٥٢ ) وزيراً ، وكذلك الحكومة الحالية للآن ، والحبل على الجرار !؟
لكن المُعضلة المُعيبة التي فيها إهانةً ، وإستهتاراً وتزويراً لإرادة الشعب الأردني تتمثل بالآتي :—
١ )) ما الغاية من إعادة وزراء لمواقعهم ، او لشغل مواقع رسمية كبيرة ، بعد ان يكونوا قد أُجبروا على الإستقالة ، لمسؤولياتهم الأدبية او الفنية في حوادث مُميتة أدت الى فقد أعدادٍ من الأردنيين الأبرياء لحياتهم !؟ مما يُشعِر المواطن وكأن هناك إستغباءاً له ، وإستهزاءاً به ، وان حياة المواطن تافهة ، لدرجة ان ذلك لا يستدعي إتخاذ إجراءات بمستوى مأساوية الحدث .
٢ )) ما المنطق من وراء نقل وزير من وزارة الى أخرى ، بنفس التشكيل !؟ ولا يربط بين تلك الوزارات التي يتنقل بينها اي رابط او تشابه في الأداء والإختصاص !؟ نعرف ان الوزير منصب سياسي ، وان كادر الوزارة المتمثل بالأمين العام ، ومدراء الدوائر ، ورؤساء الأقسام هم الذين يديرون شؤون الوزارة . لكن من مهام الوزير الرئيسية التخطيط الإستراتيجي ، ووضع خطط للتطوير وخلافه . إذا كانت لا توجد إستراتيجيات عابرة للحكومات ، فكيف يكون وزيراً عابراً للوزارات !؟ ما هي مؤهلاته !؟ وما هي خبراته !؟ وما هي قدراته !؟ وهل هو أقرب للجوكر منه للإنسان !؟ أم هو سوبرمان !؟
٣ )) كيف لشخص يتم تعيينه وزيراً في وزارة ما ، ويخذل الوطن والشعب بأدائه ، وفساده ، ويتم نقله لشغل موقع آخر خارج الوزارة ، لكن بدخل يعادل أضعاف راتب الوزير ، بالإضافة الى مزايا عديدة مُذهلة !؟
٤ )) لماذا لدينا جواكر كثيرة من الآدميين !؟ ( وين ما بتحطهم بيركبوا ) ، يُشغلون مواقع عديدة تكاد تكون متناقضة في طبيعة عملها ، مما يتطلب مواصفات معينة في شخصية من يُشغلها . حتى لاعب الأكروبات البهلوانية ، يتخصص في حركة واحدة يتيمة لسنوات طويلة حتى يتمكن من إتقانها .
٥ )) ما الداعي لنقل وزير الى وزارة أخرى !؟ إذا كان ناجحاً في إدارة وزارته ، لماذا يتم نقله الى وزارة أخرى !؟ وإذا فشل في إدارة وزارته ، لماذا يتم نقله هو وفشله الى وزارة ثانية !؟
٦ )) لا أفهم ، عندما يخرج وزيراً من الوزارة في تعديل ، لماذا تتم إعادته في تعديل آخر ويعود الى وزارته التي أُخرِج منها !؟ فإذا كان ناجحاً لماذا تم إخراجه !؟ وإذا كان فاشلاً لماذا تمت إعادته !؟
هذا الأسلوب العشوائي المُتبع في إدخال وزراء ليتسلموا وزارات هم ليسوا أهلاً لها ، ويتم إخراجهم من الوزارة خلال شهور ، لم يتمكن خلالها من معرفة أسماء موظفي مكتبه ، وتتم إعادتهم الى نفس الوزارة في تعديل او تشكيل آخر ، او نقله لوزارة آخرى . كل ذلك يدل على ان التعيين لا يتم وفق المؤهلات والخبرات والكفاءات ، بل كلها ترضيات ، ومحسوبيات ، وعلاقات عائلية او شخصية او عملية او توافر مهارات في الفساد . ولغياب المحاسبة لرئيس الوزراء والوزراء ، فكلهم يدخلون الوزارة بدون برامج ولا خطط ولا إستراتيجيات ، ويخرجون بدون محاسبة ، ويعودون لترضية او علاقة خاصة او نكاية بأشخاص آخرين ، او ترضيات مناطقية او جهوية او فئوية .
إعادة توزير من أُجبروا على الإستقالة من وزاراتهم نتيجة حوادث أودت بحياة أردنيين ، وتحت ضغط جماهيري شعبي آني متعلق في الحدث ، يعتبر تحقيراً للشعب ، وتحدياً له ، وإستخفافاً به .
بعض التوزير ، تزوير ، وتحقير لإرادة الشعب ، وإستهتار بالمواطن والوطن . آاااااه يا بلد الإنحطاط الأخلاقي والقيمي والديني والأخلاقي والإداري إستشرى فيكِ الفساد ، وأكل الأخضر واليابس ، وضيّع الوطن ومواطنية ، ولا أحد يعبأ ، او يسمع .