بين شماتة الناشطين الفلسطينيين بأوكرانيا والموقف الأخلاقي

9 مارس 2022
بين شماتة الناشطين الفلسطينيين بأوكرانيا والموقف الأخلاقي

صراحة نيوز – د. أسامة أبو الرب

@dr_osamarub

وصلتني أكثر من رسالة على الواتساب، وشاهدت عدة بوستات بالفيسبوك، تسترجع تغريدة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 12 مايو 2021 أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عبّر فيها عن تعاطفه مع إسرائيل.

وكتب زيلينسكي وقتها “سماء إسرائيل مليئة بالصواريخ. بعض المدن مشتعلة. هناك ضحايا. جرح كثيرون. العديد من المآسي البشرية. من المستحيل أن ننظر إلى كل هذا بدون حزن وأسى. من الضروري وقف التصعيد فوراً حفاظاً على حياة الناس. ”

تناقل هذا البوست كان يتم بشماتة واضحة، من ما يسمى “الناشطين الفلسطينيين” الذين قالوا إن زيلينسكي يذوق من نفس الكأس الذي ذاقه أهل غزة.

لا خلاف على همجية إسرائيلالتي قتلت في عدوانها عام 2021 أكثر من 250 فلسطينيا. ولكن إقحام الشماتة بأوكرانيا في الموضوع لا يخدم فلسطين ولا الفلسطينيين.

صراع الفلسطينيين مع الاحتلال الإسرائيلي هو أخلاقي في الدرجة الأولى، خاصة أنهم الطرف الأضعف أمام إسرائيل وآلتها العسكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية الضخمة، وعندما يتعامل بعض الفلسطينيين بـ”انعدام أخلاق” فهم يدعمون الرواية الإسرائيلية التي تتهمهم بالوحشية والتطرف.

أي عمل يؤدي لإزهاق الأرواح هو مرفوض، سواء من كان ضحيته مؤيدا لإسرائيل أو معارضا لها. وأوكرانيا وشعبها هم ضحايا، وهم يعيشون الآن ويلات الحرب، وهو أمر يعرفه الفلسطينيون لأنهم عاشوه وما زالوا يعيشونه، لذلك فهم أول من يجب أن يتعاطف مع أوكرانيا وشعبها.

لست هنا في وارد نقاش حرب روسيا على أوكرانيا، فمؤيدو روسيا يرون أن أوكرانيا تمارس اضطهادا للسكان الروس لديهم، وأنها تشكل تهديدا وجوديا على روسيا عبر تحالفها مع الغرب، فيما يرى مؤيدو أوكرانيا أنها ضحية ما يسمونه “استبداد فلاديمير بوتين وأحلامه باستعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي”.  لن أناقش ذلك، وليس مطلوبا منا أن نناقش أو نقف في جانب طرف، فهذه ليست حربنا.

بالمقابل نحن نقف ونتعاطف مع جميع الضحايا، في أوكرانيا وروسيا وكل بقاع الأرض، فأخلاقنا تحتم علينا ذلك، فنحن نقف في صف المستضعفين، ونساعدهم بما نستطيع، ولكننا لا ندخل طرفا في أي نزاع.

العالم عينه على أوكرانيا، وستبقى لفترة يبدو أنها ستطول، وآخر ما ينقصنا أن يحمل الإعلام الإسرائيلي تغريدات “الناشطين الفلسطينيين”الشامتة بالقتلى والجرحى الأوكران وينقلها للعالم قائلا إن الفلسطينيين يشمتون في قتل النساء والأطفال في أوكرانيا. فهؤلاء “الناشطون” هم أكبر عدو للشعب الفلسطيني وقضيته، وأكبر حليف لإسرائيل.

الاخبار العاجلة