أكاد أُجنّْ ، عندما سمعت ما تجرأت وتلفظت به هذه المخلوقة ، متسائلاً : لو كانت تعرف العيب ، هل تُقدِم على ما أقدمت عليه !؟ بداية أرى ان نعرف ما معنى العيب ، كلمة عيب مجرد التلفظ بها تعطي إنطباعاً سلبياً ، ومن معاني كلمة عيب المعاني التالية : — وصمة ، نقيصة ، شائبة ، مذمة ، عورة ، ( عملٌ ناقص يلحق بصاحبه وصمة عار ) ، العيب هو لنقصان شيء مثل الإحترام — أي ان من يرتكب عيباً يعني انه غير محترم – وقال الفيلسوف افلاطون (( غاية الأدب ان يستحي المرء من نفسه)) .
المخلوقة ، التسمية الأصح ، لان الصِحة لا تكتنف سيدة ، او آنسة ، او مكرمة ، او فاضلة ، او انسانة لانها لا تنطبق ، فكلمة مخلوقة أصدق ، وأدق لانها تندرج ضمن مخلوقات الله وليس آدمييه . للتحديد سوف أسرد الكلمات البذيئة التي تلفظت بها بالضبط : — [[ شعب ما بيستحي على حاله / شعب (ئليل ) قليل حيا / شعب بستاهل الكندرة / شعب بستاهل يندعس على راسه / عيب .. عيب / كتير عيب اللي ( آعدين ) قاعدين بتعملوه ) كتيييير عيب ]] .
لنقتفي أثر تلك الكلمات الموجعة . بداية إستخدام الفاظ التعميم للإساءة الى شعب بأكمله ، يعكس شيئين لا ثالث لهما : الأول : الجهل : لان إستخدام اسلوب التعميم في توصيف شعب ما ينم عن جهل او حِقد ، لان الشعب الأردني لم يدعو بعامته على المسؤول الذي له صلة في الموضوع الذي إستفز المخلوقة . وثانياً : الغطرسة والترفع لدى تلك المخلوقة وتكون مستمدة من موقع ، ومركز المسؤول ، وبالتأكيد تكون المخلوقة قد تراكم لديها هذا التحقير للشعب مما تسمعه منه ، فأحست بان الشعب قد ظلمه .
ويمكن ان نستنتج من إعتراضها على دعاء حسبي الله ونعم الوكيل بانها تَعتبر ان الله سبحانه وتعالى غير عادل وان الذات الالهية ستستجيب لدعاء هذا الشعب الظالم ويخسف بهذا المسؤول الأرض ويطاله عقابه . وانها لا تدرك انه ليس كل دعاء يُستجاب وان هناك شروط عند رب العِزة للإستجابة للدعاء ، فاذا كان الداعي مظلوما ينصفه الله واذا كان المدعو عليه غير ظالم فسيذهب الدعاء هباءاً .
أما قولها أننا شعب لا نستحي ، ففي معتقدها انه بمجرد إقدام الشعب على إنتقاد المسؤول ، وان يتجرأ ويدعو عليه ، فأن هذه الجرأة على أسياده تعتبر وقاحة . لذك كررت التأكيد بربط توصيفها في (( الكندرة )) كدليل على وضاعة هذا الشعب لانه تجرأ على أسيادة حتى ولو بالدعاء الى الله ، لانه يفترض على هذا الشعب ان يقبل ان (( يندعس على راسه )) . أيتها المخلوقة : أكثر من هيك دعس !؟
على فكرة تجبرها وغطرستها وتعاليها مستمدة من غطرسة المسؤول الذي تنتصر له ، وتستند عليه وتتكيء على المتوارث من غطرسة الحكومات وافرادها وبانهم فوق القانون وان الشعب أراذلة انذال طبقة منحطة لا يأبهون بها ، وما عليها الا الإنصياع . شعبٌ مُبتلى ، لا يُكتفى بحكومات متعاقبة منذ عقود ، أثبتت هُزال أدائها ، وإنتفاء إنتمائها للوطن ، بل لم يسلم هذا الشعب من تجرؤ ذوي تلك الحكومات الهزيلة . رضينا بالهم ، طلع حتى الهم مش راضي فينا ، (( البين علينا ، يطسنا طس )) .
الحمد لله على كل عطاياه ، الحمد لله أنني لا أُجيد ، ولا أُحبذ ، لا بل أكره أساليب الردح . لذلك سأكتفي ببعض الأبيات المنتقاة للشاعر / حيدر محمود ، من قصيدته نشيد الصعاليك ، التي ألقاها في مهرجان عرار الشعري بتاريخ ١٩٨٩/٤/٣ حيث يقول :—
عفا الصفا .. وانتفى يا مصطفى .. / وعلت .. ظهور خير المطايا شر فرسانِ
فلا تلُم شعبك المقهور إن وقعت / عيناك فيه على مليون سكرانِ
فأمعنوا فيه تشليحاً وبهدلةً / ولم يقل أحد لا كاني ولا ماني
يا شاعر الشعب ، صار الشعب مزرعة / لحفنةٍ من عكاريت .. وزعرانِ
لا يخجلون .. وقد باعوا شواربنا / من ان يبيعوا اللِّحى ، في أي دُكانِ
فليس يردعهم شيء .. وليس لهم همٌ / سوى جمع أموال .. وأعوانِ
وأختم بأبيات للشاعر / صيام المواجدة ، يقول فيها :—
خُذ ما تبقى / من سراب العيش / ما عادت تواتينا الحياةْ / إذ نحن شعبٌ / أدمن الإذعان / يرجو الماء / من كفِّ الذي تبت يداه .