حليمة .. وعادتها .. القديمة

26 أبريل 2020
حليمة .. وعادتها .. القديمة

صراحة نيوز- بقلم عوض ضيف الله الملاحمه

يقول المثل : رُبَّ ضَارةٍ نَافِعة ، والأزمات عند العُقلاء ، تُوَلِّدُ تَفاهمات ، ومُعطيات وآليات جديدة ، وإستعدادات للتغيير ، والجُنوح الى العقلانية ، ومُراجعة الأخطاء ، والبِناء على الإيجابيات . وعليه ، اذا تَعَقْلّْنا ، نرى ان جائحة كورونا المُرعبة ، والمُكلفة ، والمُربكة ، كَشفت لنا كمواطنين أن حكوماتنا من الممكن ان تكون وطنية وخَيِّره ، ويُمكنها ان تُعزز ولاء الشعب لها ، وان الشعب ليس عَبثياً في مُعارضته لنهج حكوماتنا المتعاقبة، وأنه يتمنى ان تكون الحكومات إيجابية في إدارتها لشؤون الوطن ليكون الشعب معها وفي صَفِّها مؤيداً لها ومُسانداً ومُتفهماً .

كمواطن اردني ينتمي لوطنه ويعشق ترابه ، أود ان أسْرِدَ الإيجابيات التي نتجت عن تغيير الحكومة لنهجها في ظل أزمة فايروس كورونا . حكومتنا الحالية غَيرت نهجها بالكامل وارتقت لمستوى الحدث والخطر الذي هدد الوطن ومواطنيه وتفوقت على الكثير من بلدان العالم المُتحضِر المُقتدِر . اداء حكومتنا الحالي تميز بالشفافية ، والوضوح ، والمصداقية ، والحرص على الوطن والمواطن ، وتذليل كل الصعاب لما فيه مصلحة المواطن ، واحترام المواطن والحرص على حياته ، وصون كرامته ،محاولة تجاوز الصعاب المالية للتخفيف عن المواطن ، وحمايتة حتى من نفسه عند تصرفه برعونة او طيش او جهل او استهتار ، وإيصال المعلومة الصحيحة الصادقة بشكل سريع ومباشر لقطع الطريق على الإشاعات ، والمغرضين والمتصيدين . متمنياً ان يصبح هذا التغير الإيجابي نهجاً وطنياً مستمراً عابراً للحكومات ، أؤكد عابراً للحكومات ، وليس مرتبطاً بأشخاص وتميز اداء بعض الوزراء ، فإذا غُدر بهم ، وغادروا مواقعهم ، ترجع هذه الحكومة ، والحكومات القادمة الى سابق نهجها غير الوطني . لانني بعين المراقب ، بدأت ألمح بعض الهنات ، التي من الممكن ان تتحول الى هفوات ، وها قد حصلت بعض ( الطبطبات ) للسكوت على بعض المخالفات التي تصل حدّ الانحرافات . كما تشهد مرحلة التخفيف من الحظر الكثير من التخبط ، الذي يكشف ضعفاً لدى بعض الوزراء في إدارة قطاعاتهم .

أما المواطن ، فقد اثبت ان معارضته لنهج الحكومات ليس عبثياً ، وأنه لا يتصرف بتوجيهات وارتباطات خارجية ، وأنه مواطن إيجابي النهج ، يبحث عن الإيجابيات في اداء الحكومات ليعززها ، ويعظمها ، ويشيد بها ، ويساندها ، ويدعمها ، ويقف في صفها داعماً ، ومؤيداً ، ومناصراً لها ، اذا كان نهجها وطنياً يراعي ظروف المواطنين .

بناءاً على ما سبق أتمنى ان يختلف نهج الحكومة بعد تهديد كورونا عن نهجها قبل هذا التهديد ، وان يستمر نهجها الحالي بعد انتصارنا على هذا الوباء ، ان شاء الله . وان نعتبر هذه المرحلة هي المرحلة التي يمكن البناء عليها وتعزيزها والاستمرار بنفس النهج وان نسعى لمصالحة وطنية بين الحكومة والشعب ، لتكون الحكومة في صف الشعب ، وان تكون سياساتها لمصلحة الوطن والمواطن ، وان لا تعود الى نهجها السابق ، وان تكون شفافة ، صادقة . وان لا تعتقد مُخطئةً بان الشعب نسي مطالبه ما قبل كورونا .

كما نتمنى ان تجتهد الدولة الاردنية باختيار الوزراء الاكفياء ، الأنقياء ، الشرفاء مثل بعض الوزراء الذين تصدروا المشهد اثناء هذه الازمة وخلقوا مصداقية بينهم وبين الشعب ، وفرضوا وطنيتهم ومهنيتهم واحترامهم . حيث قاموا بواجباتهم بكل اقتدار ، ومهنية ، وثقة ، وجدية ، واثبتوا انتمائهم للوطن من خلال عطائهم وصدقية أدائهم ، والسبب انهم ليسوا طارئين على الوطن ، ولم ينزلوا بالباراشوتات ليتسلموا مواقعهم . تميز الوزراء الذين تحملوا مسؤولياتهم في أزمة كورونا يدل دلالة قاطعة وأكيدة على صحة ما كان يطالب به الشعب باختيار الوزراء الاكفياء المنتمين للوطن والحريصين على المواطن ، غير ( المعنطزين ) الاستعراضيين . وعليه يجب ان تأخذ الدولة الاردنية العميقة هذه التجربة وتعتبرها نهجاً لإنتقاء الوزراء .

لنأتي الى كلمة سواء بين الحكومة والشعب ،فنحن منكم وأنتم منا ، ونحن لكم وأنتم لنا ، وأنتم مفروضون علينا ، ونحن مفروضين عليكم ، لانه لا وطن لنا غير هذا الوطن . تعالوا لنحدد المطلوب منكم ، والمطلوب من الشعب .المطلوب منكم الآتي :ان لا تعودوا الى نهجكم السابق ، وان تستمروا بنهج الشفافية ، وان تحاربوا الفساد الذي دمر البلاد ، وأنهك العباد ، وان تقوموا بعمل تسويات مع كبار الفاسدين ، لإسترجاع الجزء الأكبر مما نُهب ، وذلك إقتداءاً بتجربة الرجل العظيم مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا ، الذي جمع ما يقارب ال (٥٠ ) مليار دولار في غضون أسبوع ، لانه استهدف كبار الفاسدين وليس صغارهم كما هو نهجكم انتم والحكومات السابقة . وان تضعوا سياسات اقتصادية ومالية وطنية ليست مفروضة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الصهيونيين الروتشيلديين ، اللذين يداران من المدينة ( The Cit ) في لندن مدنية المال والأعمال صهيونية النهج ، وان تتبعوا نهجاً يخفف الضغط على المواطن الذي يعاني الضنك ، والعوز ، والفقر ، والمذلة ، ليعيش بكرامة ، وان يسود العدل ، وتنتهجوا العدالة في كل شيء ، أوليس العدل أساس المُلك !!؟؟ وان يتم إلغاء كل الهيئات التي طرأت خلال العقدين الماضيين ، التي تقضم اكثر من ربع موازنة الدولة الاردنية ، والتي لم يكن إنشاؤها لغايات وطنية ، وإنما لتنفيع المحاسيب وأقارب المتنفذين .

اذا استغليتم هذه الحالة الوطنية الرائعة والمتمثلة في الانصهار الشعبي مع حكومته ، التي من الصعب لا بل من النادر ان تتكرر ، وعاهدتم الشعب لتكونوا حكومة وطنية ، لكم من الشعب الوفاء والانتماء والمساندة للارتقاء بالوطن .

أُكرر ، تعالوا لنبني ايجابياً على الانسجام لتوحيد الجبهة الداخلية . تعالوا الى كلمة سواء بيننا عنوانها مصلحة الوطن والتخفيف عن المواطن وان يكون المواطن محور الاهتمام والتنمية وتخيف اعباء المعيشة ، فالفقر يُذهب العقل . والله لو لم تُنهب مقدراتنا الوطنية ، ولو أُحسن إدارة مواردنا لعشنا أعزاء ، وليس أذلاء كما نحن الان نستجدي المعونات .

وددت ان اكتب هذا المقال وان اطرح هذه المناشدة لحكومتنا لنبني نحن واياهم على تميز وطنية أدائهم في تعاملهم مع الجائحة العالمية التي ألمت بالوطن .
في جائحة كورونا ، عرفناكم ، وعرفتونا ، وخبرناكم وخبرتونا ، لنعاهدكم وتعاهدونا ، ونوعدكم وتوعدونا ، على استمرار هذا النهج ، وان لا ترجعوا الى سابق عهدكم .

قد يقول قائل ان الوقت غير مناسب لهكذا مقال ، أقول بالعكس هذا الوقت مناسب جداً ، حتى ننبه الرئيس ان يستمر بنهجه ونهج وزرائه المتميزين الذين تصدروا المشهد ونجحوا بإعادة الثقة وتجسير الهوة بين الحكومة والشعب ، حتى يبقي على مساره قبل الإنحراف والعودة الى التردي السابق الذي أطاح بالوطن ودمّر المواطن . نعم هذا وقت هذا المقال لان بعض الانحرافات بدأت تطل برأسها . لندعو أنتم وأنا : (( يا رب ما تعود حليمة لعادتها القديمة )) .

الاخبار العاجلة