صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
مع صدور قرار تعيين جابي جديد للضرائب، يمتاز بإيمانه الشديد بزيادة التحصيل الضريبي ، وإصراره القوي على تنفيذ القرارات الضريبية ، هذا الجابي كان القاسم المشترك في القرارات الضريبية للحكومتين الحالية، والسابقة حتى لقب ب ” عراب الضريبة ” ، وهذا القرار يعيدنا إلى تلك السيناريوهات المقترحة على تعديل قانون ضريبة الدخل ، لزيادة الإيرادات بتوسيع قاعدة الأفراد الخاضعين للضريبة من خلال تخفيض الإعفاءات الممنوحة لهم ، الذي سيؤدي إلى تراجع في مستويات المعيشة والإضرار بالأحوال المادية للمواطنين ، والقضاء على الطبقة الوسطى في الاردن.
وتعكف الحكومة على الانتهاء من تعديل القانون بعد مراجعته وإحالته إلى ديوان التشريع والرأي ، ليقر من قبل مجلس الوزراء ، قبل تحويله إلى مجلس الامة بشقيه لإقراره نهائيا قبل صدور الارادة الملكية بحقه .
ومن أخطرالتعديلات المرتقبة على القرار- إلى جانب تخفيض الاعفاءات الضريبية على دفعة جديدة من السلع الغذائية – خفض الاعفاءات الضريبية الخاصة بدخل المتزوج من 24 ألف دينار سنويا إلى 18 الف سنويا ، فيما تخفض للأفراد غير المتزوجين من 12 الف سنويا إلى 8 الاف سنويا ، وإخضاع دخل الزوج وزوجته العاملة للضريبة ، ومضاعفة نسبة اقتطاع البنوك والشركات المالية من فوائد الودائع والعمولات وأرباح الودائع لصالح الضريبة .
ولما كانت الجباية تعد الضريبية مساهمة من الافراد في التكاليف والأعباء العامة لتغطية نفقات الدولة ، لذا يتم اخضاع جميع المواطنين والمقيمين والأجانب للجباية ، بفرض ضريبة على الدخول الشهرية ، والعقارات التي يمتلكها الأفراد ، وحتى ما بعد الموت من خلال انتقال التّركة للورثة اذ يتم فرض ضريبة على قيمة التركة قبل توزيعها ، لتدخل الحكومة وريثا شرعيا مع المواطن .
المقلق في الأمر أن الجابي الجديد اكتسب خبرته من خلال عمله ممثل شركة ادارة المساهمات الحكومية في مجلس إدارة الفوسفات ، وحصوله على مرتبة الشرف التي وظفها لغايات رفع الايرادات الضريبية .
وعلى الرغم من أن السبب الأول في خسارة خزينة الدولة ، هو عدم ضبط آلية التخمين للأراضي والعقار في دائرة الاراضي والمساحة ، والتي تتم بالاتفاق بين جميع أطراف البيع: البائع والمشتري والمخمن مما يزيد من مساحة التهرب الضريبي، الذي تفاقم بسبب عدم ضبط التهرب الضريبي للشركات والأفراد،ما أدى إلى تقليل الايرادات الضريبية ، في ظل غياب الرقابة ،والتهاون في تغليظ العقوبات للحد من هذا التهرب ، أو حتى محاسبة المتهربين ، والقيام ببعض الاجراءات التي تهدف إلى حماية المتهربين ضريبيا ، والتساهل في تطبيق القوانين، وعدم تنفيذ حكم المنع من السفر لعدد من المتهربين ، على الرغم من وجود عبارة (ممنوع من السفر)، بجانب عدد من أسماء المتهربين من أصحاب النفوذ والأوزان الثقيلة ، وهذا مثبت على الموقع الرسمي للضريبة ، إلا أن هذا المتهرب يبقى يتمتع بحرية التنقل داخل البلد وخارجه.
وزاد الامر عن حده ، حتى وصل حد حماية المتهربين ضريبيا؛ بوضع الألقاب قبل أسماء المتهربين من أصحاب الحظوة ، لتمييز هذه الفئة التي يقع ضمنها عدد من أصحاب الحصانة السياسية أو البرلمانية ، ضمانا لعدم المس بمكتسبات الفاسدين والمتهربين والمستغلين لوظائفهم وحصاناتهم ، وحمايتهم وصون مكتسباتهم التي تقوم على خسارة الدولة من الايرادات .
وحماية هؤلاء المتهربين المتنفذين ، وصل حده بفرض رقابة على من تسول له نفسه من موظفي ضريبة المبيعات والدخل، الدخول على صفحات هؤلاء ، وتعريضهم للمساءلة والتحقيق معهم ، لتتضح الصورة بأن المراد هو حماية المتهربين ضريبيا من حراس البوابة الضريبية .
وما على المواطن إلا الانتظار ليتحقق فيما إذا كان ينطبق علينا المثل القائل : “طلعنا من تحت الدلف وقعنا تحت المزراب “، وفي كلتا الحالتين سيتجرع المواطن المرارة .